د. علي منصور – مصر
(1)
حين أذاع المذياع بيانه
وتوقف ( رمضان ) لدى الأبواب يوزع ألحانه
لم ترعشني الفرحة ..
فخرجت الى الشارع ، أتلفت ، علي أتذوق ألوانه
لكنى رحت أحدق في قسمات وجوه الناس ، أحدق في
خطوات القدمين ، وفي حركات الكفين ، وفي معنى الكلمات
المحبوسة طى الفم ، ظللت أحدق في قلق الشفتين ، وفي
أشكال الأنف وفي لفتات الأبواب وإيماءات الدور المتهالكة
الأنفاس ، ظللت أحدق في أحلام الناس ، أعانقها فتفيض
برائحة الشوق إلى الفاكهة وتسألني بعض مذاق الأطعمة
الرمضانية ، أفراح الأطفال بلون الشمع ، ظللت أحدق في
حارات مظلمة حتى أوقعني التيه غريقا في بئر اللاوعى السريالى .
(2)
لما نودى لصلاة الجمعة
كنت أصافح بيت الله بركعة حب تتلوها ركعة
وتجاورنا ..
نحن الفقراء ، سواد الشعب ، سواعدنا شمعة
وأولئك ناس تحصرهم أطفال الفقراء على كف عجوز راحت
تخبرهم كيف تكون الأرقام الأولى ، وأولئك قيل عليهم سادتنا
جاؤا فاستمعوا معنا الخطبة قصصا زائفة تبعث فينا نحن الفقراء
سحابا وغيوما حتى تتكاثف من أعيننا الدمعة إثر الدمعة .
وتصافحنا – حرما ، جمعا – وتسابقنا بعض الفقراء تجاه الباب ،
تقاتلنا حين تهادى أحد السادة يلقي بعض قروش لحثالات ، تخطف
تجري ، ترجع ، تركع ، تسجد وتصلي للسادة ، بعض منها لم
يركع لله مجرد ركعة .
يتمزق صوت ، يشتعل صراخ ، وعويل امرأة ، وضراعة كهل ،
وسعادة طفل ظفر بقرش فيثير النقع ، تضيع ملامح وجهي –
مثل وجوه الفقراء – فيبتسم السادة ، يرتحلون تجاه العربات الفارهة المنتظرة ، ينطلقون خلال شوارعنا ، ينطلقون خلال
شرايين الفقراء ، لتحيا يا شهر الصوم عطوفا !! ، ولتحيا يا
شهر الإحسان كريما !! ، ولتبقى يا شهر القرآن ، لتبقى أبدا
والسادة ، ولتبقى نفحات روحانية ، ولتبقى مفهوماتك عنا
نحن الفقراء مزيفة خداعة . !!!!
(3)
تنبسط الكفان على متن الليل
تنبسط الرئتان ، تتمتم عيناى ، تفيض الكلمات ، وينتحب العدل
يسمعنى الله ..
يسمعني ، يحضنني ، يتصلب عودي ، يمنحني سيفا ويحدثني عن شهداء ( النقل )*
يعرفنا الله جميعا ، يعرف إسمي ، يعرف وجهي ، شكلني ، أودعني
العقل ، وأودعني الأرض ، وأودعني حب الناس ، وحب الحق ،
وحب الأطفال ، وحب الله ، أحبك يا الله ، أحبك خبزا يتوالد
في أفواه الجوعى ، وأحبك عدلا يقضي بين الخلق ، أحبك فرحا
يرقص في مقل الأطفال ، أحبك أحترم العقل ، أحبك ألتفت إلى
الناس ، أحبك أتذوق بعض الويل .
أحبك أتذوق بعض الويل
أحبك .. أتذوق بعض الويل .