كاتب سعودي يوثق زيارته لمسقط .. ويشيد بالتنمية الشاملة في السلطنة

أشاد الكاتب السعودي عبدالله صادق دحلان، بالنهضة الشاملة التي تشهدها السلطنة في كافة المجالات، وقال الكاتب السعودي في مقالته المنشورة بجريدة عكاظ السعودية، إنه خلال زيارته للسلطنة شاهد مالم يتوقع أن يشاهده، وأن السلطنة تستحق الإشادة.
وفي السطور التالية المقال كاملا:

التنمية الشاملة في سلطنة عمان تستحق الإشادة

عبدالله صادق دحلان

من يتابع التنمية في دول الخليج خلال الخمسين عاما الماضية يتأكد له أن هناك نقلة حضارية حدثت في البشر والحجر في جميع دول الخليج، ويعود الفضل لقيادات دول الخليج ملوكا وسلاطين وأمراء ورؤساء.

وبكل الفخر والاعتزاز نسجل نحن أبناء الخليج تاريخ التنمية في بلادنا بماء من ذهب، فبعد أن كانت دويلات في صحراء أصبحت دولا تنافس بقية دول العالم في تنمية بلادها وشعوبها، وبعد أن كانت دول الخليج طاردة لسكانها إلى الدول العربية المتقدمة آنذاك مثل مصر والعراق وسوريا ولبنان وغيرها من الدول المجاورة بحثا عن الرزق والعمل والتعليم. تحولت دول الخليج في السنوات الأخيرة إلى دول جاذبة للعمالة الأجنبية من جميع دول العالم وبمختلف التخصصات والشهادات للعمل والاستثمار، وأصبحت الإقامة والعمل في دول الخليج مكسبا ومصدرا للعملة الصعبة للدول المصدرة للعمالة، وساهمت هذه البلايين المصدّرة في تنمية دولهم، والأمثلة على التنمية في دول الخليج عديدة، لكنني اليوم سأتحدث عن إحدى دول الخليج التي كان يعتبرها البعض في الماضي بأنها في مؤخرة دول الخليج من حيث التنمية نظرا لمحدودية دخلها، إلا أنني وبعد زيارتي الأخيرة في الأسبوع الماضي لسلطنة عمان عدت إلى المملكة بانطباع إيجابي مؤثر في نفسي، وهو أن هناك تنمية حقيقية متزنة وغير مستعجلة مدروسة ومنضبطة أبدع فيها المخططون والمنفذون حتى وإن تأخرت في تحقيق التنمية إلا أنها وصلت إلى مستوى ينافس التنمية في أي دولة من دول الخليج الأخرى.

وتلبية لدعوة من أخي وزميلي معالي الدكتور جمعة آل جمعة وزير العمل سابقا ورئيس مجلس أمناء جامعة مسقط، ومن أخي وزميلي الشيخ خليل الخنجي رئيس غرفة تجارة وصناعة عمان سابقا لزيارة جامعة مسقط وإلقاء محاضرة عن التعليم الجامعي الأهلي في دول الخليج. قمت بالزيارة برفقة زوجتي وبرفقة زميلي ومستشاري الأستاذ الدكتور حسين العلوي وعائلته، ولم أبلغ صاحب الدعوة لاستقبالي رغبة مني بأن أشاهد مسقط من بوابتها مطار مسقط الدولي، وأرى ما يراه المسافر والسائح العادي.

ومنذ أن ركبت الطائرة العمانية من جدة إلى مسقط وأنا مندهش من تطور الطيران العماني بطائراته الحديثة وأطقم القيادة العمانية المحترفة وأطقم الخدمة داخل الطائرة من ذوي الخبرة والمهنية التي يصعب منافستها، إلى أن حطت بنا الطائرة في مطار مسقط الدولي الجديد والذي كان يوم وصولنا هو الثالث من تاريخ الافتتاح الرسمي فكانت بالنسبة لي صدمة إعجاب وانبهار بمستوى المطار حجما وتصميما وتخطيطا وتأثيثا وخدمات، ولحسن الحظ أن الطائرة وقفت عند آخر بوابة في (التيرمنال) حتى أستمتع وأنبهر أنا ومن يرافقني بالمطار، فكانت صالاته لوحة جمالية تبهر المسافرين بعظمة التصميم والتنفيذ، والأهم من كل هذا كانت الخدمات الراقية والسهلة والمرنة من الجوازات والجمارك واستلام الحقائب في دقائق، ثم إلى صالة الانتظار ثم إلى صالة وسائط النقل ومنها التاكسي العماني بقيادة شباب عمانيين متعلمين ومثقفين وكأنهم دربوا لأن يكونوا مرشدين سياحيين بسيارات تاكسي راقية المستوى ونظيفة الشكل والمضمون وبرحلة حوالي ساعة إلى المنتجع المخصص لإقامتنا خارج العاصمة.

لاحظت أن مدينة مسقط تستطيع أن تنافس أي دولة في العالم من حيث النظافة واتساع طرق السير الطويلة المضاءة والمشجرة، كما تستطيع أن تنافس التنمية في أي دولة أخرى من حيث تطويع الطبيعة لبناء التنمية، فتم ربط الجبال بالسهول من خلال الأنفاق والجسور المعلقة، وتعمير السهول بين الجبال وعلى الشواطئ بإقامة أرقى المنتجعات السياحية التي بدأ يرتادها السياح من آسيا وأوروبا وأصبح ميناء مسقط البحري محطة استراحة للسفن السياحية الضخمة القادمة من آسيا إلى أوروبا وبالعكس المحملة بآلاف السياح الذين يقضون أياما في شواطئ منتجعات سلطنة عمان، كما استقطبت منطقة صلالة جنوب عمان الواقعة على أعلى الجبال آلاف السياح من دول الخليج لبرودة أجوائها وجمال طبيعتها وصنف مطارها ضمن أفضل 20 مطارا في العالم.

وفي مجال التعليم الجامعي الأهلي على مستوى دول الخليج تعتبر سلطنة عمان من الأكثر اهتماما ومن الأكبر عددا للكليات والجامعات الأهلية بعد السعودية والإمارات، والأقل عددا على مستوى الخليج للجامعات الحكومية حيث يوجد بها حوالي 67 جامعة وكلية جامعية أهلية وجامعة واحدة حكومية (جامعة السلطان قابوس)، وهناك استعدادات لإنشاء جامعة حكومية جديدة.

وهذا يوضح مدى الاهتمام الذي يحظى به القطاع الأهلي الجامعي والذي يحصل على دعم يعادل (170) مليون ريال سعودي لبناء الجامعات وتقدم أراض مؤجرة برسوم رمزية لفترة تشغيل الجامعة، وضمان منح مجانية من الدولة تصل إلى نسبة 50 في المائة من إجمالي الطلبة في تخصصات يحتاجها سوق العمل، حتى شركات السيارات أنشأت كليات جامعية متخصصة في صيانة وتشغيل السيارات.

انتهت الزيارة وغادرت من المطار الذي أصنفه شخصيا الأول حتى الآن في دول الخليج، وبإصرار من أخي الأستاذ أيمن الحوسني الرئيس التنفيذي لمطارات سلطنة عمان بالتجول برفقته على جميع مرافق المطار فزاد إعجابي وانبهاري وتمنيت أن يقوم المسؤولون في مطار الملك عبدالعزيز بجدة بزيارته قبل افتتاح المطار الجديد للاستفادة من التجربة.

 كاتب اقتصادي سعودي

تعليق عبر الفيس بوك