النوم في مدينتي ظهرا


مروة هابيل – ليبيا - درنة


حسنا ها أنا انتظر سايكي أن تستيقظ .. هل يعقل أن تقوم الألهة بمعاقبة بعضها!: أتساءل في حيرة.. سيظهر في أحد العصور اختراع يسمي سينما يجعل تفاصيلنا عرضة للرأي العام.. قضمت تفاحة أكلت كمثرة نامت لمئة عام ظهرت لها قرون ووو ((أنا لم أقتل سايكي أنا فقط أعاقب ابني حتي يتذكر ان لاشريك لإله الجمال في مواصفاته)) .. سمعت هذه العبارة أكثر من مرة .. قامت قوات الجيش بحظر التجوال في المنطقة التي دخلتها الأن .. وأنا لا أفكر بتغيير مكان أريكتي .. ذلك ان أريكتي تقابل شرفة غرفة الجلوس الواسعة حيث يدخل قدر كبير من أشعة الشمس بإرياحية وترحاب كامل مطلق تام.. ((لو كنت كل الألهة لمنعت الموت)) .. تقول بعد موتها وكأنما تكفر عن الشرور التي زرعتها في الأرض .. البارحة عرفت بطريقة مختلفة لماذا يخرج من مجري العين سائل إسمه دموع.. حين يموت طفل صغير هباء وظلما يموت موتا بطيئا يموت من شدة المرض والفقر وعدم القدرة علي ايجاد الدواء.. يموت رياء وإختلاس علي الإنسانية .. مات هكذا قرأتها في إحدي الصفحات.. وأنتهي الأمر .. تمعنت وجهه مطولا حتي صارت معدتي ترتفع الي حلقي وتنزل الأرض .. لدقائق تمعنت ملامحه في خجل وانقبض جوفي حتي ظننتها سكرات الموت .. لم ينتهي الأمر فقد نمت وأستيقظت علي نفس الحالة.
أحاول أن أصلني وأبذل مجهود .. أن أصل الي جسدي أدخل داخل حلمي أعثر علي سريري أو طريقة لأكلمني وأقنعني بالإستيقاظ .. أحدث جلبة .. بصوت عال .. أتجنب الدواء وأفكر لربما ألام المعدة تكون سببا في إيقاظي بعد عذاب .
أحاول بلوغ جرس أو أي شيء .. أراقبني بعجز أتفرج على نفسي وأتخبط في المحاولات .
بعد لحظات .. كنت أتحرك في الغرفة بشكل بطيء ..
لا استطيع رؤية ملامحي جيدا ولكن يبدو عليها شيء من الهدوء .. استيقظي .. قوات الجيش صارت قريبة .. أنت الأن فى عام 2018 .. مايو تحديدا .. ولأول مرة سيدخل مدينتك قوات الجيش .
استيقظي أحد غيرك بالمنزل يسكنه منذ ألف عام ..
ها أنا أنهض عن كرسيي .. أدخل المطبخ أسكب ماء مغلي أحضر/أحظر شراب ما أضيف إليه السكر.. استيقظي ستصبح السماء كالرابع من يوليو سيتحول الرجال الي أرقام طويلة في لائحة شهداء .. أقدمت علي حركة مفاجأة .. أنصت لشيء قادم من خلف باب الحديقة الجانبي .. أخرج بخطوات بطيئة .. أقترب بحذر .. أنظر خلال ثقب صغير .. أشعر بأحد يكلمني .. أضع الكوب الأبيض الفخاري الساخن علي الأرض .. نعم أنا هنا .. أنا أكلمك .. أتسمعينني !
تتقلص معدتي أكثر .. تعودت علي الأمر .. أفتح الباب أستجيب .. أشعر بشيء لا أعرف كيف أفسره وكيف أصفه .. قشعريرة تشبه شيء جديد كحد فاصل بين وجود أرضي و سمائي .. كمدارات نجمية تخترق درجات السمع في أذان البشر .. أرتفع صوت المأذنة أجفلني فجأة .. فتحت الباب .. إنه قط .
