غياب المشاركة في مؤتمرات ريادة الأعمال

 

 عبيدلي العبيدلي

شاركت مملكة البحرين بوفد كبير في المؤتمر العاشر لريادة الأعمال الذي احتضنته مدينة إسطنبول بتركيا، خلال الفترة بين 16 – 19 أبريل 2018، والذي تعقده سنوياً الشبكة العالمية لريادة الأعمال "GLOBAL ENTREPRENEURSHIP NETWORK"، وحضر جلسته الوزارية، وزير التجارة والصناعة والسياحة زايد الزياني. ويعود سبب المشاركة بمثل هذا الوفد الضخم، أن المنامة سوف تحتضن، في شهر أبريل من العام المقبل (2019)، المؤتمر الحادي عشر لذات الفعالية.

ودون الحاجة للخوض في تفاصيل القضايا التي ناقشتها جلسات وورش عمل، التي انصبت حول قضايا مفصلية بشأن ريادة الأعمال، ودورها الاستراتيجي في الاقتصادات العالمية الناجحة، مع التركيز على ضرورة احتضان مثل تلك الأعمال الريادية، ودمجها، على نحو صحيح ومبدع، في الاقتصادات الوطنية، لما لها من دور إيجابي ملموس في الارتقاء بأداء تلك الاقتصادات، ودور آخر أهم في معالجة قضايا البطالة وخاصة في صفوف الشباب، حيث باتت تلك القضايا تقع في فئة المسلمات، كما يلفت تقرير نشره موقع الفضائية "العربية"، يقول إنِّه أصبح "لرواد الأعمال في العالم تأثير اقتصادي في الوقت الراهن. فقد أصبحت الريادة اقتصادا مستداما لكل الدول الاقتصادية لهذا نجد اليوم رواد المشروعات الناشئة مصدراً حقيقياً في دعم اقتصاديات دولهم بل استفادت الدول الغربية من ريادة الأعمال وقامت بتوظيف روادها في دعم اقتصادياتها لتسهم مشروعات رواد الأعمال في أمريكا بأكثر من 50% من اقتصادها القومي وكذلك الصين أصبحت مساهمة رواد الأعمال 60% في الاقتصاد القومي ونسبة 70% في هونج كونج".

وفي البلاد العربية، وحول هذه العلاقة بين تنمية حصة رواد الأعمال في تقليص نسب البطالة في البلاد العربية، يورد موقع (Arabian Business)، تقريرا مفصلا نقل ما كشفه "المنتدى الاقتصادي العالمي، (WEF) بأن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (MENA) ستحتاج إلى توفير 75 مليون وظيفة بحلول 2020 ـــ أي أكثر بنسبة 40 بالمائة مما وفرته المنطقة في 2011. واتفقت كل قطاعات المجتمع على أن ريادة الأعمال حل مهم لاحتياجات الشباب العربي. ويذكر المنتدى الاقتصادي العالمي أن حوالي 13 بالمائة من تعداد السكان العاملين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يشتركون في نشاط من أنشطة ريادة الأعمال ـــ أكثر بكثير من النسبة في الولايات المتحدة أو ألمانيا أو اليابان". ويضيف التقرير "أن الإمارات العربية المتحدة رائدة في المنطقة كمحورٍ للشركات التكنولوجية الناشئة بمجموعة من الحاضنات الداعمة للشركات الناشئة في البلاد. وقد أوردت شركة تحليل البيانات سي بي إنسايتس CB Insights أن الشركات الناشئة القائمة على التكنولوجيا في الإمارات العربية المتحدة قد جمعت حوالي 2.3 مليار دولار أمريكي في 2016".

وفي سياق الحديث عن دور ريادة العمال في رفد الاقتصاد الوطني وتزويده بالروافع التي يحتاجها ذلك الاقتصاد من أجل تحقيق معدلات النمو التي يطمح لها يقول الكاتب يوسف بلفلاح "شكل ريادة الأعمال رافعة للتقدم الاقتصادي، فهي عملية ضخ دماء جديدة وخلق نشاط بشرايين الاقتصاديات الوطنية. ويتم من خلالها تحويل الأحلام إلى مشاريع ملموسة يتوقع منها أن تخدم كل الفرقاء المجتمعين المساهمين فيها. ومع بداية الاهتمام بالقطاع الخاص ووصوله لمكانة عالية في الاقتصاد الحديث، أصبحت ريادة الأعمال محوراً رئيسياً للنهوض الاقتصادي من خلال المشاركة بإنجاز مشاريع طموحة تحقق الأهداف الاستراتيجية للدولة، وكذلك تعمل على تنويع القطاعات الاقتصادية ورفدها بالإبداع، إضافة طبعاً إلى تنمية المجتمعات."

