وقفات دعوية

رمضان فرصة عظيمة لفعل الخير وخدمة الناس

 

منذر بن عبدالله السيفي

تمتلئ قلوب المؤمنين بالسرور وتمتلئ نفوسهم بالراحة في شهر الرحمة والإحسان، شهر القرآن وموسم الطاعة والرحمة والعتق من النار، في رمضان شهر الهدى والفرقان الذي جمع الله فيه خلال الخير كله.

ومن الأمور التي يجب التنبيه عليها ويقع فيها كثير من الصائمين والصائمات على حد سواء جهل كثير من الناس بفضائل رمضان فيجعلونه كغيره من الشهور دون الشعور بروحانيته ولذة مناجاة الله تعالى فيه، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم "إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار وصفدت الشياطين".

وفيه ليلة هي خير من ألف شهر كما أخبر الله تعالى بذلك في كتابه العزيز حين قال "إنّا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر سلام هي حتى مطلع الفجر".

وقوله"إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنّا منزلين فيها يفرق كل أمر حكيم".. فالعبادة في ليلة القدر خير من عبادة ألف شهر أي ما يربو عن ثلاث وثمانيين سنة ومن منا يعيش إلى هذا العمر إلا القلة القليلة من الناس فالواجب على كل مسلم أن يغتنم هذا الشهر ويستغل أيامه ويسعى فيه إلى الخير وخدمة الناس وتفطير الصائمين، إن وجد لذلك سبيلاً ويتقرب إلى الله ويرفع أكف الضراعة إليه تعالى بدعاء ينفعه في الدنيا والآخرة حتى ينال به الثواب ومغفرة الذنوب ورفع الدرجات إلا أن بعض العباد يضيق صدره إذا علم بقدوم شهر رمضان وغالب هؤلاء من المدخنين وغيرهم لأنهم يجدون أنفسهم لا يستطيعون مجاهرة الله عز وجل بهذه المعاصي التي تعودوا عليها وحاربوا الله سبحانه وتعالى بها.

إذاً فالرسالة الواجب تقديمها لمثل هؤلاء الناس قولنا لهم ناصحين إذا كان بمقدور الواحد منكم الامتناع عن هذه السموم التي تفتك بالعمر والصحة فأفعل إن كانت لديك القوة والقدرة على تركها خلال شهر رمضان أتعرف أن أحد السلف قال: لو أعلم أن شرب الماء يقدح في عدالتي ما شربته؛ فكيف بك أنت يا شارب الدخان والخمر والشيشة بشرب هذا مع معرفتك مخاطره ومضاره واتفاق أهل العلم على تحريمه؛ أليس هذا من العجب العجاب وصنف آخر من الصائمين إن صح أن يطلق عليهم صائمين لا تراه أبدًا إلا في فراشه الوثير في غرفة نومه لا يستيقظ إلا حال إخباره بدخول وقت الإفطار، أما ليله فسهر إلى آخره إما في الملاعب أو تحت شاشات تلفاز يقلب القنوات عن أفضل المسلسلات والأفلام التي لا تبث إلا في شهر رمضان أو سهر في القيل والقال وأكل أعراض المؤمنين والمؤمنات أو المشي في الحارات والأزقة ينظر إلى النساء اللآتي لا يعرفن لرمضان قدراً، وهكذا يمر عليه رمضان دون توبة واستغفار وإنابة وشكر للمنعم على ما أنعم عليه فتضيع الأوقات في غير ما أراد الله عز وجل وحدث ولا حرج عن متابعة قنوات الفوازير وحل الألغاز والأحاجي والمشاركة في المُسابقات النافعة وغير النافعة.

 فالواجب على كل مسلم أن يغتنم هذا الشهر ويستغل أيامه ويسعى فيه إلى الخير وخدمة الناس وتفطير الصائمين، إن وجد لذلك سبيلاً ويتقرب إلى الله ويرفع أكف الضراعة إليه تعالى بدعاء ينفعه في الدنيا والآخرة حتى ينال به الثواب ومغفرة الذنوب ورفع الدرجات.

كما أنَّ رمضان أصبح عند الكثير فرصة الأكل والشراب فتجد الأكل المنوع عند مائدة الإفطار ولا يرفع يديه عن الأكل إلى أن يصل لدرجة التخمة وكأن الصلاة في المسجد لا تعنيه وليس مخاطباً بها وقد أجريت إحصائية في إحدى الدول فوجدوا أن كميات الأطعمة والمشروبات التي تستهلك في رمضان أكثر منها بكثير في أي شهر آخر وهذا مشاهد وملحوظ فالنساء من أول الظهر في المطابخ يصنعن لذائذ الطعام وأكثر من عشرة أنواع فقط عند الإفطار ناهيك عما سيأتي بعد صلاة المغرب والتراويح والسحور. يقول النبي صلى الله عليه وسلم "ما ملأ ابن آدم وعاء شراً من بطنه، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه فإن كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه".

فالجدير بكل مسلم أن يستلهم من النبي صلى الله عليه وسلم الدروس والعبر ويدعو إلى الله على بصيرة، وقال صلى الله عليه وسلم "إنَّ هذا الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه يسيروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا" وما دخول الناس في دين الله إلا بفضل المُعاملة الحسنة والأسلوب الراقي ونحن نجد أن كثيرا من الناس اعتنقوا الإسلام بسبب التعامل بالحسنى وهكذا كان التجار العمانيون حينما ذهبوا إلى البلدان مثل زنجبار وبروندي وغيرها من الدول لغرض التجارة كانوا ينشرون الإسلام بأخلاقهم وتعاملهم الراقي، فكان لهم السبق في نشر الإسلام في تلك البقاع وكان آخر الدعاة الذين اشتغلوا بالدعوة ونشر الإسلام بأخلاقه وتعامله الشيخ المكرم خلفان بن محمد العيسري، الذي بكاه الصغير والكبير لخلقه الحسن في التعامل مع الناس، وكان فريداً في أسلوب دعوته ونشر الإسلام داخل عمان وخارجها فأقنع من دعاه.

 

 

 

 

 

 

 

تعليق عبر الفيس بوك