ينهشني وجـــعٌ آخــر


فاتــن باكــــــير - سوريا


كنتُ أريد أن أصير غير الذي أنا عليه الآن
جزءَا من أي شيء محبب يكونّ الحياة
مثلاً: خيط يربط كل المحبين كي لا يهرب أحد
كي لا تهرب مني
وكي لا تطول المسافات أكثر
***
لا أحب نفسي بدونك، أشعر وكأنني كائن ضعيف تتربص الحياة به على أقل خطوة
وكأنك جناح أريد أن أطوي روحي تحته
وكأنك مظلة أريد أن أحمي هامتي من الخوف
وكأنك نافذة أريد أن أطل منها على العالم الآخر الجميل الذي لم تلوثه الحرب بعد.
 ***
كل صباح أعدّ أصابعي التي فقدتها ليلة أمس
 وأنا أكتب إليك..
ثمة لطخة أحاول أن أمحوها على الورق
كلما كتبت إليك تزداد هذه اللطخة
وكأنها تنهرني أن أتوقف
أن أتنفس
أن أمسح نظارتي المغبشة كي أرى جيداً ما أفعل
ثمة نقطة مفقودة من مجموع النقاط التي أكتبها عادة كلما أطلت الغياب
أأنت مريض؟
متعب؟
حتى رسائلك تبدو متعبة وتشهق من الخوف
لماذا عليك أن تطوي كل روحك في حزن طويل؟
لماذا لستُ في ميزان حسناتك؟
وكأنك تمنعني من نفسك، من كلِّك، من كل ما يحولك إلى (أنت).

أنا نحيلة ليس لأنني هشة الجسم
بل لأنني غير قادرة على جعل الحياة تقتنع أن ليس كل روح تنفخها قابلة للعيش
هناك أسباب تجعلني أفكر كل لحظة بجدوى كوني (أنا)
مثلاً لماذا ولدتُ بشهر النكسة وليس بشهر أكتوبر!!
لماذا ولدتُ اصلاًً قبل موعدي الحقيقي بأسابيع !!
لماذا كلما أتعثر برجل أفكر بك؟
لماذا لم أستطع إنجاب أكثر من ثلاثة أطفال وأنا المفتونة بالعائلة الكبيرة!
لماذا عليّ أن أعطي أكثر مما آخذ وأنا المحرومة من الآخذ دائماً!!
الساعة الآن الخامسة والنصف صباحاً
طلع الضوْء
أريد أن أنهض قبل أن ينهشني وجعٌ آخر
أريد أن أفكر أنك أنت أيضاً استيقظت وفكرت بي
وقلت لنفسك (سأكتب لتلك المجنونة رسالة كي لا يقتلها حزناً أخر)
(كي يكون هناك سبب كي تبتسم لي).

 

تعليق عبر الفيس بوك