تضم 40 ألف وثيقة تاريخية و26 ألف مخطوطة على مساحة 10 آلاف متر مربع

هيثم بن طارق: افتتاح المكتبة الجديدة لمعهد البيروني بأوزبكستان تجسيد للدعم السامي للمؤسسات العلمية المهتمة بحفظ التراث والعلوم الإسلامية

...
...
...

◄ دعم سامٍ للعلم والعلماء وإيصال سماحة الإسلام إلى مختلف أنحاء العالم

◄ المكتبة تحتوي على مجموعة ثرية من الكتب التاريخية للفكر الإسلامي

◄ مكتبة البيروني أيقونة معمارية فريدة تعبر عن العلاقات القوية وأواصر الصداقة بين السلطنة وأوزبكستان

◄ أمين عام "الخارجية": افتتاح المبنى الجديد حدث بالغ الأهمية للسلطنة والعالم الإسلامي

◄ رئيس تحرير "التفاهم": المكتبة قناة مهمة إلى التراث الإسلامي

◄ رئيس وزراء أوزبكستان: دعوة العلماء والطلاب لزيارة المكتبة والاطلاع على كنوز العلم

 

 

 

مسقط - الرؤية

 

 

بناءً على التكليف السامي من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -‏ حفظه الله ورعاه-‏ رعى صاحب السمو السيّد هيثم بن طارق آل سعيد، حفل الافتتاح الرسمي للمبنى الجديد لمكتبة أبي الريحان البيروني التابعة لمعهد الدراسات الشرقية في العاصمة الأوزبكية طشقند.

ورافق سموه وفد رسمي ضم كل من معالي الشيخ عبدالله بن محمد السالمي وزير الأوقاف والشؤون الدينية، ومعالي السيد بدر بن حمد البوسعيدي أمين عام وزارة الخارجية، وسعادة السفير محمد بن سعيد اللواتي سفير السلطنة المعتمد لدى جمهورية أوزبكستان، وسعادة الشيخ أحمد بن سعود السيابي أمين عام مكتب المفتي العام للسلطنة، وسعادة الشيخ حمد بن هلال المعمري وكيل وزارة التراث والثقافة للشؤون الثقافية، وسعادة حبيب بن محمد الريامي أمين عام مركز السلطان قابوس العالي للثقافة والعلوم، وسعادة الدكتور علي بن سعود البيماني رئيس جامعة السلطان قابوس، وسعادة الدكتور حمد بن محمد الضوياني رئيس هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية، وسعادة السيد فيصل بن حمود البوسعيدي مستشار وزير التراث والثقافة، وسعادة السفير أحمد بن خميس الجمري رئيس دائرة آسيا الوسطى بوزارة الخارجية بالإضافة إلى عدد من المسؤولين الحكوميين والدبلوماسيين.

وفي تصريح له بهذه المناسبة، قال صاحب السمو السيد هيثم بن طارق آل سعيد: "مما لا شك فيه أنّ افتتاح مكتبة البيروني يجسد اهتمام جلالته -حفظه الله ورعاه- بتقديم الدعم للمؤسسات العلمية المهتمة بحفظ التراث والعلوم والمعارف الإسلامية والعربية". وأضاف سموه: "وفي هذا الصدد، فإنّه سيتم إتاحة مخطوطات البيروني وكتاباته التاريخية للطلاب والباحثين لكي يتمكنوا من التعرف على تاريخ وثقافة شعوب آسيا الوسطى والعالم الإسلامي". وتابع القول "إن تشييد المبنى الجديد لمكتبة البيروني يعبر عن التقدير الشخصي لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- للإسهامات العلمية التي قدمها علماء المسلمين على مدى عقود طويلة في الحقول العلمية المختلفة، والتي شكلت القاعدة الصلبة لعدد كبير من العلوم الأساسية في مجالات الطب والفلك والهندسة والرياضيات وغيرها، فضلاً عن أن تشييد هذه الأيقونة المعمارية الفريدة لمكتبة البيروني يعبر بوضوح عن العلاقات القوية وأواصر الصداقة بين سلطنة عمان وجمهورية أوزبكستان، تلك العلاقة التي تتجسد في التعاون المستمر في مختلف المجالات وأهمها الجوانب الاقتصادية والعلمية والثقافية".

