تحت شعار "جعل الأسواق الرقمية أكثر عدلا"

ندوة "اليوم العالمي للمستهلك" توصي بتوفير متطلبات البنية الأساسية للتجارة الإلكترونية

...
...
...
...
...
...
  • الخصيبي: قفزة نوعية في تقنية التجارة وأساليبها في عصر العولمة وتدويل الإنتاج
  • عبيدات: توسيع دائرة المستهلكين ومنع الاحتيال وتطوير وسائل الحماية أبرز الأولويات
  • توصيات بتعديل قوانين التجارة الإلكترونية العربية وضبط أسعار لتناسب الجميع
  • برامج للتوعية بإيجابيات وسلبيات التجارة الإلكترونية ومقترحات بتضمينها المناهج التعليمية

مسقط - الرؤية

أوصت ندوة اليوم العالمي للمستهلك التي نظمتها الجمعية العمانية لحماية المستهلك بإجراء التعديلات اللازمة في قوانين التجارة الإلكترونية في البلدان العربية بما يوافق احتياجات مختلف الشرائح، والعمل على عقد المزيد من الورش والندوات حول إيجابيات وسلبيات التجارة الإلكترونية يكون روادها من النساء والشباب تحت رعاية منظمات حماية المستهلك، كما أوصت الندوة بإدخال مساق التسوق الرقمي في المدارس والمعاهد والجامعات العربية، وتصميم وتنفيذ دراسات ميدانية حول تحديات ومشاكل التسوق الرقمي في بلادنا العربية.

وأوصى المشاركون في الندوة بمتابعة وتدقيق ما ينشر من معلومات وبيانات حول أمور الغذاء والصحة والتعليم والزراعة وغيرها والتي تبث على وسائل التسوق الرقمية ومن قبل خبراء مختصين، وتقديم الدعم الفني والمالي لمنظمات المجتمع المدني الهادفة وغير الهادفة للربح لتصميم وتنفيذ ورش عمل حول سلبيات وإيجابيات التسوق الرقمي، وإيجاد صيغة لضمان السلع والخدمات من خلال التجارة الإلكترونية لصون وحماية المستهلك من خلال التشريعات. وكذلك بوضع القوانين التي تنظم شروط التوقيع الإلكتروني المحمي وكذلك شروط التي ينبغي إيجادها في المستند أو الوثيقة الإلكترونية، مع التأكيد على شروط وضوح الإعلان الإلكتروني ومنع الإعلان الإلكتروني المضلل من خلال التشريعات، وإلزام المعلن بإعلام وتبصير المستهلك بمعلومات شاملة عن كل ما يتعلق بعملية البيع عبر شبكة الإنترنت أو أية وسيلة إلكترونية قبل إبرام العقد، وتوفير متطلبات البنية التحتية للتجارة الإلكترونية وتطوير الكوادر البشرية المدربة على إستخدام المعلومات وإعداد دراسة لوضع بعض الأسس لهذه التجارة، وأكدت على ضرورة وجود البيئة القانونية والتشريعية لتوفير الحماية والثقة للمتعاملين في التجارة الإلكترونية، ووضع أسعار معقولة للإنترنت مناسبة لجميع أفراد المجتمع.

كما أوصت الجمعية في نهاية الندوة بمزيد من الاهتمام بالتوعية من خلال جمعيات حماية المستهلك للأفراد وإقامة الدورات التدريبة التعريفية لأهمية إتاحة الأمان في استعمال هذه التجارة، وتوفير قاعدة بيانات للتجارة الإلكترونية والمواقع الآمنة المختصة بالتعليم، ووضع تعليمات واضحة لمستخدمي هذه التقنية للاستفادة من المواد التعليمية الإلكترونية، بالإضافة إلى الاستفادة من تجارب الدول في التعامل مع هذا النوع من التجارة الإلكترونية.

