فوق رؤوسهم الطير


علي أزحاف - المغرب

 

كان لأحمد طير صغير..
وكلما خرج أحمد إلى الدرب..
رفرف الطير فوق رأسه..
مات أحمد طفلا..
ومات أطفال كثيرون بعده..
ومازال الطير يرفرف في الدرب..
وكان في الدرب شيخ..
نصب فخاخا وشباكا وفيرة..
وكلما جاءته أم تبكي طفلها..
أخبرها أن الفرج قريب..
وأن الأطفال سينعمون بحياة أطول..
مات الشيخ وتبعه شيوخ آخرون..
ومازال الطير يرفرف في الدرب..
وما زال الأطفال يموتون
والأمهات الثكلى يتباكين ويتبادلن التعازي..
فقط بقي في الدرب شتات شباك..
وفخاخ مزروعة أكلها الصدأ..
ونبتت حول حدودها مقبرة كبيرة..
كلما حَلَّ الربيع أزهرت ورودا..
وأشجارا تسكنها طيور غريبة..
يقال - والله أعلم - أنها قادمة من بلدان..
تسكنها الحروب منذ زمان..
وأن أطفالها يولدون بأجنحة..
وكلما غطى أجسادهم الريش..
هاجروا أسرابا وتفرقوا في العالم..
يعودون مرة في العام إلى ديارهم..
ليضعوا بيضا غريبا يشبه المصابيح..
حين يفقس تخرج منه أرواح منيرة
تطفو في سماء الله وحيدة..
وكل روح لطفل رفرف فوقه طير..
في درب بعيد في مدينة..
وكل مدينة يوجد  فيها شيخ..
ينصب فخاخا وشباكا
 ينتظر أن يصطاد طيرا
 يرفرف فوق ظل طفل..
كي تتوقف الأمهات عن البكاء..
ويرتاح  الآباء من بناء المقابر..
حول الجهات الأربع من المدينة..
لكن الطيور ما زالت ترفرف..
الأطفال ما زالو يموتون..
والصيادون الشيوخ كذلك..
وحدهن الأمهات صمتن عن البكاء..
بعد أن انشغلن بترتيب زهور..
المقابر التي نبتت حولهن بكثرة..
ويتساءلن: أين اختفى قبر أحمد؟!

 

تعليق عبر الفيس بوك