وعودة للمؤتمر، تجدر الإشارة إلى أنَّ الحضور البحرين كان كبيرا، وفعاليته ملموسة في الترويج للبحرين، ورغبتها في إنجاح المؤتمر الحادي عشر لريادة الأعمال، خاصة في الجلسة الختامية التي تصدرها على المنصة مجموعة من ممثلي الوزارات والهيئات الحكومية. وغاب عن ذلك التمثيل الناجح والاستراتيجي مقعد ممثل غرفة تجارة وصناعة البحرين.

لقد كان غياب الغرفة ملموسًا، والحاجة إلى حضورها ومشاركتها، كان هو الآخر ملموسا، خاصة وأن البحرين كما يظهر مسح أجرته مؤخراً "أرنست أند يونغ" Ernst & Young، يؤكد على "أنّ 70% من الشباب في البحرين مهتمون بفكرة إطلاق شركاتهم الخاصة، وهو ضعف نسبتهم في بلدان خليجية أخرى. غير أنّ عدداً من البلدان حول العالم بينها البحرين، خصّصت حيّزاً كبيراً من الحوافز الحكومية والبنى التحتية لبناء نسختها الخاصّة من وادي السيليكون من دون أن تحقق المستوى ذاته من النجاح"

وفي لقاء خاص للرئيس التنفيذي لمجلس التنمية الاقتصادية البحريني، خالد الرميحي، مع محطة سي إن إن الأمريكية، يرى الرميحي أن "خلق البيئة التي تحتضن ريادة الأعمال مهم، مشيراً إلى الأسباب التي تميز البحرين في هذا القطاع ضمن دول الخليج بالقول: أولاً، عندنا خبرة ممتازة من قبل بعض المؤسسات الموجودة في البحرين التي أعتقد أنها فريدة من نوعها، مثل مؤسسة تمكين التي تعمل منذ 10 سنوات ونجحت في تقديم مساعدات لـ 30 ألف شركة و100 ألف فرد، وقدمت ما يتجاوز المليار ونصف المليار دولار من المساعدات لرواد الأعمال. وهذه تجربة ناجحة، إذا نظرت إلى الاقتصاد البحريني، سترى شركات عديدة بدأت بمساعدة تمكين."

ولابد من الإشادة هنا بالدور المميز الذي يمارسه تمكين، كما أشار الرميحي، في احتضان مشروعات ريادة الأعمال البحرينية، وعمله الجاد من أجل نقلها من حيزها الفردي الضيق، إلى فضائها الاقتصادي الواسع، كي تمارس دورها الحقيقي في رفد الاقتصاد الوطني والارتقاء بأدائه.

كل ذلك يجعل من مشاركة "الغرفة"، ضرورة ملحة من أجل القيام بدورها المناط بها في التأسيس لعلاقة تنموية، ومثمرة وصحيحة بين مشروعات رواد الأعمال والاقتصاد الوطني.

قد توجه الغرفة اللوم، لتبرير غيابها عن هذا المؤتمر الذي يقع في صلب برنامج مجلسها الإداري الانتخابي، وخاصة ما جاء في "برنامج المئة يوم الأولى"، للقائمين على مشاركة البحرين في فعالية "الشبكة العالمية للأعمال الريادية"، لكن ذلك لا يعفيها هي، وبشكل مباشر، من مسؤولية غيابها عن الفعالية، إن كان ذلك جراء جهلها بالفعالية، أو لعدم قدرتها على التنسيق مع الجهات التي شاركت فيها.

رغم ذلك، فإن الفرصة ما تزال قائمة كي تفرض الغرفة حضورها، وتكون لاعباً أساسيًا، واستراتيجياً في برنامج التحضير لتلك الفعالية.