قط هائل كبير الحجم .. جميل الوجه لايشبه القطط .. ابتعدي يامريم .. ابتعدي عنهم إنهم ثلاثة ألهة متخاصمين .. هذا نفسه الذي يعشق سايكي .. ابن افرودويت الذي يحمل سهاما علي ظهره لايراها أحد .. حسنا أنا أراها الآن .. النظر نحو السماء فجأة يخدش العين من شدة وهج الضوء .. محلقة إماراتية لم تغادر السماء منذ ثلاثة أيام.. حديقتي مرتبة كما هي لم يدخلها أحد.. والمدينة أين المدينة .. أختفت الشوارع أختفي كل شيء كصحراء .. كيوبيد ابن فينوس القادر علي إيصال سهمه لمدي بعيد .. لماذا لايصيب المحلقة والإ رهابيين والحكومات .. يحدث سوء فهم .. تحاول سايكي الإستيقاظ.. أشعر بها .. تمنعها نجمة الإغريق ودلالة الرومان وقديسة بابل من مشرق أرضها لمغربها.. أحد الأبواب طرق بقوة شديدة كاد ان يخلع من إطاره.. الرياح العالية تفعل ذلك بالمنزل كل يوم .. في الداخل ثمة صوت .. وما كان يبدو لي نهارا نزل عليه الليل فجأة وكأنما الشمس سقطت علي الأرض بقوة .. انتحرت هكذا .. وصارت سواد .
يعتصر قلبي شئ من الخوف .. لماذا أنا نائمة ولا أقدر علي الإستيقاظ .. تفكر هي بصوت عال ..تبدو الحديقة أكبر مما هي عليه .. ليست حديقتي لقد اخطأت بالمنزل .. علقت بالحديقة وعلق الحلم في النوم وأختلط النوم بالموت.. أبواب كثيرة ومعدتي تمخضني وتعتصر روحي.. وأختلط صوت الريح بالمدفعيات.. تبددت النجوم .. وانسكب فوق البلور أحد عشر كوكبا تنصرم في مركز تنهمر كنهر يصب في شلال .. أحدثت طريق يشع رهبة وروعة وفتنة للعقل .. ستحدث مقبرة جماعية سيحدث لغط بين قصائد الشعر والجنائز .. بين الزفاف ونزهة السراط .. سيحدث لغط كبير بين صعود الفراديس ونزولها .. كل الشعراء كانو محقين.. وكل العلماء كانو مخطئين .. سيذهب الناس عبر ممرات مكتضة بالشاحنات والمقاتلين والحقائب وعبوات الغاز وجوازات السفر عبر السنين الضوئية هي كشف سريع عن مجلدات الذاكرة في شريحة الكترونية وعصير وقناني الماء .. سيدخل قلوبهم اليأس .. وسأنام الف عام فوق الألف الأولي.. تغطي وجهي أوراق الأشجار وتنمو خلال أصابعي جذور النباتات والفطر المالح الأخضر المزرق .. ستدخل الزواحف والحشرات عظامي .. سترقد هناك .. ستبني الطيور أعشاشها في خصلات شعري .. ستبيض السلاحف فوق بطني .. سيعلق رأسي علي عامود في مهب الريح .. استيقظي يا سيدة البحيرة يامن تعرفين كل غرف المنزل وأبوابه وجدرانه وخزائنه الكبيرة وأسقفه العالية المخيفة .. استيقظي يا خليفة الرصانة وميزان العدل .. نزلت القوانين مثل شهب تزلزل أرض العباد .. استيقظي يا بهية مواقع النشر ينتظرون نصوصك وتاخرتي عن كل المواعيد وعن دروسك امتحاناتك محبيك والمعجبين و الأصدقاء .. استيقظي وصلك مابين تسعين الي مئة رسالة وإشعار .. قد اهتزت المناصب وأنصهرت قشرة الكوكب وأخذت المجاعة قيلولتها في حقول البترول .. ومشروبك الساخن في كوبك الفخاري سيبرد .. أم عيسي وعائشة وخديجة يعرفن كل الطرق لقلوب المؤمنين .. ليست كلها بورقة الدولار وأحجار الزمرد .. شمس واحدة وقمر بكل الأقمار .. الحرب في صدرك ليست علي الحدود الأن .. الطفل المريض الذي مات البارحة .. قومي لملاقاته .. يا بريئة يا جامحة يا بشرية انهكها التعب ..

