ضمن مبادرات قطاع سوق العمل والتشغيل

ندوة "العالي للقضاء" تستعرض آليات تسوية المنازعات العمالية في التشريع العماني

 

 

 

≥ بيان وسائل الحماية القانونية التي وفرها المشرِّع العماني للعامل

≥ إبراز ما تضمنه قانون العمل من حقوق وواجبات متفقة مع معايير العمل الدولية

≥ استعراض جهود السلطنة لتحسين بيئة العمل وفق رؤيتها لتعزيز التنويع الاقتصادي

 

نزوى - سعيد الهنائي

نظم المعهد العالي للقضاء بنزوى، أمس، ندوة بعنوان "آليات تسوية المنازعات العمالية في التشريع العماني"، تحت رعاية معالي الشيخ عبدالله بن ناصر البكري وزير القوى العاملة، وبحضور معالي الشيخ عبدالملك بن عبدالله الخليلي وزير العدل رئيس مجلس المعهد العالي للقضاء، وعدد من أصحاب السعادة والفضيلة وأعضاء فريق مبادرة تطوير وتحسين النظام القضائي المتعلق بسوق العمل العماني، وعدد من المهتمين.

وهدفت الندوة إلى التعريف بآليات تسوية المنازعات العمالية في السلطنة، وتمكين المختصين والمهتمين بمجال المنازعات العمالية من الإلمام بآليات تسوية هذه المنازعات، والإجراءات المتبعة فيها؛ من أجل بيان وسائل الحماية القانونية التي وفرها المشرع العماني للعامل حال المطالبة بحقوقه؛ بما يترتب عليه من إظهار مدى مراعاة المشرع العماني للبعد الإنساني والاجتماعي للعامل، وما تضمنه قانون العمل من الحقوق والواجبات المتفقة مع معايير العمل الدولية منذ بدء النزاع وحتى انتهائه.

وألقى الدكتور نبهان بن راشد المعولي عميد المعهد العالي للقضاء، كلمة؛ قال فيها: إنَّ الندوة التي ينظمها المعهد بالتعاون مع وزارة القوى العاملة تأتي ترجمة لبرنامج التعاون المبرم بينهما في شهر سبتمبر من العام المنصرم؛ في إطار الجهود المشتركة بين المعهد "ومبادرة تطوير وتحسين النظام القضائي المتعلق بسوق العمل العماني" -إحدى مبادرات مختبر سوق العمل والتشغيل في البرنامج الوطني- لتعزيز التنويع الاقتصادي التي تتابعها وتدعم تنفيذها وحدة دعم التنفيذ والمتابعة، وفق مؤشرات أداء واضحة، ولوحة تحكم مركزية؛ حيث تهدف المبادرة إلى رفع كفاءة المعنيين بتسوية المنازعات العمالية، فضلاً عن تقليص الفترة الزمنية اللازمة لتسوية تلك المنازعات؛ بما يؤدي لدعم بيئة الأعمال والارتقاء بسوق العمل والتشغيل.

وأضاف عميد المعهد العالي للقضاء: إن وجود سوق عمل منظم ومستقر يُمثل دعامة أساسية للقطاعات الاقتصادية المختلفة، وعاملاً مهماً لجذب تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر. وفي هذا الإطار، يؤدي قانون العمل العماني واللوائح والقرارات المتصلة به دوراً محوريًّا في إيجاد بيئة عمل صحية وآمنة؛ من خلال إيجاد علاقة عادلة ومتوازنة، تحدد حقوق وواجبات العامل وصاحب العمل بشكل واضح لا لبس فيه، غير أن هذه العلاقة العقدية قد لا تسير وفق التناغم المنشود عند إنشائها، فتحصل المنازعات بين الطرفين، والتي قد تكون منازعات فردية أو جماعية؛ الأمر الذي يستلزم التدخل لتسويتها بما يحفظ حقوق وواجبات كل طرف، وتحديد الأسس والمبادئ واجبة الاتباع من قبل الجهات المختصة، التي يتعين أن تأخذ في الاعتبار خصوصية هذا النوع من المنازعات، وما يستتبع ذلك من خصوصية في الآليات والإجراءات المتبعة عند تسويتها، وبما يضمن سرعة الفصل فيها؛ حفاظاً على مصالح جميع أطراف الإنتاج.