وبعد إعلان افتتاح مكتبة البيروني رسميا، قام صاحب السمو السيد هيثم بن طارق آل سعيد والوفد المرافق له بجولة تفقدية في المبنى الجديد.

وتمتد مجموعة مقتنيات مكتبة البيروني على مساحة عشرة آلاف متر مربع وتحتوي على قرابة 40000 وثيقة تاريخية وحوالي 26 ألف مخطوطة يعود بعضها إلى أكثر من ألف سنة. وقد تم إدراج المجموعة في سجل التراث العالمي في اليونسكو نظرا لأهميتها التاريخية الفريدة.

وقال معالي السيد بدر بن حمد بن حمود البوسعيدي أمين عام وزارة الخارجية إن افتتاح المبنى الجديد لمكتبة البيروني يمثل حدثا بالغ الأهمية ليس لسلطنة عمان وجمهورية أوزبكستان فحسب، وإنما للعالم الإسلامي أجمع، وذلك لما تزخر به المكتبة من الكتب والنصوص والمخطوطات العربية والإسلامية، ولا يمكن التقليل من أهمية هذه المقتنيات التاريخية؛ حيث إنّها تعطي فكرة شاملة عن الثقافة الإسلامية والعلوم". وأضاف معالي السيّد بدر بن حمد بن حمود البوسعيدي: "نفخر في سلطنة عمان بأن نكون جزءاً من هذا الحدث المهم، ونود أن نعرب عن تقديرنا للجهود الكبيرة التي يبذلها معهد البيروني للدراسات الشرقية في تقديم مرافق حديثة لهذه المقتنيات وتأمينها والمحافظة عليها على مدى السنين".

وقد تم تصميم مبنى المكتبة ليجمع بين فن العمارة العُمانية الأصيلة، والمدرسة المعمارية الأوزبكية، حيث يفتح الباب الرئيسي للمبنى على بهو واسع بارتفاع 16 متراً تطل عليه ثلاثة شرفات داخلية تم تزينها بالنقوش الخشبية الإسلامية الدقيقة، فيما تم استخدام الرخام العماني الشهير في كافة الأرضيات.

كما يحتوي المبنى الجديد على أجهزة تكنولوجية متطورة تستخدم في مسح الكتب وتخزينها رقميا، بحث يمكن إتاحتها على الانترنت لتمكين العلماء في كل أرجاء العالم باستخدامها في بحوثهم. كما يحتوي المبنى على مختبر مخصص لحفظ وترميم القطع التي أصابها التلف بفعل الزمن. فضلا عن ذلك، تم تجهيز المكتبة بنظام أمني متطور يضمن تخزين الكتب بالأسلوب الذي يحافظ على سلامتها وحفظها في درجة حرارة ورطوبة مناسبة.

وفي لقاء له قبل افتتاح المكتبة، قال عبد الرحمن بن سليمان بن محمد السالمي، رئيس تحرير مجلة "التفاهم" التي تصدرها وزارة الأوقاف والشؤون الدينية: "تعد مكتبة البيروني قناة مهمة إلى التراث الإسلامي. فهي تحتوي على مخطوطات عربية في غاية الأهمية لا يمكن لأحد أن يجدها لا في العالم الإسلامي ولا في الغرب. ومن المهم أن يتم الاحتفاظ بهذه المقتنيات التاريخية في مكتبة حديثة، بحيث يمكن تصوير المخطوطات رقميا وإتاحتها على الإنترنت، ومكتبة البيروني ستكون ملكا للجميع، وستكون هذه الكنوز بمثابة استكشاف محيط جديد ومن شأن هذه المكتبة أن تفتح آفاقا جديدة للباحثين من كل أنحاء العالم، وستعطي بعدا جديدا لفهم الثقافة والحضارة الإسلامية."