وتحت شعار "جعل الأسواق الرقمية أكثر عدلا"، ناقشت الندوة التي افتتحت تحت رعاية المكرم المهندس خلفان بن صالح الناعبي عضو مجلس الدولة بفندق مجان كونتيننتال  - بوشر عددًا من المحاور ذات الصلة بحماية المستهلك منها: أثر التجارة الإلكترونية على المستهلك، وحقوق المستهلك في التجارة الإلكترونية والأسواق الرقمية، ومستقبل التجارة الإلكترونية وأثرها على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، إلى جانب الآثار والجوانب القانونية اللازمة لتوفير الثقة وحماية المستهلك من التلاعب والغش في السوق الرقمي، وكذلك ضوابط وأسس حماية المستهلكين والمستخدمين للتجارة الإلكترونية، وأهمية توفير العناصر البشرية المؤهلة  في التجارة الإلكترونية والتسوق الرقمي، وحماية بيانات المستهلك وأسراره في التسوق الرقمي، وكيفية تفاعل الصناع والمنتجين مع المستهلك في التسوق الرقمي والتجارة الإلكترونية، وكيفية استخدام التجارة الإلكترونية لتخفيض التكلفة على المستهلك، إضافة إلى تعريف التجارة الإلكترونية وخصائصها، والآثار الاقتصادية للتجارة الإلكترونية والتسوق الرقمي على المستهلك ومنها سرعة وسهولة التسوق، وتعدد الخيارات، وانخفاض الأسعار، وسرعة الحصول على المنتج وتبادل المعلومات بين المستهلكين، كما تطرّقت الندوة أيضاً إلى الدور الإعلامي وآثار التوعية على المستهلك في التسوق الرقمي والتجارة الإلكترونية، وفرص تعزيز حقوق المستهلك وزيادة جسور الثقة معه في التسوق الرقمي والتجارة الإلكترونية.

وقال الشيخ سعيد بن ناصر الخصيبي رئيس مجلس إدارة الجمعية العُمانية لحماية المستهلك في كلمة الجمعية إنّ الفرق الشاسع بين نفوذ القوانين المدنية العصرية وعفوية المبادئ الأخلاقية الإنسانية لحماية الحقوق والمصالح المتبادلة بين الأفراد والمؤسسات والمجتمعات، هو أنّ القوانين المدنية مهما اشتدت وتعاظمت واجتهد مؤسسوها على تحقيق أقصى درجات الحماية والعدالة، فإنّها معرضة للاختراق والتأويل والتعطيل، بينما المبادئ الأخلاقية هي أدبيات وسنن فطرية طبيعية مأمونة العواقب ومضمونة النتائج في إنجاح العلاقات بين الناس ولا سيما في المصالح والواجبات، وتتجلى رؤيتها النبيلة في سلامة وشفافية المعاملات الاقتصادية، الأمر الذي يخلق الأمن والاستقرار الاجتماعي لدى الناس، والسؤال الذي يبرز في أذهان المشرِّعين هو: هل نكتفي بسلطة وهيبة القانون كمواد وبنود يتم تطبيقها وتنفيذها بإحكام واستحكام، أم نتأمل خيراً في أخلاقيات ومبادئ المتعاملين والمتخاصمين مع ضرورة وجود الحد الأقصى من كفاءة وحرية القانون.. الجواب هو أننا لا يمكن أن نعتمد على النوايا الحسنة والمشاعر الطيبة في قراءة التشريعات وتفسيرها وتحليلها، مع أنّ الدراسات والبحوث تشير إلى أنه لا يزال مبدأ حسن النية يسيطر على الكثير من التعاقدات خصوصاً في مجتمعاتنا العربية والإسلامية، ولذلك يتم إغفال -سواء عن جهل أو عمد- ذكر أو قراءة أو مراجعة البيانات والمعلومات الواردة أو المبطنة بين بنود العقود التجارية، وهذا بسبب تقاليد المروءة والشرف للكلمة دون البيان وتحرير الكتاب والخطاب بحسب الأعراف الاجتماعية السائدة في ثقافتنا، والتي نكن لها كل الاحترام والتقدير لما لها من خصوصية نفسية قد لا تصمد أمام استقواء الطمع والجشع وارتخاء الضمير عن المحاسبة في ظل تعاملات تجارية تشهد آفاقاً وأبعاداً نحاول أن نلحق بها ونتأقلم مع متطلباتها. 

