◄ توسع ملحوظ في أنشطة القطاع المصرفي مع تسجيل أرباح ومستويات سيولة كافية
◄ مخصصات البنوك لتغطية خسائر القروض "مناسبة"
◄ "المركزي" استطاع "إلى حدٍ ما" امتصاص صدمات الاضطرابات المختلفة
◄ معدل منخفض للقروض المُتعثرة عند 4.5% من إجمالي المحفظة الإقراضية
◄ النظام المالي العُماني يتسم بـ"المرونة والاستقرار"
◄ تفعيل إطار عمل سياسة احترازية لضمان استقرار النظام المالي
◄ القطاع المصرفي العُماني قادر على التكيف مع المستجدات والاستجابة لمتطلبات نمو الاقتصاد
◄ توجيه البنوك المحلية لتوخي الحيطة والحذر مع "الانكشافات الخارجية"
◄ ملتزمون بمواكبة تطورات التكنولوجيا المالية ودعم التوجه نحو التمويل الأخضر
◄ رفع التصنيف الائتماني لعُمان يُبرهن نجاعة السياسات الحصيفة للإصلاح المالي والاقتصادي
◄ المخاطر المالية قصيرة الأجل "منخفضة" بفضل الأداء القوي للقطاع المصرفي
◄ افتراضات السيناريوهات السلبية أكدت قدرة البنوك على تحمل الصدمات المُحتملة
◄ تغيرات المناخ والهجمات السيبرانية أبرز نقاط التحدي الرئيسية حاليًا
◄ بعض المخاطر تهدد بتقويض الثقة في النظام المالي أو تعطيل الخدمات الضرورية
◄ أصدرنا إطارًا رقابيًا لمتطلبات الأمن السيبراني للقطاع المصرفي والمالي
◄ "المركزي" يحرص على تأهيل الكفاءات المتخصصة في مجال التحليل وإعداد التقارير
◄ تقرير "الاستقرار المالي" أداة ضرورية للمستثمرين والمُقرِضين والمؤسسات الدولية
الرؤية- سارة العبرية
أكد سعادة طاهر بن سالم العمري الرئيس التنفيذي للبنك المركزي العُماني أن القطاع المالي في سلطنة عُمان مُستمر بشكل جيِّد في أداء مهامه بفعّالية وكفاءة وإظهار مرونة ملحوظة، مما يُعزز قدرته على التعامل مع أي مخاطر محتملة، مشيرًا إلى أنَّ البنك استطاع "إلى حد ما" امتصاص الصدمات الناتجة عن الاضطرابات المختلفة والتخفيف من حدة تأثيرها على الاستقرار المالي
وقال العمري- في حوار خاص مع "الرؤية"- إن الميزانية العمومية للقطاع المصرفي ظلت تشهد توسعًا ملحوظًا مدفوعًا بعودة الأنشطة الاقتصادية، كما واصل القطاع تسجيل أرباح ومراكز رأسمالية قوية، ومستويات سيولة كافية، مع مخصصات مناسبة لتغطية خسائر القروض، علاوة على الحفاظ على معدل القروض المُتعثرة في مستوى منخفض يبلغ حوالي 4.5 في المائة من إجمالي المحفظة الإقراضية.
العمري مُتحدثًا إلى محررة "الرؤية"
وأضاف سعادته: "تميَّزت الفترة الماضية بالعديد من التطورات العالمية والمحلية المُهمة، والتي كانت بمثابة اختبار لصلابة ومرونة المؤسسات المالية والأسواق في جميع أنحاء العالم، وعلى الرغم من الظروف الصعبة الناجمة عن الأحداث العالمية، إلا أن النظام المالي العُماني أثبت مرونته وحافظ على استقراره".
مواجهة التوترات الجيوسياسية
وبيّن سعادته أنه بجانب المهام الأساسية للبنك المركزي العُماني والتي يسعى من خلالها إلى تحسين فعّالية المعايير التنظيمية والإشرافية اتساقًا مع أفضل الممارسات العالمية في هذا المجال، يواصل البنك تقييمه الدقيق للتطورات العالمية والمحلية واعتماد أفضل الممارسات الدولية وتفعيل إطار عمل سياسة احترازية تهدف إلى ضمان الاستقرار المالي في النظام المالي، ودعم بقاء النظام المالي مرنًا وقادرًا تمامًا على التكيف مع ما يطرأ من مستجدات وفي نفس الوقت الاستجابة لمتطلبات نمو الاقتصاد الحقيقي من خلال محافظتها على مراكز رأسمالية قوية ومستويات سيولة كافية.
