"بدائل عن ضريبة القيمة المضافة"

خلفان الطوقي

تفصلنا خمسة أشهر من اليوم عن نيّة الحكومة في فرض ضريبة القيمة المضافة وذلك بإضافة ٥% لكل السلع الموجودة في السوق العماني، أضف إلى ذلك نية الحكومة إلى فرض الزيادة المقررة لكل الخدمات التي تقدمها بلدية مسقط وبلدية ظفار وبلدية صحار وباقي البلديات الإقليمية والتي تأجل فرضها من يونيو الحالي إلى بداية يناير ٢٠١٩م، هاتان الإضافتان قد سبقتها إضافات في النسب في بعض الخدمات الحكومية كمعاملات البيع والشراء والضرائب لبعض السلع الانتقائية.

استعراض سريع لوتيرة الرسوم والضرائب غير المباشرة السابقة والمستقبلية يهدف منها معرفة مزايا وعيوب فرض رسوم وضرائب إضافية على الاقتصاد الكلي لسلطنة عمان، فلو بدأنا بالمزايا فاهمها: زيادة إيرادات الدولة وإن كنت لا أتوقع أن يتحقق هذا الهدف، والتوافق مع نصائح صندوق النقد الدولي التي تدعو دائما إلى إيجاد موارد تضمن ديمومة الدولة بغض النظر عن ظروف الدولة والآثار السلبية التي قد تحصل، ورفع التصنيف الائتماني لدى المؤسسات المقرضة والداعمة خاصة المؤسسات والبنوك الدولية.

أمّا بالنسبة لعيوب هذه الضرائب ورفع الرسوم فأهمها: تحويل البيئة الاستثمارية في السلطنة إلى أرض طاردة ليس للمستثمرين الخارجين الحاليين فحسب بل لأصحاب رؤوس الأعمال من العمانيين، واتجاه رؤوس الأموال هذه سوء المحليين أو الأجانب إلى بيئات استثمارية أكثر جذابا، وتوقف المستثمرين المرتقبين إلى القدوم إلى السلطنة والاستثمار فيها، وقلة المعاملات التجارية من بيع وشراء بسبب ارتفاع رسوم المعاملات الحكومية، والتي قد تشجع الناس على التحايل وإيجاد طرق ملتوية لتفادي دفع هذه الرسوم وبالتالي قلة الدخل الحكومي بدلا من زيادته،  أضف إلى ذلك ارتفاع نسبة التضخم في الأسعار، مما يعني ضعف القيمة الشرائية للمواطن والمقيم، هذا كله سيضعف النشاط الاقتصادي مما يتسبب في إغلاق الكثير من المؤسسات التجارية بجميع فئاتها ومن كافة النشاطات، مما يعني زيادة البطالة ونسبة الباحثين عن عمل، وستزيد نسبة إخلاء الشقق والمكاتب التجارية وعدم قدرة المستأجرين أو السكان من دفع المستحقات الشهرية، مما سيسبب أرقا وصداعا في المحاكم والجهات الأمنية والقضائية الأخرى، هذه جزء من الظواهر التي تسمى بالانكماش الاقتصادي وعواقبه كثيرة ومؤلمة وتجرى بعضها بعض وآثارها السلبية ستكون من كافة النواحي الاجتماعية والاقتصادية والأمنية.

فهل للحكومة بدائل أخرى، أجزم أنّه هناك بدائل أخرى وإن كانت على المدى المتوسط،  وأهمها غض الطرف في الوقت الحالي عن موضوع الضريبة المضافة خاصة أنّ توقيتها غير مناسب وذلك بسبب أن الوضع الاقتصادي التي تمر به منطقة الخليج الذي يشوبه الكثير من التحديات والتي من الممكن بزيادة الضرائب والرسوم ستساهم في إغلاق الكثير من المؤسسات الكبيرة والمتوسطة والصغيرة، ويمكنني أن استشهد بمثال المؤسسة التجارية في الوقت الراهن كالرجل الغريق، وتراه في وسط البحر مثقلا بالأوزان التي تصعب عليه السباحة ليصل إلى بر الأمان، فإما نساعده بإزالة الأثقال، أو نزيده بهذه الأثقال، فالعقل والمنطق يقول إن علينا إزالة هذه الأثقال قدر الإمكان، ولو بشكل مؤقت إلى أن يصبح سباحا ماهرا ويستطيع الاعتماد على نفسه ومواجهة ظروف البحر المختلفة.

من الحلول والبدائل التي قد تكون صعبة لكنها مهمة خاصة خلال الأشهر الخمسة القادمة هو تطوير مؤشرات ونسب الأداء لكل المؤسسات الحكومية ومهمتها رفع نسب الأداء بحيث تلزم كل مؤسسة حكومية لزيادة التراخيص الممنوحة بنسب معينة وتخليص معاملاتها في باقي المؤسسات الحكومية المانحة للتراخيص، ولنجعل من زيادة النسبة هدفا وطنيا معلنا لكل أطراف العلاقة من المؤسسات الحكومية المانحة لهذه التراخيص والتاجر المحلي والتاجر الخارجي، وتفعيل كل أدوات التسويق المحلية والدولية حتى ومن خلال سفاراتنا في كافة الدول والمكاتب التجارية المنتشرة في بعض الدول.

يوجد بديلان أحدهما في شكله يبين أنّه "سهل" وفيه سيكون المواطن - وإن لم يعلن عن ذلك صراحة- شريكا غير مباشر في دفع الرسوم وآثاره ستكون مؤلمة، والبديل الثاني يعتبر طويل المدى ومستدام ويفتح آفاقا واسعة للانعاش الاقتصادي والتوظيف ورفع نسب النمو وإيرادات الدولة وتطور المستوى المعيشي للمواطن والمقيم وغيرها الكثير من الآثار الإيجابية، فأي البدائل سوف تختار الحكومة؟ لن يستطيع الإجابة عن هذا السؤال أحد عدا الجهات المسؤولة عن "الملف الاقتصادي" لننتظر ونرى.