وأشار الدكتور نبهان المعولي إلى أن الندوة تهدف للتعريف بآليات وإجراءات تسوية المنازعات العمالية في السلطنة، وبيان السبل الكفيلة بتطويرها؛ لضمان فاعليتها في تحقيق الأهداف المنشودة منها على المستوى الفردي لأصحاب العلاقة أو على المستوى الوطني، كما تهدف الندوة كذلك إلى بيان وسائل الحماية القانونية التي وفرها المشرع العماني للعامل حال المطالبة بحقوقه، وإبراز مراعاة المشرع للجوانب الإنسانية والاجتماعية للعامل عند تسوية المنازعات العمالية.

وشهدتْ الندوة استعراض 3 محاور عمل؛ شملت خصوصية إجراءات التقاضي في المنازعات العمالية، وجاء الثاني ليناقش دور جهات الاختصاص غير القضائية في تسوية المنازعات، بينما ناقش المحور الثالث التحكيم في مجال المنازعات العمالية، وقدم أوراق العمل عدد من أصحاب الفضيلة القضاة.

وأدار الدكتور سعيد بن خلف النبهاني عميد كلية العلوم التطبيقية بنزوى، الحوار حول المحور الأول، وقدم فضيلة القاضي أحمد إبراهيم مبروك حشاد، ورقة عمل حول الإثبات في الدعاوى العمالية؛ أوضح من خلالها أن للعمل قيمة وأهمية وتأثيرا في حياة الأفراد والمجتمعات، وإدراكا من المشرع العماني لتلك القيمة، أورد أحكاما خاصة في مسألة الإثبات في الدعاوى العمالية، وإن تلك الأحكام فيها ما يخالف أو يقيد القواعد العامة في الإثبات، وهي تصب في مصلحة العامل باعتباره الطرف الجدير بالرعاية في العلاقات العمالية، وتتناول المبدأ العام في الإثبات، ومبدأ عدم توافر نصاب الشهادة، واستثناء المشرع العماني بعض المنازعات العمالية من تلك الأحكام. وناقش الوسائل التي اعتمدها المشرع العماني في إثبات عقد العمل في محور أول، وإثبات الفصل التعسفي، والملتزم بإثبات مبرر الفصل بعد زوال سبب الوقف، وإثبات إخطار صاحب العمل للعامل بإنهاء عقد العمل غير محدد المدة، وإثبات تقاضى العامل لأجره، وإثبات تقاضى العامل لمقابل رصيد إجازاته.

وقال فضيلة القاضي أحمد إبراهيم مبروك حشاد: إن الحفاظ على حقوق العمال مظهر حضاري للأمم، وفى سبيل إعلاء تلك القيم، نتطلع إلى تعديلات تشريعية تعين القاضي في مجال إثبات الحقوق العمالية، ونهيب بالمعنيين بتطبيق قانون العمل، مراعاة إرادة المشرع في التيسير على العمال لإثبات حقوقهم، وسرعة الإنجاز في ذلك النوع من القضايا.

وقدم المحامي الدكتور أسعد بن سعيد الحضرمي ورقة عمل حول سرعة الفصل في الدعاوى العمالية؛ أوضح من خلالها أن قانون العمل العماني حثَّ على سرعة الفصل في المنازعات العمالية، وذلك لما يترتب على تأخير الفصل فيها من آثار تنعكس سلباً، وبشكل مباشر على الأوضاع الاقتصادية للمجتمع، كما أن أساليب الإنتاج الحديث والمتسارع، تفرض على القضاء العمالي نهجاً؛ يتواءم مع هذه المتغيرات؛ ويكفل العدالة الناجزة؛ ويُسهم في حفظ وترسيخ المراكز القانونية لعناصر الإنتاج، ولن يكون ذلك إلا عن طريق سرعة البت في المنازعات العمالية.

