ميثاق الشرف الإعلامي.. التزام بالمعايير المهنية لحماية حق المجتمع في المعرفة في السلطنة

مسقط - العمانية

يعدُّ ميثاق الشرف الإعلامي في السلطنة والذي تمَّ الإعلان عنه والمصادقة عليه من قبل الجهات الإعلامية المختلفة بالسلطنة، يوم الإثنين 30 أكتوبر 2017، وصدر عن جمعية الصحفيين العمانية، بالتعاون مع قسم الإعلام بجامعة السلطان قابوس، باللغتين العربية والإنجليزية، أول ميثاق شرف مهني ينال التوافق من قبل العاملين في قطاع الإعلام والصحافة.

وبنظرةٍ على ما جاء في هذا الميثاق، نجد فيه البساطة في المادة المكتوبة، والقوة في معاني تلك المادة؛ من خلال ثلاثة أقسام، ضمت بين جنباتها 43 بندًا، يتقدمها الإقرار الضمني من قبل العاملين في الحقل الإعلامي حيث جاء في نصه: "نحن الصحفيون والإعلاميون في سلطنة عمان، إيمانا منا بأهمية الرسالة الإعلامية ودورھا، وإدراكا لمسؤولیاتنا وواجباتنا تجاه المجتمع ومؤسساته وأفراده وتجاه المھنة الإعلامیة، وتأكیدًا لحقنا في الحصول على المعلومات ومعالجتھا ونشرھا أو بثھا دون صعوبات، والتعبیر عن الآراء بحریة، في إطار قواعد السلوك المھني، واستنادًا للنظام الأساسي للدولة رقم 101 الصادر في السادس من نوفمبر عام 1996، ومجموعة الحقوق والواجبات العامة التي أقرھا الباب الثالث من ھذا النظام، نعلن التزامنا بمیثاق الشرف الإعلامي الاسترشادي، ونتعھد بمزاولة مھنتنا، والقیام بواجباتنا في إطار المبادئ العامة والحقوق والواجبات المھنیة".

والمتمعن في محتوى هذا الإقرار والتعهد، يجد أن الحقل الإعلامي في السلطنة به المساحة الكافية لإثراء المجتمع بما هو نافع ومفيد، خصوصا وأن الإقرار أعلاه استرشد بما جاء في مضمون الباب الثالث من النظام الأساسي للدولة، ويتحدث عن الحقوق والواجبات العامة من خلال 24 مادة رسمها النظام الأساسي بكل وضوح ودقة، ونجد رغم المدة الطويلة التي استغرقها هذا الميثاق لدى المختصين بجامعة السلطان قابوس وجمعية الصحفيين العمانية حتى رأى النور، قد جاء بشكل مبسط ومرن ليكون في متناول أيدي المستهدفين.

ويتبين للقارئ في القسم الأول -الذي حمل عنوان "المبادئ العامة" من خلال الثلاثة عشر بندا، مدى التزام هذا الميثاق بكافة المعايير المهنية؛ حيث تتلخص هذه المواد في حماية حق المجتمع وأفراده في المعرفة؛ باعتباره حقًّا أصیلا لا یمكن التفریط فیه أو المساومة علیه من أجل مصالح خاصة أو فردیة، والدفاع عن حریة التعبیر وحمایة الرأي في وسائل الإعلام ومنصات النشر المختلفة والالتزام بالمعاییر المھنیة الرئیسیة في عملیة النشر والبث، وتجنب استغلال المھنة الصحفیة والإعلامیة للحصول على مكاسب شخصیة، والحفاظ على سریة مصادر المعلومات في حال الوعد بعدم الكشف عنھا، وتعزیز الوحدة الوطنیة واحترام الأدیان وعدم إثارة النعرات العنصریة أو الطائفیة أو الفئویة، ودعم مبادئ سیادة القانون ومساندة العدالة واحترام أحكام القضاء، وتجنب تأجیج الكراھیة أو التمییز على أساس العمر، أو النوع، أو العرق، أو اللون، أو العقیدة، أو المذھب، أو الوضع الصحي أو النفسي واحترام المصلحة العامة للمجتمع، وحمایة الأمن القومي، وصیانة مؤسسات الدولة واحترام الآداب العامة والتراث الثقافي للمجتمع العماني واحترام القیم العالمیة وتنوع الثقافات بین الشعوب، وترسیخ السلام العالمي واحترام الحق في الخصوصیة وضمان حقوق الأفراد والمؤسسات في الرد على ما ینشر أو یبث عنھم في وسائل الإعلام وتصحیحه.

وتحدَّث القسم الثاني من الميثاق عن "الحقوق المھنیة"، وجاءت في 15 بندا؛ هي: حق الحصول على المعلومات والأخبار، والاطلاع على الوثائق الرسمیة غیر المحظورة من مصادرھا وحق تغطیة الأحداث، وحضور الاجتماعات العامة، والمؤتمرات والندوات والفعالیات المختلفة، ومتابعة أعمال المجالس البرلمانیة دون عوائق، وجلسات المحاكم التي یسمح فیھا بالحضور وتوفیر وضمان الحمایة المادیة والقانونیة للصحفي والإعلامي أثناء مزاولتھما لعملھما، واحترام كرامتھما وضمان سلامتھما الشخصیة وسلامة أدوات عملھما وضمان ألا تكون المعلومات أو الآراء التي ینشرھا أو یبثھا الصحفي والإعلامي سببًا للمساس بأمنھما وسلامتھما الجسدیة والنفسیة أو أفراد عائلتھما وحق الصحفي والإعلامي في الاحتكام إلى ضمیرھما المھني، وعدم إجبارھما على اتخاذ مواقف تعارض قناعاتھما وقواعد المھنة الأخلاقیة وضمان عدم تعرض الصحفي والإعلامي لتھدید أو ابتزاز لنشر ما یعارض ضمیرھما المھني، وعدم إھانتھما أو الاعتداء علیھما بسبب عملھما وحق الصحفي والإعلامي في إبداء الرأي في السیاسة التحریریة للمؤسسة التي یعملان فیھا وضمان عدم نقل الصحفي والاعلامي من المؤسسة التي یعملان بھا إلى مؤسسة أخرى أو إلى عمل غیر صحفي، إلا بموافقتھما.

 وبقراءة دقيقة لما جاء في مضمون هذا القسم ومواده الخمسة عشر، يتضح أن الأمر سيتطلب من جمعية الصحفيين العمانية في المرحلة المقبلة جهدا مضاعفا من أجل التواصل مع الجهات المختلفة لتوصيل وتوضيح رسالة هذا الميثاق، وفي هذا الإطار أقامت جمعية الصحفيين العمانية في مايو الجاري -وبالتعاون مع قسم الإعلام بجامعة السلطان قابوس، وبحضور معالي الدكتور وزير الإعلام- جلسة نقاشية حول ميثاق الشرف الإعلامي؛ كشفت الكثير من الغموض من خلال أوراق العمل التي قدمها عدد من المختصين، إضافة لمداخلات الحضور.

وفي القسم الثالث من ميثاق الشرف الإعلامي، لم يغفل القائمون على وضع الميثاق تحديد "الواجبات المھنیة"، جنبا الى جنب مع الحقوقية؛ حيث جاءت الواجبات المهنية أيضا في 15 بندا؛ راعى فيها المختصون الحيادية التي تخرج العمل الصحفي بما يليق.

تعليق عبر الفيس بوك