توحُّـــــــد

                   
علي سرمد- شاعر من العراق


وحدي
أرتِّبُ بقايا الوجودِ في وجه صديقي الذي عفى عليه الزمنُ
أغرسُ شهوةَ الحياة بنصفِ كأسٍ من الجنُون
أفصحُ للأشياء عن أسمائها
أتأمَّل يديَّ
مثل فراشةٍ تغزلُ خيوطَ الفجر
وتبعثرُ الشمسَ غابةً من الظَّلام
هنا ليلٌ،  تتأنْسَنُ على يديه الأشباحُ
فيومض برقاً يتخطّى حدودَ الهذيان.
وهنا نهارٌ، أفشى سرَّه للمتيممين بالضوء
فشاخَ فيه وجهُ الطفولة والضوء
وحدي
أبحث عن قرينٍ لا أكتبه ولا يكتبني
أسبقُ الخطوةَ تارةً
 وأنتزع ظلّي تارةً ،
أُسيّرُ الكواكبَ وامتطي صهوةَ الريحِ،
أفلِّي رأسَ الشياطينِ
نلعب معًا
حيث لا أحدَ يتوعَّدُ رجمَها
ليعبرَ مخاوفَ الموتِ.
وحدي
أمشِّطُ الورقَ الطازجَ في دمي
أصنع منه شناشيلَ
ثم أبعثرها في الفضاء
لتسقطَ حافيةً من السِّلاح
والديناصوراتُ تُصفِّقُ
والأصدقاءُ يضحكون.
 كلُّ شيءٍ هنا
يَرقصُ على إيقاعِ الطَّبيعة
ما خلا ذلك الضوءُ الذي يُنْبِتُ أسنانَه في خاصرةِ الهواء.    
وحدي
أتَّكأُ على أرصفةِ الألمِ
أبعثُ روحي خارجَ حدودِ التذكارِ
وأنسى أنّني الطائرُ الثملُ
 بجراحِ الوقتِ، والمكان
وحدي
أزنُ الأرضَ بالكلمات
أشحذُ أقلامي
أسهرُ على مشتهياتِ الماءِ
فلا أكتب  إلّا ما يفيضُ به القلبُ من الشَّكِّ
ولا أقرأ سوى أنينِ العظامِ في جسدي.

تعليق عبر الفيس بوك