في الاحتفال باليوم العالمي للشعر في (21 آذار / مارس):

اعتــــــرافــــــات


أسامة حداد – شاعر وناقد من مصر


 (1)
شبه كلاسيكي
أصل متأخرًا
أنا - دائمًا - هكذا
وتلك ليست من أكاذيبي العديدة،
فأنا خبيرٌ فى اصطناع أحداثٍ ملفقةٍ،
ولدي موهبةٌ فى خداع الأشجارِ والسحبِ
وأحبتي -أيضًا -
كثيرًا ما أزعم رغبتي فى الموت،
أنا العاشق الجنوني للحياة،
أحب القصيرات،
وهذا لايعنى
أن الطويلةَ التى جاورتني فى عربة المترو
لم تكنْ تروق لي،
فقد وصلت - نتيجة لرؤيتها -
بعد موعدي بساعتين
وبضعة أيامٍ وأشهرٍ
وهذا لايليق برجل كلاسيكي
يرتدى رابطة عنقٍ،
وينال احترام الآخرين
إلى أن ينجز أعمالهم...
سأعترف بالكثير
وأقر بآثامٍ عديدةٍ،
بعضها مصطنع
وسأقذف أغنياتٍ للحرية
لا تهمني كلماتها،
وأمارس الحياة متأخرًا - كعادتي -
وأرتكب ثورةً ضدي.

***
(2)
اعترافات
صار من المعتاد...
هروب بعضُ المقاعدِ من المقهى،
وتجول بعضُ الأشجارِ فى الليلِ،
تحول بعض الكهول إلى حيواناتٍ...
مرور شاحنةٍ من طرقةٍ فى شقةْ...
ومنذ قليل حصلت على تصريحٍ
لإطلاق طائرةٍ ورقيةٍ،
سأعكف على إعدادها من جديدٍ،
بعد أن عبثت بها قطةٌ جائعةٌ،
وسأبحث عن رسالةٍ للسماءِ
كتبها طفلٌ يشبهني تمامًا،
وأنا أفكر فى كيفية ترتيب الفوضي،
التى تغمر الأرصفةَ،
ومطاردة صورٍ تتساقط من الذاكرة
بعد اتباع إرشادات كتابٍ مدرسي،
بغسل اليدين جيدًا،
وتقليم أظافر اليدين،
والاستماع بجديةٍ لأغنيةٍ تمجد الوطن،
لترديدها أمام علمٍ ممزقٍ تقريبًا،
أنا الآن أكثر حنكةً،
وسأكرر ما يقوله الواقفون جواري،
حتى لو هتفوا :
الشعب يريد إسقاط النظام،
فلدي رغبة جارفة فى التغيير،
سأجلس مثلًا على مقهي آخر،
وسأستبدل الجريدة بمجلةٍ أسبوعيةٍ،
سأحتسي الشاي فى فنجانٍ،
وأترك الكوب جانبًا،
سأكتب قصيدةً مملةً كما أعتدت،
استبدل الكثير من كلماتها،
السحابة بغيمةٍ...
الطريق بشارعٍ...
المنزل ببيتٍ...
الكورنش بشاطئٍ ...
العاصفة بالرياح ...
لن أقول أحب
سأقول أعشق
هكذا سأكون مختلفًا تمامًا،
ولن أكتب على ورقٍ،
سأكتب فى كراسةٍ،
وسأترك ظلي على الطاولة،
وأهرع أمام جسدي،
وأنا أردد أغنيةً تركتها منذ أيامٍ،
فى حراسة سلحفاةٍ وأرنبٍ،
يتأهبان للمشاركة فى سباقٍ مع الدراجات النارية،
مع تدوين أي كلمات ﻻ أريدها...
وإرسال خطاباتٍ فارغةٍ فى البريد،
وانتظر من يفك شفيرتها،
وأضحك من حماقاتي المتداولة،
ومغامراتي الخائبة ...
أتذكر حين خرجت الأغصانُ من الحائط،
لم أصدق تحوله لشجرة،
والحاسوب يعد كوبين من الشاي،
وهو يعبث بكرة بين قدميه،
كان أشبه بمهرج فى السيرك،
كانت الأشياء تغير وظائفها،
وبعض محطات السكك الحديدة،
تقفز فى قاربٍ على الناصية،
وتمثالٌ يخرج من سوق الأحذية،
ممسكًا دمعتين بأسنانه،
وليس من الضروري إعادة أخبارٍ،
 نشرت على حبل الغسيل
عن اعتياده ركوب الدراجات حافيًا،
أو طريقته فى تنظيف الهواء،
فقد أكد الأطباء تعافيه من التهابٍ مزمنٍ فى الذاكرة،
ونجاحهم فى استنساخه كثيرًا،
لدرجة أنني اعتقدت فى اختراع مطبعةٍ لإنتاج التماثيل،
أعرف أنني مزعج،
وان هذه الأشياء عادية جدًا،
ﻻ تؤثر فى انتظار رسالةٍ
على الشات
أو مواصلة الرنين بلا إجابةٍ،
ووجود مدرعات على سلم البيت،
ﻻيمثل حالة عنفٍ من السُلطةِ،
وباستطاعتي أن أحب من جديدٍ،
ومغامراتي صالحة للعمل،
ويمكن مواصلة الثورة ضدي،
بمهارةٍ أيضًا.

 

تعليق عبر الفيس بوك