أحبُّ العناقات أكثر


فاتن باكير - سوريا


هذا البلد الذي يتوجع من النسيان يشبه امرأة حاملا تموت من المخاض ألف مرة
وكل مرة تنجب طفلا ميتا
لماذا علينا أن نركض خلف سيارة الإسعاف مادامت ستموت على أية حال؟!
جربت أن أدسَّ العسل في السم كي لا يلدغني المذاق المؤلم
كأن أصدق مثلاً أن الأرصفة طويلة المدى كي توصلني إليك
وأن الرصاص الذي نسمعه من بعيد ليس إلا سياجًا من نار يحرق نفسه فقط
ليس هناك عدل أن يكون لنا وطن ولا نملكه
أن يكون لي بيت ولا نسكنه
ألا يكون الهواء كافياً كي أتنفسك

أنا لا أملك الحب إلا قليله.. وأنت كثيرُه
أحبك حين أفرغ من الحياة
حين تكون الخطوة إليك أشبه بانتحار وأريد أن أحيا
لحظتها - ربما- عليّ أن أحتفظ بصبر كثير كي أدعي الموت

هناك ....
حيث يمكنك أن تقول لي (أنا أشتاقك يا بنت أكثر من الشوق نفسه)
مثل سكران لم ينتبه أن زجاجته فرغت
وأنتشي من سكراتك
لو كان بيننا خطوة الآن لجعتلك تكفرّ عن كل لحظة بعدُ بقبلة
أو ربما بعناق لأنني أحب العناقات أكثر
إنها تفضي إلى المكان الذي أخشى أن نصله
كأن أكتشف أن كل الذي شعرت به هو أضغاث أحلام
وأننا نتقاسم الفقدان مجدداً فنكتب عن أمهاتنا
إنهن صغيرتان على الوداعات
ومن الغريب أنهن لا يعرفن العربية
ولكنهن يبتسمن كثيراً لدرجة أنني بدأت أصدق أن أمي لم تمتهن الغياب

أجمل ما أنت عليه الآن هو (صوتك)
لأنك أينما تذهب يوقظني من غيابي
أحمله في حقيبتي على هيئة تسجيلات صوتية
كلما هاجني الشوق وقتلتني الرغبة أسمعك
أشعر كأن أوتارك الصوتية مثل ريح توقظ كل ماهو دافىء فيَّ
فأعود إلى براءتي الأولى وأحبك كما لم أفعل من قبل

 

تعليق عبر الفيس بوك