وأضاف الخصيبي: نشهد قفزة نوعية في تقنية التجارة وأساليبها وأخطرها التجارة الإلكترونية في عصر العولمة وتدويل الإنتاج، وهذه التجارة بكل مظاهرها وخفاياها وأسرارها لا تتجاوز حدود شاشة الحاسوب الإلكتروني. هذه التجارة التي تتسارع وتتجدد كل يوم، سوف تصبح في المستقبل أيديولوجية اقتصادية تملك صلاحية إصدار القوانين وتطبيقها ولن تسمح لأية نظريات أو أفكار من منافستها أو تقنينها أو حتى مقاربتها ومساءلتها، باعتبارها مصدراً غنياً بالثروات والإمكانيات والطاقات البشرية والمادية، ويترتب على انتهاكها تضرر مصالح دول وشركات وصناعات عالمية تتحكم وتستثمر أفضل ما لديها، ولها من الحصانة ما يؤهلها لأن تشترط وتفرض رؤيتها ومناهجها على المستهلكين أينما كانوا وكيفما كانت أحجامهم ومستوياتهم.

وعلق الخصيبي على التجارة الإلكترونية بقوله: تتميز هذه التجارة الإلكترونية بطبيعة ضاغطة على المستهلك من خلال سيكلوجية الإغواء والإبهار والإنبهار، وهذه التجارة وبالرغم من منافعها المستجدة في حياتنا، إلا أنّ فيها جانبًا مظلما ومؤلما يضعنا في حيرة بين قضاء حوائجنا بأيسر طريقة وبين تلبية رغباتنا بأسرع وتيرة، وهنا يتحول الرخاء إلى هباء، والوصال إلى انفصال، فيصبح المستهلك معتزلاً ومعزولاً ومحروماً من الاستفادة من تقنية معاصرة لا تخلو من العتاب والحساب، ولذلك يبقى لديه خياران: إما أن يستنفد كل مواهبه وقدراته في حماية أمواله أو أنه لا يستجيب لهذه الجاذبية الإلكترونية المشكوك في أمرها، مع اعتقادنا أن فيها جوانب مضيئة ومشرقة ونافعة للمستهلك، وبدوره فإنّ المستهلك الإلكتروني يتعامل مع أطراف لا يراها ولا يحاورها ولا يدرك هويتها ولن يعرف حقيقة أهدافها، والبضاعة التي يشتريها لن يحظى بفرصة معاينتها ولمسها وفحصها سوى صورة براقة وفاتنة في الألوان والأشكال، وحين يمنح بياناته المالية والشخصية فإنّه لن يعلم وجهتها النهائية، وإلى أي مدى سيتم استنزاف ما تبقى لديه من رصيد وحقوق.. المجازفة هائلة ولا مكان لحسن النوايا والوعود والعهود التي يقدمها المحتالون والمخادعون على شبكة المعلومات، فهؤلاء لن يهدأوا ولن يستسلموا، بل سيستمرون ضمن قوانينهم وطريقتهم وتحت مظلة حماية المستهلك.. هذا المستهلك الذي يعتبر الطرف الضعيف والمهزوم في حلقة إلكترونية تتسع وتتشابك تعقيداتها كل يوم.

وأضاف الخصيبي: لا نتبنى نظرة تشاؤمية حول التجارة الإلكترونية، بل ندافع عنها ونشجعها  ولا يمكن التخلف عن تطور الحياة في التكيف والتعايش والانسجام مع واقع هذه التجارة، ولكن نحتاج لتأسيس قواعد علمية وظيفتها تنوير وتعليم وحماية المستهلك في أبسط وأدق التفاصيل، ولا بد أن نمنح كل معاملة خط الحماية الأخير وهو "خط الرجعة" كي يراجع ويدرس قراره وقناعته، وقد يكون من الصعب تحقيق ذلك لكل الدول والمنظمات، ولكن تستطيع بعض الجمعيات والمؤسسات أن تبدأ بدراسة هذا الخط الحمائي الأخير، إن الضحايا الذين يئسوا من استرجاع حقوقهم الضائعة عبر التجارة الإلكترونية يقدرون بالملايين، وغالبيتهم وقعوا في فخ المصائد الوهمية أو المكائد التسويقية، فقدرة المحتالين على اصطياد فرائسهم أصبحت ماهرة وماكرة، وهؤلاء لا يعبأون بقانون أو تشريع لأنّ الفضاء مفتوح فما لا يجوز في بلد ما قد يجوز في آخر، والتشريعات لها أكثر من تفسير وتأويل في سياق الترجمة اللغوية والمهنية للمفردات القانونية التي لا يقدر المستهلك العادي على استيعابها أو فهمها، وبالتالي يغفلها ويهملها ويسارع في إتمام صفقة الكترونية يظنها رابحة وما هي بالرابحة بل صفقة خاسرة تستدعي الحذر واليقظة، إنّ ضخامة التصنيع والإنتاج والتسويق الإلكتروني يفوق أضعاف ما تنتجه اقتصاديات بعض الدول، وهذا الاقتصاد الإلكتروني يختلف تماماً عن الاقتصاد التقليدي، ومع أنّه قد يخضع لقانون المواصفات والمقاييس بحسب النطرية التقليدية في التوصيف القانوني والفني للسلع والخدمات، إلا أنه يفلت غالباً من الخضوع لهذه المواصفات، بسبب وسائل الاحتيال والتغرير والتمويه المعتمدة على برامج تقنية لا علاقة لها بجوهر المنتجات وحقيقتها.

