الاحتفاء بالدفعة السابعة من مالكي وحائزي الوثائق الخاصة تكريما لدورهم في حفظ ذاكرة الوطن

...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...

◄ مستشار الدولة: "الوثائق والمحفوظات" تبذل جهودا حثيثة في البحث والحفاظ على الوثائق الوطنية

◄ الضوياني: الوثيقة رصيد حي يتأسس عليه التاريخ والحضارة.. وشاهد عيان على الحوادث والوقائع التاريخية

◄ البوسعيدي: حفظ الوثائق والمحفوظات يتطلب تضافر جهود الجميع

الرؤية - مدرين المكتومية

احتفلت هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية أمس الثلاثاء بتكريم الدفعة السابعة من المواطنين المبادرين في تسجيل وثائقهم الخاصة بالهيئة، وذلك تحت رعاية معالي الشيخ محمد بن مرهون بن علي المعمري مستشار الدولة، وبحضور سعادة الدكتور حمد بن محمد الضوياني رئيس الهيئة، وعدد من أصحاب السعادة، والمعنيين والمكرمين.

ويأتي التكريم ذلك إدراكا من الهيئة بأهمية الوثائق لما تمثله من قاعدة أساسية ترتكز عليها الأمم، وشاهدا على التاريخ ودليلا مهما على عراقة وحضارة السلطنة، كما أنّها ذاكرة الوطن، وتأكيدا على ضرورة بذل المزيد من الجهود وتوعية المواطنين بأهميتها في حفظ مختلف الحقوق.

وقال معالي الشيخ محمد بن مرهون المعمري مستشار الدولة راعي الحفل: "نشكر هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية على جهودها الحثيثة في البحث والحفاظ على كافة الوثائق التي تخص السلطنة في الداخل والخارج". وأكد المعمري أنّ هذه المحفوظات تمثل ذاكرة لهذا الشعب، موجها الشكر إلى مالكي الوثائق الخاصة على روحهم الوطنية وعلى مبادرتهم الإيجابية، وندعو الجميع أن يتعاونوا مع الهيئة التي تبذل جهودا ممتازة في هذا الإطار، مشيرا إلى أن هذه الوثائق متاحة للجميع، وأن الهيئة تقوم باطلاع الجمهور عليها والوصول اليها من قبل الباحثين والدارسين على حد سواء. واختتم قائلا: "نشكر الجميع على المساعي الطيبة في خدمة الوطن العزيز تحت ظل القيادة الحكيمة لمولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم- حفظ الله ورعاه-".

توثيق التجربة

 

واستهل الحفل بكلمة لسعادة الدكتور حمد بن محمد الضوياني رئيس هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية قال فيها: "إنه لمن دواعي سرورنا أن نشهد حفل تكريم المواطنين الكرام الذين بادروا بتسجيل وثائقهم الخاصة إيمانا منهم لما تمثله الوثائق من مكانة مهمة في حياة الأمم والشعوب، فهو رصيد حي يتأسس عليه تاريخها وحضارتها انطلاقاً لما تقوم به الوثيقة من دور ووسيلة لإثبات الشواهد المادية للحوادث والوقائع التاريخية، فالهيئات التي تحفظ وثائق الدولة والمجتمع لا يقتصر دورها لتوثيق التاريخ السياسي، بل يمتد دورها لإيلاء الاهتمام بالتاريخ البحري والتجاري والاجتماعي والثقافي والاقتصادي والعسكري وغيرها، ورصد تطورات التنمية والتقدّم الذي تشهده بلدنا العزيز، فضلا عمّا يتجمع لديها من أرصدة النخب والأفراد وما أنجزه المجتمع على مدار الحقب والعصور". وأضاف الضوياني أنّ أهميّة الهيئات والأرشيفات تكمن في اعتبارها ركيزة من ركائز الهوية الوطنية ومصدراً مهما في حفظ حقوق وإنجازات الجهات المعنية فضلا عن كونها مصدرًا من مصادر البحث العلمي والإبداع الفكري، وهو ما أضفى عليها أهميّة خاصة لإلحاقها في أعلى السلم التنظيمي لمنحها القدرة على التنسيق والإشراف على تطبيق النظم وضمان حفظ الذاكرة الوطنية. وتابع القول: "لقد بذلت دول عديدة جهودا كبيرة في مجال جمع صور على أوعية مختلفة من الوثائق المتعلقة بتاريخها الموجود في شتى دول العالم، وأمكن لها توفير عدة مصادر لكتابة إنجازاتها وأمجادها التاريخية، وإن ما حققته سلطنة عُمان من إنجازات تنموية منذ فجر النهضة المباركة جاء ثمرة طيبة لما أنعم الله به علينا في هذا العهد الزاهر من حكمة القيادة التي أيقنت بفكرها المستنير بأنّ للحاضر معطياته وللمستقبل تحدياته وأداء مسؤولياتنا بالمشاركة في جهود التنمية بكافة أشكالها وأبعادها". واستطرد قائلا إنّ ما رصدته الوثائق والمحفوظات المتعلقة بالعمق التاريخي لعمان دولة وحضارة وإلى حجم الوثائق والأحداث التي عاشتها وإلى ما أوجدته من وثائق كثيرة وإلى ما قدمته من إسهامات وإنجازات علمية وفكرية مختلفة في مختلف النشاط الإنساني لا تحتاج إلى دلائل، بل تحتاج إلى إبراز حيوية ونشاط هذا الشعب الوفي من أجل الحفاظ على بقائها وحمايتها من الاندثار وتوثيق تجربتنا الحضارية ونقلها للأجيال المتعاقبة للمحافظة على كينونتها واستمرارية وجودها والتي تشكل جزءاً من هويتها ومن التراث الفكري والحضاري الإنساني، مشيرًا إلى أنه انطلاقا من هذه المعطيات حرصت الهيئة على التعريف بهذا الرصيد من خلال توصيفه وفهرسته وهو ما يحتاج إليه البحث العلمي والإبداع الفكري.