ومن الجانب الأوزبكي، قال دولة عبد الله أريبوف رئيس وزراء أوزبكستان: "يسرنا ونحن نحتفل بافتتاح المبنى الجديد لمكتبة البيروني بمعهد الدراسات الشرقية أن نتوجه بالشكر والتقدير لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم سلطان عمان على تفضله بتقديم الدعم الكامل لتشييد مبنى مكتبة البيروني وفق أحدث الفنون المعمارية فضلا عن تزويد المبنى بأحدث التقنيات التي تخدم الباحثين والمهتمين بدراسة التراث والثقافة والعلوم الإسلامية." وأضاف: "كما يسرنا أيضًا دعوة العلماء والطلاب والمهتمين بمختلف العلوم لزيارة المكتبة والاطلاع على ما تحتويه من كنوز العلم والتاريخ والكتب الحديثة والمخطوطات والرسائل النادرة التي تحتويها المكتبة والتي تستحق اهتمام العلماء والمؤرخين. وتعد مكتبة البيروني اليوم واحدة من أهم مراكز المخطوطات والوثائق التاريخية التي تلقي الضوء على العصر الذهبي للفكر والعلوم الإسلامية ليس في أوزبكستان فحسب وإنما في العالم أجمع".

بدوره، أشار الدكتور باخرام عبدخاليموف مدير معهد الدراسات الشرقية التابع لأكاديمية العلوم في طشقند إلى الأهمية التي يمثلها تدشين المبنى الجديد لكونه يمثل نقطة تحول في تاريخ المعهد الممتد لعشرات السنين، فقال، "نحن فخورون للغاية بكشف النقاب عن المبنى الجديد لمكتبة البيروني، الذي صمم بعناية فائقة ليكون المقر الجديد لآلاف الوثائق والمخطوطات التي تختصر مرحلة بالغة الأهمية في التاريخ الإسلامي". وأضاف "نحن في موقع يؤهلنا لتقديم مجموعة مقتنيات البيروني لخدمة الباحثين والمؤرخين والطلبة في كافة أنحاء العالم، وسط بيئة على درجة عالية من الدقة والجودة. نحن سعداء جدا بالشراكة مع سلطنة عمان التي تملك تاريخ رائد في دعم التراث والثقافة الإسلامية، وهي دولة عريقة يعرفها القاصي والداني. كل الشكر لجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم على هذا الدعم السخي الذي أهَّلنا لتقديم هذه الثروة الثقافية والحضارية للعالم بالشكل الذي يجب أن تكون عليه". وتابع قائلا: "إننا نعتقد إنه ينبغي علينا لكي نتمكن من بناء المستقبل الذي نريده جميعا، ينبغي علينا أن نتمتع بفهم عميق ودقيق للماضي".

وتعمل السلطنة على تعزيز العلاقات مع الدول الشقيقة والصديقة بما يحقق المصالح المشتركة في كافة المجالات بينها ومختلف الدول. وانطلاقًا من إدراك القيادة العمانية الحكيمة لأهمية التنوع الثقافي والحضاري وضرورة التواصل والحوار مع الدول والشعوب، اهتمت الحكومة الرشيدة بمد جسور الثقافة والمعرفة العلمية مع الأمم والحضارات.

وكان دولة رئيس وزراء أوزبكستان عبد الله أريبوف ورئيس أكاديمية العلوم سوليكسوف شايكات اسماعيلوفتش ومدير معهد البيروني للدراسات الشرقية، في وداع صاحب السمو السيّد هيثم بن طارق آل سعيد والوفد المرافق له بعد انتهاء حفل الافتتاح والجولة في أروقة المكتبة. وعاد صاحب السمو والوفد المرافق له إلى السلطنة بعد زيارة استغرقت يومين.

