فــــوبـــيـــــــا

...
...
...


علاء زريفة – سوريا

......................


عن دار الدراويش للنشر والترجمة صدر ديوان "المسيح الصغير" للشاعر السوري علاء محمد زريفة، وتصميم الغلاف: للفنان محمد بن منصور، والديوان تجربة وجودية ينبش في ذاكرة الوقائع والمسلمات ويحيل التجربة الشعرية إلى رؤى ميتافيزيقية تبحث في ما وراء الأفكار الكبرى موضوعها الجمال، وأدوتها الرؤية الشعرية غير المسوّرة بأفكار بالية تعتز بالتراث العربي في وجهه المضيء وتقاطع الأفكار المعلّبة، وتقدم أفكارا جريئة وجديدة، ومن نصوص الديوان نطالع نص (فوبيا):
هنا .. مسحوبا من خيط  دمعي
أْذيب نفسي مرتين
وههنا ..تحت هذا الوهج السماوي
أجدح المحجر النافر ... لغزا
أصير آنا ضحية , لك
وآنا شظية هي ,أنت
أضرب يدي في ذرات الكريستال المسال
فأنكسر نرجسا ينبت على صم الخشب .. فرادى
وأولد نرجسا على أديم الجسد ..متوحدين
أتفتت رملا ثم ملحا وأشياء أخرى
هي نحن ...
في عجينة أسميها .. أنا
لا أحد ينجد إلها هاربا من نفسه
كما لا يقتل الوهم ضميرا مستترا
هكذا يجيبني هذا الليل النائم على شرفتي
لا أعرف قراءة هذه الوجوه المنكسرة الباردة
ولا حيلة لي ..
مع أصابعي التي لم تتعلم بعد
اصطياد العيون أثناء شرودها
والأظافر المعلقة على الكلمات المذعورة
نقطتان قبل الكتابة ..
تدقان رأس البدء بفأس نحاسي
لتخلص من صداعك إلى صوابك

ولتولد ألهتك الأولى
مفطورة على الدم والتراب
ولتنطق بحكمة الأول العبثي , فيك
وجنون المستولد العبثي . منك
ثلاث نقاط بعد الكتابة ..
وتنتهي محنة الأنا
وتصبح النكرة , معرفا
والطيف , إشراقا
والضوء اللاذوردي , ذوئبة على جبين المساء الشاحب
والصمت , ضجيجا يحمل عرش المعنى
تتعرى الحروف السبعة أمام ناظريك
وما بين الكاف الكلية , الكاملة ,المتكاملة بأحاد الأبدية
تقرع الأجراس
والنون المؤنثة , الناتئة على جلمود الريح المختبئة في جوف الغار
نبدأ المناولة , ونصير عابرين
ويستحيل التاريخ من بعدنا
صراط نمشيه على إيقاع اللهب
...... كن فيكون
وحيدا أمام طغيان الماء

وحيدا أمام أوهامك مرسومة على صفحة الماء
لا أعثر على وجهي
ولا أجد شيئا مني في عيون الأخرين
وكشريط سينمائي تمر اللحظة
فكأنني لم أكن
ولم تكن .. تلك الأيام
في أخر النفق المظلم
يخرج الهواء المقطر يذرات البرد , مني
ترتجف الصورة
أدرك نفْسي ونفَسي معا
قربانا يجلس بوجوم على باب معبد قديم
ليخنق القوم خوفهم أو جهلهم ..لا فرق
وواحد عرفته ..
من كان يحمل السكين
مصليا أمام محراب علم مقتله وقاتله
فسلمه ظهره ولم ينظره
وكان هذا نفسه
ملكا أسيرا أضاع ثأره بين الرمال وبيزنطة
ومن عرفته
كان مدفونا تحت صخرة
أبحث عنه ويعرفني
أخطئه ولا يخطئني
لا أراه ولا أغيب عنه
صنوا إجتزء مني أو يقال ضلع
عقلي الشريد في الخلاءات البعيدة
أخرٌ .. هو أنا  
قتلته
أشيله على كتفي .. جثة وذنبا لا يغتفر
أمشي به .. بلا دليل
إلا نعيب الغراب والوقت
ودموع السماء .. تلعنني
وهذا الجبل العاري إلا من ظله  
فهل تسمعني يا أخي
يا ابن أبي وأمي
سلام لك ..
سلام لنهاراتك الدافئة
سلام لحاضرك المغمس بزيت الاعتراف
سلام لعيونك البنية
تضيىء جفون الليلك
سلام لدمعك الرطب
على عتبة صلاة , وعلى عتبة وداع  
سلام للبدايات مرصودة بطلسم النهايات
سلام النهايات موصودة بأقفال البدايات
سلام عليك يا أخي ..
يا ابن أبي وأمي
يتكاثر الهواء الخشن في رئتي
وفي حديقة منزلي
يوزع نفسه في المكان
وكمن يسير في نومه , يمد يديه نحوي
لأصير لوناً بلا رائحة
أنفخ في الفراغ تبغي ..
أنفخ فراغي ...
أحرر قلمي من أمراضه السارية وغير السارية
فمن سيقنعني بالنوم باكرا هذا المساء
وأنا محتاج للتلاشي نورا مع الصباح
وأنا محتاج للتجلي مرة أخرى ..
فهؤلاء البشر حمقى
وأنا أكره جميع قصائدي
                

 

تعليق عبر الفيس بوك