الجماهير عادت.. فلا تخسروها

أحمد السلماني

علاقة خاصة جدا تلك التي ربطت الجماهير العُمانية بالمنتخب الوطني الأول تحديدا، بعد أن أعاد الابتسامة لها، وأوفى بوعوده، وأتى للسلطنة بكأس الخليج، وكان قد ذهب بعيدا بتأهل مُسبق للنهائيات الآسيوية، فكان اللقاء مع الشقيق الفلسطيني لفك ارتباط الصدارة، ومرة أخرى لم يخذُل الأحمر جماهيره، فأوفى بالوعد، وكانت هي في الموعد.. ألم أقل لكم إنها علاقة وطيدة، فبالله عليكم لا تُفسدوها بأخطاء إدارية فردية غير مسؤولة.

فيما يبدو، فإن الجهات التنظيمية ذات العلاقة لم تكن تدرك أن المباراة كانت الظهور الأول للمنتخب بعد الإنجاز الكبير، والأكثر من ذلك أنها رسمية، وأن الفوز وحده سيُحقق أكثر من هدف، الصدارة كانت تعني حظوظًا أوفر لمنتخبنا عند توزيع المجموعات بالنهائيات الآسيوية، والفوز وحده كان يعني أن منتخبنا سيتقدم في التصنيف الدولي للفيفا بعد فوزه على منتخب متقدم عليه في التصنيف، فضلا عن تعميق ثقة الوسط الرياضي الكروي، خاصة الجماهير بمنتخب بلادها، كل ذلك تحقق بهدف جاء بولادة قيصرية عسيرة، لكنه كان كافيا لأن يُطرب مسقط، بل السلطنة بأسرها، لكن يبدو أن هناك مجموعة بعينها لم تكن تُدرك ذلك، هذه كانت تغرد خارج السرب، وهنا كان دور الإعلام الرياضي الذي تناول الحدث بإسهاب قبل الموقعة لتتناغم معه الجماهير وتحتشد، وكان بالإمكان تجاوز حاجز الـ10 آلاف مشجع، لولا سوء التنظيم الذي اضطر بعض الجماهير لأن تُغادر البوابات بعد أن ملَّت الانتظار، وأوعزت للقادمين بالرجوع.

يُقال إنَّ اجتماعا تنسيقيا تم بين جميع الجهات ذات العلاقة بما فيها رابطة مشجعي المنتخب، ولكن أين ذهب كل ذلك؟! خطة العمل كانت تقتضي فتح البوابات الساعة 4:30 مساء، لتُفتح الساعة 5:40 دقيقة، والجماهير تتكدس بلا مُبرر، رغم توافر عديد البوابات، الرابطة وحدها كانت بحاجة لأن تدخل قبل الموعد لتنظم نفسها وتعيد ترتيب المكان وتصطف بأدواتها، الجماهير كلها تم توجيهها لاحتلال الجهة الغربية، وتركت الجهة الشرقية خاوية، ربما المنظمون لا يعلمون أن الشعب الفلسطيني يعيش في الشتات بين دول العالم المختلفة والموجود منهم بالسلطنة قلة قليلة، ولم يكونوا بحاجة لربع مُدرَّج حتى، ولو قُدر للجماهير العمانية ملء كل الجهة المقابلة للمنصة، فإن المنظر العام سيكون ولا أروع جماليا وعمليا من ناحية التشجيع، فضلا عن تأثير ذلك على اللاعب داخل الملعب.

بعد نصف ساعة من بداية المباراة، انتبه القائمون عليها إلى أن هذه الحشود لا بد لها أن تدخل، فكان لدخولها تأثير كبير على جمالية وقوة المباراة المنقولة فضائيا ويتابعها أكثر من 10 ملايين فلسطيني منتشرين حول العالم، فضلا عن المشجعين العُمانيين الذين تحلقوا خلف الشاشات لمتابعة بطل الخليج.

للأسف الشديد كل ذلك لم تدركه الجهات التنظيمية ذات العلاقة، واتحاد الكرة نفسه يخفق مجددا في تسويق هكذا أحداث مهمة، ويتعاطى مع تسويق المباراة بطرق بدائية رغم أنه كان بإمكانه رفد موازنته من عوائدها، بعد أن اعتمد على الإعلام التقليدي، وإقصاء الفضاء الإعلامي الحديث بمُؤثراته القوية، وهذه كانت مثارَ جدل هي الأخرى بعد أن تبنَّى اتحاد الكرة تفسيرا خاصا به لقرار وزارة الإعلام بتقنين عمل هذا الفضاء الإعلامي.. وهنا نقول: "إما أن يحترم اتحاد الكرة الإعلام الرياضي المسؤول، أو أن يحترم هذا الأخير رسالته ويتعامل بحزم مع هكذا لا مبالاة".