التكنولوجيا والإنسانية

 

 

حسين بن علي السيابي 

مهندس شبكات الحاسب الآلي

لقد بدأ الإنسان المعاصر لعصر التكنولوجيا والسرعة والاختراعات التي أسهمت في تغيير الكثير من المفاهيم والمعايير الكونية، في استيعاب هذا التطور والعمل على جعله جزءا لا يتجزأ من الحياة اليومية والعملية والعلمية وقد قام هذا الإنسان بوضع العديد من القوانين التي تواكب هذا العصر الذي انتشرت فيه هذه التكنولوجيا بشكل واسع في أغلب أوساط المجتمعات وأصبح مفهوم التكنولوجيا سائدا بين الأمم بل قامت بعض الدول بتخصيص جزء كبير جدا من الميزانيات العامة لتطوير الجانب التكنولوجي بشتى مجالاته وغرس هذه الثقافة في المجتمع بشكل كبير حتى يكون هناك كوادر تساهم في تطور المجال التكنولوجي سواء في المجالات الطبية أو الاقتصادية أو غير ذلك. وأحد الأمثلة على ذلك في السابق كان الاتصال وتقصّي الأخبار من الصعوبات التي تواجهها الشعوب والمجتمعات المختلفة. أمّا الآن في عصرنا الحديث يمكن الحصول على أي معلومة أو التواصل مع أي شخص كان بكل سهولة وبتطبيق بسيط في الهاتف ولن يحتاج الفرد أن يبذل جهدا عظيم لكي يصل إلى ما يريد.

ومع مرور الزمن تطوّرت هذه التكنولوجيا وأصبح لا يمكن الاستغناء عنها في أغلب مجالات الحياة. ومن هذا المنطلق قامت الكثير من المؤسسات والجمعيات والأفراد المعنيين بالجانب الإنساني باستخدام هذه التكنولوجيا في خدمة المجال والعمل على زيادة الوعي ومساعدة الكثير من المجتمعات التي تحتاج إلى الرعاية والاهتمام سواء في جانب تطوير البنية التحتية أو توفير فرص العمل أو توفير المعونات الخيرية وهذه التكنولوجيا أسهمت في تغيير طريقة العمل الإنساني إلى أعلى المستويات وأصبح يمكن عمل أي توعية إنسانية بكل سهولة فهناك الكثير من تطبيقات التواصل الاجتماعية التي يستخدمها الأفراد بشكل يومي أن تساعد في انتشار هذه التوعيات بشكل كبير جدا وواسع واستهداف أغلب شرائح المجتمعات المطلوبة.

و لم يقف الأمر إلى هذا فقط فقد قامت الكثير من الشركات الرائدة في المجال التكنولوجي باختراع العديد من التطبيقات والأدوات التي أحدثت ثورة واسعة جدا في هذا المجال وقام رواد الأعمال المتخصصين في المجال التكنولوجي بتطوير هذه الاختراعات وإضافة الكثير من الخصائص المهمة للمستخدمين. وبهذه الخصائص وسرعة تنفيذ المطلوب عن طريق هذه التطبيقات التي تستخدم الكثير من القواعد والبرمجيات الحديثة الآمنة، أصبحت تستخدم من أغلب الفئات وحتى عمليات جمع الأموال للمعونات الإنسانية والحملات الإنسانية أصبحت أكثر سرعة وسهولة وأمانا ونسبة الخطأ قليلة جدا بل تصل إلى الندرة.

وأسهمت التكنولوجيا في تطور المجال العلمي بشكل كبير وملحوظ وقد قام الكثير من مستخدمي هذه التكنولوجيا بنشر دروس ومقالات وكتب ساهمت في تطور المجالات الحياتية العلمية والعملية واليوم يمكنك البحث بكل سهولة عن أي كتاب وأي معلومة لا تحتاج إلى أن تبذل جهدا ووقتا بل كل ما عليك ان تقوم به هو كتابة ما تريد وسوف تظهر لك النتائج وبخيارات منوعة ولك حرية الاختيار المناسب وهذه المعلومات ساعدت في ظهور علماء وطلاب متميزين حتى في المجتمعات الفقيرة جدا والجدير بالذكر أنّ هناك مؤسسات تقوم بشكل إنساني بتوزيع أجهزة إلكترونية تمكن هذه المجتمعات محدودة الدخل من استخدامها للاطلاع على ما هو جديد ومبهر في العالم الخارجي والتقني وعمل الكثير من المهندسين والمطورين بتطوير أساليب تحد من انتشار نسبة الجهل وارتفاع نسبة المتعلمين وبطرق مختلفة وبسيطة لكي يستطيع الفرد الوصول إلى المعلومة بكل سهولة، مثلما قامت شركة يوتيوب الشهيرة بطرح ميزة جديدة في موقعها الخاص وتستهدف هذه الميزة الدول الفقيرة التي تعاني ضعفا في الاتصالات والشبكات بحيث يمكن للمستخدم مشاهدة الفيديوهات دون استخدام بيانات الأنترنت لكي تقلل من التكلفة وحازت هذه الميزة على أعجاب الملايين من الناس وكما يراها البعض أنّها خدمة إنسانية قامت بها الشركة لنشر المحتوى والمعلومات. يمكن تسخير أي مجال في هذه الحياة فيما يناسب حاجة الإنسانية كلها ولا يحتاج الأمر إلى معجزة بل يحتاج إلى همة ونية وعزم مهما كانت المصاعب والعقبات والتكنولوجيا اليوم أصبحت الحل الأمثل لأغلب هذه المصاعب وفي متناول الجميع ويمكن استخدامها بكل سهولة ويبقى السؤال: كيف ستساهم في تغيير الكثير من المفاهيم عن طريق هذه التكنولوجيا.. وكيف تقود هذه التغييرات إلى الأفضل؟

 

تعليق عبر الفيس بوك