قيمة التدريب المهني

 

علي العبيد

* خبير تدريب  

يتسم العمل المهني -من حيث المبدأ- بقيم معنوية واجتماعية ومادية، وتعتبر هذه القيم الدافع القوي لبذل العطاء والمثابرة والعزم لتحقيق الآمال والطموحات المهنية والاجتماعية والشخصية، والتي تصب كلها في خانة الاقتصاد الوطني.

إنَّ السعي لبلوغ النجاح أمر مشروع وإحساس فطري لدى بني البشر لإرضاء الذات وكسب رضا الآخرين وتحقيق الكسب المشروع الذي يوفر حياة كريمة ومعيشة رغدة لشرائح المجتمع الكلي.

ولا تقف طموحات الفرد عند تحقيق النجاح وكفى، بل يشكل هذا النجاح منعطفا مهما للانطلاق نحو آفاق جديدة من النجاحات المستقبلية وتحقيق الطموحات والابتكارات المتتالية، وهذا لا يتأتى إلا إذا دأب الناجحون على إعداد الخطط العلمية ورسم السياسات المحورية والتقيد بمبادئ الإدارة بالأهداف، وتفعيل معايير ضبط الجودة في الأداء لضمان مستوى عال من المخرجات، زد على ذلك إعطاء عناية خاصة لسياسات إرضاء الزبون الداخلي والزبون الخارجي، ويقصد بالزبون الداخلي العاملون في المؤسسة بحفظ حقوقهم الوظيفية والمالية، وإشراكهم في إعداد بعض الخطط التشغيلية، ويُقصد بالزبون الخارجي كافة المستفيدين من الخدمة، والتأكيد على مستواها من منظور الجودة ومطابقتها لما تم التخطيط له مسبقا.

ولا تقتصر الأمور في هذا الجانب على مبدأ منافسة الغير وحسب، بل يتعدى ذلك إلى منافسة الذات والتفوق على النفس من خلال تبني أفكار ومفاهيم مبتكرة تفضي لخلق نظم إدارية وآليات عمل نافذة ترضي متطلبات العملاء المتجددة، وتأتي مثل هذه المفاهيم عبر تعزيز أساليب التدريب بحسبانه قيمة مضافة إلى مهارات العاملين المكتسبة بالممارسات التطبيقية المقرونة بأحدث برامج التدريب؛ تلبية لاحتياجات المرحلة الزمنية ومواكبة للمستجدات التقنية.

ويبدو من المسلَّمات أن الوصول للقمة من الأمور التي يمكن تحقيقها بالجهد المتواصل في منافسة الآخرين على مستوى القاعدة، ولكن التفرد والتميز والإجادة تتمثل في كيفبة الصمود والاحتفاظ بموقع القمة، والذي يتطلب المزيد من الجهود المتواصلة لتوفير عوامل الاستمرارية في التميز والإجادة، تلافيا لأية انتكاسة، وهذا الأمر يعد من أصعب التحديات الإدارية؛ لأنه يحتاج يقظة دائمة ومواجهة مباشرة لمنافسة بقية المجيدين الذين حققوا ذات التفوق، ولا يرغبون في التخلي عنه.

وموجز القول.. إنَّ قيمة العمل لا تتمثل في الأداء الوظيفي المكتبي، بل تزيد قيمته في الأعمال المهنية الأخرى اليدوية والصناعية والحرفية، والتي تتسم بمهارات وقدرات فردية لا تتوافر في العمل الإداري الروتيني؛ مما يستوجب أن نحث الشباب على ولوج مجالات التعليم المهني والفني والهندسي في مختلف مساراته ومساقاته المتعددة، والتي يسهم التدريب المهني في ذلك بدور فاعل في سبيل الارتقاء بمنظومة التنمية الاقتصادية المستدامة.

تعليق عبر الفيس بوك