وأوضح العمري أنه جرى "توجيه البنوك بضرورة توخي الحيطة والحذر في إدارة أعمالها مثل الانكشافات الخارجية، وإدارة الأصول والخصوم وتوزيع العوائد، علاوة على وضع معايير تحكم تعرُّضات البنوك لسوق العقارات والأسهم. وقال إنِّه جرى التعامل مع المخاطر الناتجة عن الترابط النظامي، من خلال وضع معايير احترازية على تعرُّضات البنوك تجاه الأطراف المُترابطة وذات الصلة ببعضها البعض، ووضع سقوف على تعرضات البنوك للمقترض الفرد، ومجموعة المقترضين، والإدارة العليا للمصرف المُرَخَّص، كما إن هناك سقوفًا على رأس المال الأساسي فيما يتعلق بحجم تعرض البنك بالعملة الأجنبية، إضافة إلى تحديد سقوف مُعينة على القروض الشخصية والفوائد المطبقة عليها.
وأشار سعادته إلى أن البنك المركزي يمارس دورًا استباقيًا في تقديم المشورة للمؤسسات المالية لتعزيز أُطر إدارة المخاطر الخاصة بها، من خلال متابعة التطورات العالمية وتضمين المخاطر ونقاط الضعف التي قد تنشأ بسببها. وأضاف أنَّ البنك مُلتزم بتبني المُبادرات التي من شأنها مواكبة التطورات المتسارعة في استخدام التكنولوجيا المالية ودعم التوجه نحو التمويل الأخضر وتحسين كفاءة نظم المدفوعات والتسوية؛ مما يضمن أن القطاع المالي لا يظل مستقرًا فحسب؛ بل يساهم أيضًا في التنمية المستدامة.
وذكر سعادته أنَّ المتغيرات المالية والاقتصادية العالمية المتسارعة واستمرار التوترات الجيوسياسية الدولية والتحولات المناخية المقلقة والاضطرابات الحادة والمفاجئة في بعض التوازنات الاقتصادية، تؤكد شدة الترابط بين الأنشطة الاقتصادية مع بعضها البعض ودرجة التشابك فيما بين الاقتصاديات العالمية، وما يتبعها من آثار وتداعيات مُباشرة وغير مُباشرة تظهر جليًا في زيادة حالة عدم اليقين واختلال في إمدادات الطاقة في العالم، وتعطيل سلاسل التوريد العالمية، وتفاقم الضغوط التضخمية، وإحداث تحولات كبيرة في الأسواق العالمية، وتشديد الشروط الائتمانية، والتي تلقي بآثارها على آفاق النمو الاقتصادي، واستقرار الأسواق عبر العالم.
وأوضح العمري أنه من أجل التخفيف من تداعيات هذه المخاطر، فقد استطاع البنك المركزي العُماني- إلى حد ما- امتصاص الصدمات الناتجة عن الاضطرابات المختلفة والتخفيف من حدة تأثيرها على الاستقرار المالي، وحالت دون حدوث أزمة في القطاع المالي والمصرفي وبالتالي انتقالها إلى القطاع الحقيقي؛ وذلك من خلال التنسيق مع السياسات الاقتصادية الأخرى وتحليل مؤشرات الأداء الاقتصادي والمالي والمؤشرات المتعلقة بالمخاطر الرئيسية، ونتائج اختبارات الأوضاع الضاغطة، وتبني أحدث أدوات السياسة الاحترازية الكلية؛ بما يتماشى مع أفضل الممارسات الدولية الصادرة عن لجنة "بازل" للرقابة المصرفية، مثل: كفاية رأس المال، ونسبة تغطية السيولة، ونسبة صافي التمويل المستقر، ونسبة الاحتياطي الإلزامي، ومتطلبات رأس المال الإضافي للبنوك المحلية ذات الأهمية النظامية.
وردًا على سؤال حول العوامل التي تدعم تصنيف النظام المالي العُماني من قبل وكالات التصنيف الرئيسية الثلاثة، أوضح سعادته بالقول: "تُعزى التقييمات الإيجابية في التصنيف الائتماني لسلطنة عُمان حسب تقارير وكالات التصنيف الرئيسية إلى عدة عوامل؛ أهمها: المُضي قدمًا في مشروع الإصلاحات المالية الشاملة والذي قاد بدوره إلى تحسين القدرة على التعامل السلس مع المديونية العامة، إضافة إلى نمو الأنشطة الاقتصادية، واستمرار جهود التنويع الاقتصادي، ومرونة النظام المالي". وأكد العمري أن هذه الاتجاهات الإيجابية برهنت على نجاعة السياسات الحصيفة والجهود المبذولة في مجال الإصلاح المالي والاقتصادي، وبالتالي تعزيز ثقة المجتمع الدولي في قدرة سلطنة عُمان على إدارة دفة الاقتصاد المحلي والارتقاء بآفاقه المستقبلية.