وتطرق الحضرمي إلى عدة محاور تضمنت المعوقات التي تواجهها عملية سرعة الفصل في المنازعات العمالية، والحلول القانونية، الموضوعية، والإجرائية لمواجهه تعمد أحد أطراف الدعوى تعطيل البت فيها، إضافة لمدى إلزاميه مدد إنهاء النزاع العمالي، الواردة في المادة 160 من قانون العمل. وأشار المحامي الدكتور أسعد بن سعيد الحضرمي إلى أن سرعة الفصل في المنازعات العمالية تحقق العديد من المزايا، فهي توفر الشعور بالعدل، وتوفر الجهد والأموال، وتقلل من حالات البطالة؛ مما يُسهم في زيادة الإنتاج وتنظيم واستقرار سوق العمل.

وأدار الدكتور محمد رشاد أبو عرام أستاذ القانون الجنائي المساعد بكلية الشرطة "أكاديمية السلطان قابوس لعلوم الشرطة"، المحور الثاني حول دور جهات الاختصاص غير القضائية في تسوية المنازعات، وقدم الدكتور عبدالمجيد بن يوسف الأغبري مدير مكتب تنسيق لجان التوفيق والمصالحة بوزارة العدل، ورقة عمل حول دور لجان التوفيق والمصالحة في تسوية المنازعات العمالية؛ أوضح من خلالها أن إنشاء لجان التوفيق والمصالحة وفقا لقانون التوفيق والمصالحة، الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 98/2005، كان هدفه حل الخلافات والنزاعات بين أفراد المجتمع بطرق ودية، وإيجاد طرق بديلة، سهلة وسريعة، لحل النزاعات والخلافات، وجعل قنطرة المحاكم آخر القناطر التي يمكن اللجوء إليها.

إضافة إلى دور لجان التوفيق والمصالحة في تخفيف العبء الملقى على كاهل المحاكم، والمرونة التي منحها المشرع للجان التوفيق والمصالحة، لتكون رديفا مناسبا لصرح العدالة، ومضمون قانون التوفيق والمصالحة وخلاصة ما جاء فيه من ضوابط.

وأشار الدكتور عبدالمجيد بن يوسف الأغبري إلى أن دور لجان التوفيق والمصالحة في تسوية الخلافات العمالية، والفوائد التي تتولد منها هذه التسوية، لما لمحضرها من قوة تنفيذية، وفقا للمادة 15 من القانون.

ومن جهة أخرى، قدم يوسف بن خصيب البوسعيدي ورقة عمل حول دور أطراف الإنتاج في المفاوضات وتسوية المنازعات العمالية الجماعية؛ أشار من خلالها إلى أن المفاوضات العمالية تعد من أهم الطرق والأساليب المتبعة في تسوية المنازعات العمالية، الفردية والجماعية، بين أصحاب العمل والنقابات العمالية؛ وذلك من خلال التوصل لاتفاق يهدف لتحسين شروط وظروف العمل، وإيجاد الحلول المناسبة لجميع الخلافات والمشكلات التي يمكن أن تنشأ في بيئة العمل.

وناقشتْ ورقة العمل مفهوم المفاوضة الجماعية، والنزاع العمالي الجماعي، والأطراف التي تشارك في المفاوضة ودورها في تسوية النزاعات، إضافة للجان المعنية ببحث مطالب العاملين، وأنواع هذه اللجان، وآلية عملها، وتصرفها في المطالب عن طريق توقيع اتفاقية العمل الجماعية، أو إحالتها إلى المحكمة المختصة.