أنا كفيفة ..
أنا أسمعك هل تسمعينني ؟ ..
أحمل في ظهري خمس بتلات مذ أصبح الناس يرمزون للوثنية في تفاصيلنا الجميلة ونحن نستحي ولانحرك ساكن يا افرودويت ..
أنت تعرفين مامعني أن تحملين خمس بتلات يا كومبس يا كل اتجاهات الملاحة للبحارين والتائهين يانجمة لاتنطفئ .
منذ متي وأنت كفيفة ياصغيرتي ؟ ..
لا أعرف ..
من معك هناك ..
معي أرنب
وماذا أيضا ؟
معي مهرج ومجرة .
كيف شكلها ؟
مجرة قرمزية تسبح في الماء والصابون .
كيف دخلت ؟
دخلت عن طريق مجري صغير في ورقة عباد الشمس او ربما عن طريق تذكرة أو قبعة ما الفرق !
أنا لا أعرف الطريق اليك لا أحفظ الغرف لا أعرف أين تنامين يا مريم ..
لست مريم
من انت ؟
أنا صدي لذكرياتك وامنياتك الباطنة .. أنا أنت داخل حلمك وهواجس الحرب في بلدك .
يا روض الخشخاش قد أرهقني نومك وعلقت أنا بين الشك واليقين ..
استيقظي اقتربت الحرب كثيرا مابين البارحة واليوم ..
قاوميها يا وجه الملائكة .. استخدمي البتلات الخمس .. استخدمي بتلة الولادة وحين تسقط ارتفعي ببتلة الأمومة وحين تمرض حواء ستظهر بتلة الحيض ثم أقواهم والتي ستهزم فرعون والدجال بتلة اليأس التي تلتحم بقوة مع بتلة الموت .. اذهبي يا ابنة أدم أول الأنبياء وخيرة الخلق .. ليست كل الشموس إلا شمس اليقين التي ترسم السلك في سجادتي يرقد فوقه كل الغبار وذرات الحياة التي لاتموت .. كل الإلكترونات ستبقي يا سيدة المنزل .. كل الكهرباء ستعيش وتستمر الي الأبد .. كل الملوك في معاطفي وجيوبي في خزانتي وحقائبي ينامون .. سيظهرون حين استيقظ .. الحرب مفبركة ليست حقيقية .. وعزرائيل صار يعرفني ويعدني بأشياء جميلة .. سيأخذني عزرائيل لأخوتي .. سيأخذني لسيدنا يوسف .. هل تعرفين كم سيبدو جميلا يوسف يا افرودويت .. هل تستطيعين تخيل وجهه الواضح كوضوح شمس النهار في جنة الله .. يوسف بوجهه ويديه وأرجله ورداءه وهالته المنتصبة في كل صلوات المسلمين الذي أمنو بمحمد ودين محمد وظهر النور عليهم مكشوف غير مستور .. ترقرق يا جليلة الدمع بعيني من أجل صلاة واحدة .. يا سوداء الشعر يا جميلة الوجه ياواسعة الثغر يا حور العين .. ترقرق الحليب في مهد الرضيع .. قد رفعت البحيرة العانس حجابها وتساقطت أسنانها وأستهلك الطوفان أخر عود كبريت وأقترب صوت المدافع كأنما الساعة .. يا الله .. انها الظهيرة .. كم صار الموت قريبا والرجال يسقطون وحكومتي لا تحرك ساكنا .. تعطل الثقب في حنجرتي .. في بطن القنابل علق لساني بمسمار دق علي الجهة المائلة من الجدار .. كقمر صناعي وأنت يابوصلة البشر معلقة بين كفر وإيمان .. افتحي الباب أدخليني .. دعيني أقترب .. أحضري الإغاثة وحقن البنج وعبوات الأكسجين .. أحضري مسرحا مضيئا فأستيقظ غدا أو بعد الغد .. اغسلي لي شعري جيدا افركيه بالماء والصابون اجعليه نظيفا كسراج مبين .. زيني لي وجهي وبشرتي الناعمة بمواد التجميل .. يوم الحشر ومنزل الدنيا الذي ينام فوق الجندي كعشرة طوابق كأسمنت مسروق كوزير يطفح في الدهن وشرائح اللحم والكلسترول .. أحرق كروت العفة كالمال المغسول كالدنيا كالوطن كالبندقية كالطفل الذي مات فأستغرقت هي بالنوم أغرقها الحزن أيقظتها الحرب ونام العالم ونامت المخلوقات ونام الناس وظلو نيام .
ياجبار !
ياجبار يا أنت الغير ناقص يا تاركا للبرزخ بين العذب والملح.
ياتارك البرزخ بين العذب والملح يا سامعا يونس في بطن الحوت ياموحيا لموسي أن ضرب بعصاه يا معطيا يوسف حجة علي آمون يا من تستحيل الظلمة نور .
لا الدنيا مزاري
ولا بيت فيها لي .. ينام في جوفي زفافي بياض الروح ونور كتبته شعر سمعه الناس صم بكم كفار ومؤمنين .. كحفل .. كمعزوفة موزارت الأخيرة كقالب كيك .. كسماء تظن رفعتها ملائكة تبصق في الأرض العسل وشيء يدغدغ قشرة العقل .. لوز معجون تلمع حباته تؤخر هول القيامة .. أنام ويعرف الفجر كيف يخرجنا للمرة الثانية من الجنة .. أتصالح مع الخوف مع الموت الذي لم يحرك بي ساكن .. أتجاهل الحرب الأن بشجاعة وإرادة وعزيمة .. أتجاهل الطفل أتجاهل الخوف أتجاهل الرصاصة التي يبرق لها السقف ....
وأحشو نفسي حتي أخر حفنة "مرة أخري" في ضلع أدم .
استيقظي لنخرج من هنا بخير
استيقظي اقتربت الحرب .
مريم !
النوم في مدينتي ظهرا
7/5/2018
2:30 مساء
الإثنين ..
مروة هابيل
درنة .

 

تعليق عبر الفيس بوك