واختتم الشيخ سعيد بن ناصر الخصيبي بقوله: مع كل هذا الطرح وغيره من الدراسات والمؤتمرات والندوات للتعمق في التجارة الإلكترونية وتوفير أفضل أسباب ومقومات الحماية للمستهلك، فإنّ التجارة الإلكترونية بما لها وما عليها، تشكل مرحلة حضارية وطفرة علمية فرضت أجندتها وشجاعتها في إثبات أولوياتها، وأنها ستكون السوق المفتوح والمناسب والمطلوب لاقتصاديات الدول والخط الأول في التنافس والتقدم سواء بجودة عالية ومهنية راقية أو خدمة مشبوهة وبضاعة فاسدة.

وقال المتحدث الرئيس في الندوة  الأستاذ الدكتور محمد عبيدات رئيس الاتحاد العربي  للمستهلك: يقوم شعار اليوم العالمي لحقوق المستهلك عبر الإنترنت هذا العام على ثلاثة عناوين أولها: الوصول إلى كافة المستهلكين ثانيها: منع الاحتيال وثالثهما توفير وسائل الحماية لهم عند استخدامهم للإنترنت، وقد ركزت الندوة على جملة من التحديات والتي تتطلب تعاونا مسبقا بين مختلف القطاعات الاقتصادية الحكومية والخاصة ومؤسسات المجتمع المدني للتخفيف منها، ونحن نؤكد بأن التغلب على هذه التحديات يتم من خلال مبادرة الحكومات المركزية في كل بلد لوضع أطر قانونية عادلة ومتوازنة لطرفي المعادلة التسويقية الرقمية بالإضافة إلى تأهيل وتدريب مجموعات مختارة من المستهلكين يمكن الاقتداء بها من قبل كافة الشرائح المجتمعية سلوكاً وفعلاً، وبما يؤدي إلى إيجاد ثقافة تسويقية رقمية عادلة ومتوازنة، ذلك أن موضوع اليوم العالمي للمستهلك يأتي وبلداننا العربية ما تزال في بداية الطريق.

ويشار إلى أن المنظمة العالمية للمستهلك تختار في كل عام موضوعا معينا يتعلق بخدمة وحماية المستهلك في كافة أنحاء العالم حيث تقوم جمعيات حماية المستهلك الأعضاء في المنظمة العالمية للمستهلك بالاحتفال بهذه المناسبة، وذلك بعقد ندوة أو ورشة عمل يكون موضوعها نابع من الموضوع الأساسي الذي تم اختياره من قبل المنظمة وبما أن الجمعية العمانية لحماية المستهلك هي عضو في المنظمة العالمية للمستهلك فقد دأبت ومنذ انضمامها إلى المنظمة على الاحتفال باليوم العالمي للمستهلك. وقد شارك في الندوة عدد من الجهات الحكومية والمؤسسات الخاصة والجامعات والكليات الخاصة وغرفة وتجارة وصناعة عمان وجمعيات المرأة العمانية وبعض الجهات الأخرى ذات العلاقة.

تعليق عبر الفيس بوك