تنــــافـــــس


هالة عبادي - سوريا


دخلت النقابة، فتاة مليئة بالحياة، لفت نظره حذاؤها الذي كان يدل بشكل واضح على نشأتها المختلفة، بالنسبة له مصير الإناث معروف في العمل خياران لا ثالث لهما معلمة أوطبيبة، وفيما عدا ذاك فعليها مواجهة صعوبات كثيرة.
بالنسبة لها التعليم مهنة جميلة ولو خيرت لاختارت التدريس في الجامعة، لكنها شغوفة بالرياضيات والعلوم وهذا ما حدد ملامح مهنتها وعلى الرغم من تحفظ والديها إلا أنهما شجعاها على دراسة ما تريد، وهكذا تفوقت على كل التحديات لتتخرج من كلية الهندسة الكلية التي بدت في نظرته وكأنها خصصت للذكور فقط .
اجتازت الباب بسرعة بعد أن ألقت عليه تحية عابرة ، نصائحه حول عدم الاختلاط أو الدخول في نقاشات مع الآخرين تبخرت ما إن رأى الحذاء، لم يسبق له أن رأى في حياته امرأة واحدة تنتعل مثله في مكان يعتبره رسمي.
فاتني أن أخبركم أنه كان تقليدياً بكل ما تعنيه هذه الكلمة.
دخولها النقابة بهذه الهيئة في أوائل التسعينات،كاريزمتها، ترحيب الموجودين، التشجيع والحفاوة التي استقبلت بها أثار استياؤه .
صور سريعة مرت به للعجائز اللاتي اعتاد التعامل معهن منذ مدة في هذه النقابة، تسلطه على أخواته، قمعه لهن، خنوعهن ،لاشيء في بيئته يحفزه على تطوير تفكيره.
أما هي فبدا واضحاً أنها خلقت في بيئة مختلفة تماماً،  منذ تلك اللحظة تكون لديه شعور بالغيرة نحوها.
المساواة معه، تسخير جماهير جديدة لمواهبها، مخاوف غذت قلقه المتنامي خلال الأنشطة المختلفة التي نفذاها معاً.  تركيزه العميق على تغيير نظرة الآخرين نحوها جعله يلاحظ دقائق عنايتها بنفسها ولأنها غمرت نفسها بالدراسة لم تمنحه أية فرصة لانتقادها في عملها ، لكنه بدا راضياً وهو ينتقد دخولها بالحذاء الرياضي مبنى النقابة وإن لم يوصل نقده إياها إلا لزوجته التي لم تر فيها إلا مهندسة نشيطة وجميلة.

 

تعليق عبر الفيس بوك