ووجه سعادة الدكتور رئيس الهيئة كلمة للمواطنين، وقال: "لقد أوليتم إرثكم التاريخي والحضاري عناية خاصة واهتمامًا ينبع من الإدراك القائم بضرورة المحافظة عليه وها نحن نقيم هذا الاحتفال لغرض إيصال رسالتنا معا لدعوة أفراد المجتمع نحو المبادرة لتسجيل وثائقهم لدى الهيئة ليجتمع الرصيد الوثائقي لأفراد المجتمع مع رصيد الوثائق لدى سائر الجهات بالجهاز الإداري للدولة سعيا منّا للتعريف بما أنجز في مختلف مجالات الحياة العلمية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية والعمرانية وغيرها.. فتحية إجلال وتقدير واحترام أيّها الأخيار الكرام". وقدّم الضوياني شكره وتقديره لراعي الحفل على رعاية هذه المناسبة، كما تقدم بالشكر والتقدير للعاملين في الهيئة على جهودهم المتواصلة على حسن الأداء والعطاء في العمل.

 

مآثر التأريخ

 

من جانبه قدم محمد بن علي البوسعيدي كلمة نيابة عن المكرمين من كلمات الشيخ سعيد بن علي البوسعيدي قال فيها بعد الترحيب: "إنّه لمن دواعي السرور والغبطة أن أقف بينكم أصالة عنا ونيابة عن جميع المكرمين اللذين قاموا بتسجيل وثائقهم ومخطوطاتهم بهيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية، للحديث عما تمثله لنا تلك الجهود التي كللت بالنجاح فكان ثمرتها هذا الحفل البهيج". وأضاف البوسعيدي: "لقد كان للتطور الحضاري عبر العصور دور كبير في إثراء ما يخطه القلم من علوم نفعت البشرية منذ بداية التأريخ، ولقد وفى القلم حق ذلك بأن كان سببا في حفظ أكثر تلك العلوم والفنون ومآثر التأريخ من الضياع والتلف، وكان ولا يزال سفيرا في نقلها من جيل إلى جيل ومن أمة إلى أخرى لتحفظ تلك النفائس من الضياع وتعم الفائدة الجميع؛ إذ كان القلم خير معبر عن التأريخ والحضارات المتعاقبة، ولا أدل على ذلك من واقعنا المعاصر الذي ينطق بفضل العلوم السابقة، ولولا القلم لما وصلت إلينا ولما كنا على ما نحن عليه اليوم ونحن اليوم إذ نحتفل بعرس ثقافي لوعاء التأريخ بحوادثه المختلفة وعلومه المتنوعة فإنّ القلم كان ولا يزال فارس ميدانه المقدام، إذ لولاه لما اجتمعنا اليوم احتفالا بما خطّه وكتبه".

