قميراء.. أصالة وتراث وصحة

ناصر العبري

تحرصُ جريدة "الرؤية" على الوصول لكل قرية في ربوع الوطن؛ لإبراز الطفرة الكبيرة في مسيرة التنمية التي عمَّت ربوع الوطن في عصر النهضة المباركة، التي يقودها مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- كما تعمل الجريدة على التعريف بمبادراتها المجتمعية في كل مكان.

ولقد وصلتْ، مُؤخرا، إلى قرية قميراء الصحية التابعة جغرافيا لولاية ضنك. وبعد وصولي لضنك، كُنت أتساءل: هل سوف أسلك طرقا وعرة؟! غير أنَّني تفاجأت بطرق أنشأتها حُكومتنا الرشيدة -ممثلة في النقل والاتصالات- على أعلى المواصفات، وبعد المسير بين الجبال والأودية والجو الصحي النقي، حيث يُعد طريق قميراء صاع -الذي يربط ولاية ضنك عبر بلدة قميراء، التي تبعد عن مركز الولاية شمالا بحوالي 70 كيلومترا، بمحافظة البريمي- عبر مركز صاع، وهو من المشاريع المهمة بالولاية؛ حيث بلغت التكلفة الإجمالية للمشروع ثلاثة ملايين ريال عماني وبطول 31 كيلومترا.

إنَّها فعلا مكرمة سامية من مولانا المعظم في قلب الصحراء وبين الجبال الشاهقة. وما إن وصلت إلى قميراء ومعي أحد الشباب القاطنين قميراء، وجدتُ الترحيبَ وكرم الضيافة العُمانية الأصيلة. بعد ذلك، أخذنا جولة في القرية، ووقفنا على مشروع كُتِب عليه "القرية الصحية"، ومن ثمَّ أخذني زميلي إلى مكان تُوجد به مدافن تُشبه تلك المدافن التي في بلدة بات ووادي العين بولاية عبري، ويُعتقد أنها امتداد لحضارة أم النار، واصلنا المشوار إلى بساتين النخيل الناظرة والمثمرة التي تقفُ في شموخ تعانق السماء، وكأنها تحرسُ تلك الحارة القديمة التي لم تتغيَّر ملامحها رغم تقلبات الطقس، تجولتُ داخل الحارة وتفوحُ من بين جدرانها روائح الأجداد، وتحمل بصماتهم من خلال مادة الطين والجص العُماني.. إنها فعلا أصالة العُمانيين. بعد ذلك، توجهنا إلى مدرسة مالك بن أنس للتعليم الأساسي، وهي تابعة لتعليمية البريمي؛ حيث إنني على موعد مع إدارة المدرسة لإلقاء محاضرة عن الحفاظ على الممتلكات العامة، التي صَرَفت عليها حكومتنا الرشيدة الأموال الطائلة لتبقى للأجيال القادمة. وقميراء محميَّة طبيعية تشتهر بالغزلان والأرانب البرية، والتي يستطيع الزائر مشاهدتها في وقت الخصب والأمطار.

لفتَ انتباهي أن قميراء أرض زراعية تعطي كل المحاصيل الزراعية وقت خصب الأمطار، وبها فلج يسيل على وتيرة، وكأنه يُطلق نداء إلى وزارة البلديات الاقليمية وموار المياه، بإغاثته بحفر بئر تساعده على سقي بساتين النخيل وأشجار الموز وباقي أشجار الحمضيات.

فكلُّ الشكر والتقدير لأبناء الوطن المخلصين الذين يعملون على خدمة عُمان، لتبقى شامخة أبية مدى الدهر.