ويعد "أبو الريحان محمد بن أحمد البَيْرُوني" الذي أطلق اسمه على المكتبة أحد أهم العلماء والباحثين والمؤلفين المسلمين الذين تركوا وراءهم إرثاً حضارياً ضخماً شكل مرجعاً لآلاف العلماء من بعده. وعاش البيروني خلال الفترة 973م- 1048م، وكان رحالة وفيلسوفاً وفلكياً وجغرافياً وجيولوجياً وصيدلياً ومؤرخاً ومترجماً لثقافات الهند القديمة، إلى جانب مساهماته القيمة في الرياضيات وغيرها من العلوم.

ومن شأن هذا الدعم المستنير المقدم من حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم- حفظه الله ورعاه- لتشييد مبنى مكتبة البيروني الجديد أن يضمن إيصال رؤية البيروني عن سماحة الإسلام إلى الأجيال القادمة في كل أنحاء العالم. وتصف كتب التاريخ البيروني بأنّه من بين أعظم العقول التي عرفتها الثقافة الإسلامية، إلى جانب كونه رائد الانفتاح على الثقافات والحضارات الأخرى والتبادل المعرفي معها، وهو أول من قال بنظرية دوران الأرض حول نفسها.

ويضطلع معهد أبي الريحان البيروني للدراسات الشرقية بمهمة إحياء تراث الحضارة الإسلامية العريقة التي قامت في تلك المنطقة طوال فترة طويلة من الزمن، وتدل عليها الآثار الإسلامية في المدن القديمة مثل بخاري وخوارزم وسمرقند وغيرها من مدن أوزبكستان، التي عاش بها كبار العلماء والفلاسفة والأدباء، مثل الإمام البخاري والترمذي وابن سينا والبيروني والرازي والخوارزمي والزمخشري والفارابي وغيرهم من كبار علماء الدولة الإسلامية.

وتزخر مكتبات الأهالي المنتشرة في أنحاء أوزبكستان بمؤلفات هؤلاء العلماء وغيرهم. ويبذل معهد الدراسات الشرقية منذ إنشائه عام 1943م جهودًا جبارة في جمع تلك المؤلفات والمخطوطات وشواهدها من الأهالي، وقد زادت حركة شراء المخطوطات في الآونة الأخيرة، حيث تقوم أكاديمية العلوم في أوزبكستان التابع لها المعهد بتنظيم رحلات منتظمة تجوب أنحاء البلاد للبحث عن نوادر المخطوطات.

ويقوم المعهد بإجراء دراسات وأبحاث حول التاريخ القديم والحديث، لمناطق الشرق الأدنى والأوسط وآسيا الوسطى وجنوب شرقي آسيا، ودراسة آدابها وفنونها واقتصادها، مع التركيز على العلاقات الثنائية التي تربط أوزبكستان بدول هذه المناطق. ويضم المعهد العديد من الأقسام مثل قسم توصيف المخطوطات وقسم تعريف المخطوطات وقسم تاريخ العلوم، وقسم الإسلاميات وقسم آسيا الوسطى وقسم جنوب آسيا وقسم الشرق الأدنى الأوسط.

يشار إلى أنّ أكاديمية العلوم للدراسات الشرقية في أوزبكستان تشهد في الوقت الحالي حركة علمية نشطة تعبر عن التوجه الثقافي والفكري العام الذي تشهده أوزبكستان في مجال الدراسات العربية والإسلامية، كما أنّ الباحثين في المعهد يقومون بدراسة هذه المخطوطات وتحقيقها ونشرها وترجمة بعضها إلى اللغات المختلفة. بالإضافة إلى ذلك يقوم المعهد بتنظيم فعاليات للاحتفال بذكرى بعض الشخصيات التي كان لها دور بارز في التاريخ الإسلامي، كما تشهد أوزبكستان منذ استقلالها انفتاحًا على العالم العربي والإسلامي وتزايد الإقبال على تعلم اللغة العربية.

تعليق عبر الفيس بوك