وشدد البوسعيدي على أن حفظ الوثائق والمحفوظات في بلدنا الغالي عمان يتطلب تضافر الجهود ممن يملكها ومن القائمين على ترميمها وحفظها ومن الباحثين عنها وفي مكنوناتها، مشيرا إلى أنّ ذلك من التعاون على الخير الذي يرجى أن تكون ثمرته لبنة من لبنات مسيرة التقدم وبناء الشخصية العمانية بماضيها العريق. وأكد أنّ التأريخ العماني بحر زاخر لكثير من العلوم ومدرسة شامخة تستخلص منها المآثر والحكم، وما هذا بعجيب على أبناء عمان الأوفياء، فقد كان لهم قدم السبق منذ القدم في كثير من المجالات، وما الرقي والازدهار الذي نعيشه اليوم إلا تجديدا واقتفاء لتلك الأنفس المليئة بالعزم، المتقدة بالطموح إنّ شباب اليوم يستمد من تأريخه المشرق ما ينتفع به في حاضره ويتزوّد به لبناء مستقبله فهم خير خلف لخير سلف يتقدمهم باني النهضة وسلطان البلاد المفدى لبناء حضارة عصرية تستمد قوتها من ارتباطها بدينها وتأريخها ووطنها.

وشمل برنامج حفل التكريم على فيلم هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية "ذاكرة وطن" يحكي نبذة عن الهيئة والتعريف بمجالات عملها، وإنجازاتها ودورها في الحفاظ على الموروث الحضاري، والهدف من إنشائها والذي يتمثل في الحفاظ على الذاكرة الوطنية للبلد لتكون رافدًا أساسيًا للباحثين والمستفيدين، وبداية مسيرة العمل نحو بناء نظام عصري جديد لإدارة الوثائق والمحفوظات في الجهات الحكومية وتطبيق المواصفات الدولية المعتمدة.

أهمية الوثائق

وتعد الوثائق المعين الذي يستمد الباحث منها مصادره في دراساته وأبحاثه وتمده بالحقائق الصائبة، بل تتعدى لأكثر من ذلك، فهي شاهد العيان الذي ينقل تفاصيل الحدث التاريخي بزمانة ومكانه وأشخاصه، فالوثائق دليل ثابت لأي زمان ومكان، فهي تحفظ تفاصيل الحدث وتحميها من عوامل التغير على مر العصور. والوثائق سجل حافل لتقدم الحضارة ورسالة تواصل بين أجيال مختلفة، فمنها تستمد العبر وكذلك يستقرأ بها بناء المستقبل، فمن هذا المنطلق عملت هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية إلى السعي الحثيث في إكمال مشروع الوثائق الخاصة متمثلا ذلك في الزيارات الميدانية وتسجيل الوثائق الخاصة بالمواطنين ومكتبات مخطوطات الأهالي والمهتمين، فقد استمر فريق الوثائق الخاصة بتتبع الوثائق في ربوع السلطنة من خلال زيارة المواطنين في مناطقهم وبيوتهم وذلك بتسجيل ما تحصل عليه من كل مواطن ليضع بصمته في أرشيف السلطنة.

وتؤكد الهيئة أنّ الهدف من جمع الوثائق الخاصة، يتمثل في الحفاظ على هذا الإرث التاريخي الذي تزخر به عمان، ليكون ذاكرة للأمة والوطن ومرجعاً تاريخياً وثقافياً لهذا البلد، لذلك كل الوثائق الخاصة التي تحصل عليها الهيئة عن طريق الهبة أو الوصية أو الشراء تعتبر وثائق عامة، فهي تنتقل من الملكية الخاصة إلى الملكية العامة كما أنّها تحفظ تاريخ العائلات والأسر وتعبر عن مجالات الحياة العامة لأفراد المجتمع وإنجازاته وتعاملاته، وتعتبر مصدراً للبحث العلمي والإبداع الفكري، وبهذا تحظى بعناية وآلية مناسبة للحفظ لما تشكله من ذاكرة وطنية للبلاد، وتحاط هذه الوثائق بالسرية في الإفراج عنها حسب المدد التي يحددها الشخص أو من خلال المدد القانونية الواردة في قانون الوثائق والمحفوظات، ولا يسمح بالاطلاع عليها من قبل الباحثين والدارسين؛ إلا حسب الآجال التي يتم تحديدها إلى أن تنتهي سريتها.

تعليق عبر الفيس بوك