من أجل سد الثقوب

علي بن بدر البوسعيدي

رغم الجهود المبذولة من الجهات المعنية، إلا أننا ما زلنا بحاجة إلى المزيد من الإجراءات لتنظيم السجلات التجارية في السلطنة، خاصة بعد أن قطعنا خطوات كبيرة على طريق التقنية من خلال البوابة الإلكترونية "استثمر بسهولة".

وتتمثل صعوبة تلك المشكلة في أن هناك الكثير من السجلات ليس لها وجود على أرض الواقع؛ فهناك اختلاف كبير بين الرقم المدوَّن كسجلات تجارية صحيحة وأوراقها سليمة، وبين ما يتم على أرض الواقع من حيث أعداد تلك المنشآت العاملة في السوق أيًّا كان نشاطها. لهذا؛ نقدر جهود وزارة التجارة والصناعة المشكورة، خاصة ما قامت به مُؤخراً، في إطار العمل على الحد من تعدد السجلات التجارية؛ من خلال اتخاذ عدد من الإجراءات؛ منها: دمج سجلات المؤسسات الفردية في سجل واحد، والتفرغ لإدارة منشأة تجارية واحدة بدلا من عدة مؤسسات أو شركات، كذلك من المتوقع أن نلمس نتائج إيجابية للقرار المهم الذي أصدرته الوزارة خلال الفترة الماضية، والذي قضى بإيقاف عدد من أصحاب السجلات التجارية بالبوابة الإلكترونية "استثمر بسهولة"، ممن يمتلكون مؤسسات فردية وحصصا بشركات تجارية مختلفة، مع التأكيد على أن هذا الإيقاف لن يتم رفعه إلا بعد التحقق وتقديم ما يثبت صحة بيانات تلك المنشآت التجارية، ومدى فاعليتها، والتزامها بالقوانين واللوائح، والتأكد من حصولها على عقود الإيجار والتراخيص البلدية، والتزامها بإعداد وتقديم القوائم المالية وفقا لمعايير المحاسبة الدولية وقانون الشركات التجارية، والتأكد من تفعيل الأنشطة والأغراض التجارية المؤسسة من أجلها هذه المنشأة.

ويُمكننا القول إنَّ هذه الإجراءات تعد خطوة مهمة على صعيد الحد من ظاهرة الشركات الوهمية، خاصة وأنها تساعد على استغلال السجلات لأهداف وغايات غير تجارية تساعد على ارتفاع حالات ممارسة التجارة المستترة والمساهمة في توسع انتشار القوى العاملة الوافدة الهاربة التي لها آثار سلبية اقتصادية واجتماعية، والكثير والكثير من النتائج السلبية.

فما بالنا ونحن نتحدث عن تفعيل وتعميق لدور المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في عملية التنمية، وتلك الجهود التي تُبذل في إطار تثقيف وتوعية وتدريب وتأهيل وتمويل ودعم رواد ورائدات الأعمال، وهو مناخ يستدعي سد تلك الثقوب التي تتسرب منها الأموال والفرص، من أجل بناء قطاع مؤسسات صغيرة ومتوسطة قوي وقادر على المنافسة بمنتجاته داخليا وخارجيا، قطاع يخلق المزيد من فرص العمل، ويضع بصمة واضحة في مسيرة التنمية.

كذلك يُمكن القول إنَّ تلك الجهود تحتاج توعية كبيرة ومستمرة في المجتمع بأخطار الشركات الوهمية، وتقديم بدائل لأصحابها من أجل تشجيعهم على العودة للواقع كمؤسسات منتجة تَحْظَى باهتمام ودعم مجتمعي ورسمي كبير، وهذه التوعية يجب أن تتم بطرق حديثة وباستثمار الاهتمام الكبير بمواقع التواصل الاجتماعي، إضافة للإعلام المرئي والمسموع والمقروء.