ناصر العبري
محافظات السلطنة وولاياتها وقراها تزخر بالشواهد التاريخية والثقافية والعلماء الذين ضحُّوا بحياتهم في سبيل تعليم الأجيال الماضية أمورَ دينهم، وسيرة النبي -عليه الصلاة والسلام- دون أي مقابل في خدمة للوطن وأبنائه. ومن خلال سلسلة مقالاتي، وجدت من الواجب أن نذكِّر بهم أبناءنا من الجيل الحالي، وأن أتناول سيرة رجال العلم بين فترة وأخرى، واليوم أسلط الضوء على المعلِّم الشيخ سالم بن سعيد بن محمد المزيدي، الذي وُلِد ببلدة العينين في منتصف الثلاثينيات من القرن الماضي، تعلَّم القراءة والكتابة على يد والده سعيد بن محمد المزيدي، ثم تعلم القرآن الكريم على يد معلم.
وعندما بلغ مرحلة الشباب، سافر كما هي حال معظم الشباب آنذاك خارج البلاد من أجل العمل، ثم عاد سنة 1960م لبلدة العينين، ليُسهم في النهضة المباركة؛ فقام بإنشاء أول مدرسة للقرآن الكريم بها، وقام بتعليم القرآن الكريم والقراءة والكتابة لأبناء البلدة وما جاورها، عرف خلالها بجديته، وحزمه، ليتخرج على يديه أجيال أسهموا في خدمة الوطن. وكان -رحمة الله عليه- واسعَ الاطلاع في كثير من المجالات، وكان لديه معرفة في استخدام بعض الأدوية العشبية للعلاج، وكان واسع الاطلاع يُحب الأدب وقراءة الشعر، والقصص، خصوصا القصص القرآنية، وكم من الناس الذين يذكرون أنه كان معلمهم ومؤدبهم ومربيهم بنفس الوقت. وفي منتصف الثمانينيات، سعى لبناء أول جامع ببلدة العينين ليتحقق ذلك بفضل الله، وعين به إماما وخطيبا للجمعة، وكان أول خطيب للجمعة بالبلدة، كان لا يتوانى في تصحيح ما يراه من أخطاء عند الشباب وغير الشباب، حتى أصبح الناس يقصدونه في حل مشكلاتهم، واستشارته في أمور حياتهم. رحم الله الشيخ الجليل، الذي بذل ما بوسعه للمساهمة في تربية الأجيال، والإصلاح بين الناس، وتعليمهم أمور دينهم. وانتقل إلى جوار ربه سنة 2007م، اللهم أسكنه فسيح جناتك، وأثبه على أعماله في خدمة الدين والوطن.