وأشار يوسف البوسعيدي إلى أن مفاوضات تسوية المنازعات العمالية، والتي تتم وفقاً، للقرار الوزاري رقم 294/2006م وتعديلاته، بدلالة المادة رقم (107) مكرر من قانون العمل العماني، تُسهم في استقرار أوضاع المنشآت وتطوير ورفع مستوى الإنتاج وجودته وتحسين الأداء المالي فيها، وتوفر بيئة العمل الجاذبة والمناسبة للإنتاج.

وأدار الدكتور خليفة بن يحيى الجابري عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء، المحور الثالث الذي جاء حول التحكيم في المنازعات العمالية؛ قدم من خلاله فضيلة القاضي الدكتور أحمد بن سليمان البوصافي ملخصا حول اتفاق التحكيم في مجال منازعات العمل؛ أشار من خلاله إلى أن التحكيم يعد الوسيلة الأسرع في فض المنازعات بشكل عام؛ حيث يعرف بأنه القضاء الخاص الذي يلجأ إليه أطراف النزاع بإرادتهم الحرة من أجل حل المنازعات بطريقة ودية، وينقسم إلى التحكيم الاختياري والإجباري، وله صورتان هي شرط؛ ومشارطة التحكيم. وناقش خلال عرضه المرئي محورين أساسيين تمثلا في التعريف باتفاق التحكيم وأنواعه في مطلب مستقل، ومدى جواز التحكيم في القضايا العمالية ومدى تعلقها بالنظام العام. وجاء المحور الثاني حول الشروط الموضوعية والشكلية لصحة اتفاق التحكيم في مطلبين، وبعض الملاحظات العملية في هذا الجانب.

وأشار فضيلة القاضي الدكتور أحمد بن سليمان البوصافي إلى أنه ليس ثمة نص في قانون العمل يمنع من التحكيم، وأن القواعد الآمرة في قانون العمل لا تتعارض مع مصلحة العامل المتحققة من التحكيم. وإذ ثبت ذلك، فلا بد أن يكون اتفاق التحكيم غير مشوب بالبطلان، بل منسجما مع صحيح القانون؛ محققا لمصلحة العامل؛ غير مجحف لحقه.

وقدم الدكتور حمودة فتحي حمودة ورقة العمل المتعلقة بإجراءات التحكيم في المنازعات العمالية ضمن المحور الثالث للندوة؛ وقال إن انتشار فكرة التحكيم كطريقة فعالة في تسوية منازعات العمل الجماعية في القرنين السابقين، لأسباب عديدة، ويسمح قانون العمل الفرنسي بأن تتضمن اتفاقيات العمل الجماعية شرطاً للتحكيم في النزاع الذي قد ينشأ مستقبلاً، بشرط اتباع الإجراءات المقررة (كما هو في قانون العمل الكويتي)؛ مثل: عرض النزاع على لجان التوفيق، أو التشاور، كما يجوز إبرام مشارطة مستقلة عن الاتفاقية الجماعية، يتم بموجبها اللجوء إلى التحكيم مباشرة، دون المرور بالمراحل السابقة عليه. وناقش خلال ورقة العمل عدد من المواضيع شروط اللجوء إلى التحكيم في القانون العماني، وإجراءات عرض النزاع والفصل فيه، وتنفيذ حكم التحكيم.

وأوضح الدكتور حمودة فتحي حمودة أنه في القانون العماني لم يرد في قانون العمل العماني نصوصا تسمح باللجوء إلى التحكيم كوسيلة لتسوية المنازعات العمالية، بينما احتوى قانون التحكيم على نصوص أخرى، يُفهم منها ضمنا -وليس صراحة- إمكانية اللجوء إلى التحكيم في المنازعات العمالية، وإن كان الأصل في إجراءات التحكيم أنها ميسرة، وليست بتعقيد إجراءات المحاكم، إلا أنه لابد وأن تكون في المنازعات العمالية أكثر تيسراً، وأقل تكلفة.

تعليق عبر الفيس بوك