مؤشرات الاستقرار المالي
وقال سعادته إن نتائج التقييم المتعلقة بمؤشرات الاستقرار المالي واختبارات الأوضاع الضاغطة، تُظهر أن المخاطر المالية قصيرة الأجل منخفضة؛ حيث واصل القطاع المصرفي أداءه القوي وحقق أداءً جيدًا من حيث معدلات الربحية، ومراكز رأسمال قوية، ومستويات كافية من السيولة، ومخصصات كافية لتغطية خسائر القروض. وأضاف أن مؤشرات السلامة المالية أكدت سلامة القطاع المصرفي.
وتابع سعادته القول: "عكست نتائج المؤشر المُرَكَّب للاستقرار المالي خلال عام 2023 ارتفاعًا في درجة استقرار النظام، وذلك على خلفية التحسن في المؤشر الفرعي الخاص بالقدرة على تحمل الديون وبقية المؤشرات الفرعية المصرفية الأخرى، ويعزى الارتفاع في إجمالي المؤشر بشكل أساسي إلى الظروف الاقتصادية المواتية بسبب تحسن أسعار النفط وانخفاض نسبة الدين العام".
ومضى قائلًا: "علاوة على ذلك، كشفت اختبارات التحمُّل التي أُجريت بافتراض سيناريوهات سلبية لمؤشرات الاقتصاد الكلي، عن قدرة البنوك على تحمل مجموعة متنوعة من الصدمات المحتملة دون الإخلال بمتطلبات الحد الأدنى للبنك المركزي لنسبة رأس المال إلى الأصول المرجحة بالمخاطر المطلوبة والبالغة 12.25 في المائة، وظلت مؤشرات السيولة الاحترازية أعلى بكثير من متطلبات "بازل"، كما أظهرت النتائج قدرة البنوك على تحمل سيناريوهات مختلفة دون تأثر ملاءتها المالية، وبالتالي ظل النظام المصرفي العُماني في وضع جيد للاستفادة من متانته لدعم الشركات والأسر في حالة حدوث أي صدمات غير متوقعة".
تحديات جديدة
وأشار سعادته إلى أن تقرير الاستقرار المالي الأخير كشف عن بعض نقاط التحدي الرئيسية، ومن ضمنها المخاطر المتعلقة بتغيرات المناخ والهجمات السيبرانية، موضحًا أن تأثيرات تغير المناخ تبرز من خلال قناتين أساسيتين؛ أولهما: المخاطر المادية الناتجة عن الأضرار التي تلحق بالممتلكات والبنية الأساسية والأراضي، أما القناة الثانية فتتمثل في المخاطر الناجمة عن التحول إلى نماذج اقتصادية منخفضة الكربون والتغيرات في السياسات المناخية والتكنولوجيات.
وأضاف: "بالنسبة للمؤسسات المالية، يمكن أن تتحقق المخاطر المالية على نحوٍ مُباشر من خلال انكشافها للشركات والأسر والبلدان التي تشهد صدمات مناخية، أو على نحو غير مُباشر من خلال تأثير تغير المناخ على الاقتصاد الأوسع والآثار المرتدة داخل النظام المالي".
وتابع سعادته قائلًا "في حين تبرز مخاطر الهجمات السيبرانية من خلال الحوادث التي تؤدي إلى تعطيل الخدمات الأساسية، مثل شبكات المدفوعات، وبالتالي توقف المعاملات في البنوك المحلية أو سرقة البيانات والمعاملات التي يستهدفها المجرمون لسرقة الأموال، وقد تمتد هذه المخاطر إلى تقويض الثقة في النظام المالي، أو تعطيل الخدمات الضرورية، أو انتقال التداعيات إلى مؤسسات أخرى".
وفي هذا الخصوص، ذكر سعادته أن البنك المركزي العُماني يؤدي دورًا استباقيًا بتوجيه المؤسسات المالية لتعزيز أطر إدارة المخاطر من خلال تضمين المخاطر الناشئة كمخاطر تغير المناخ ضمن هذه الأطر، علاوة على تشجيع مُبادرات التمويل الأخضر.
وفي جانب المخاطر المرتبطة بالأمن السيبراني، قال سعادته "إن البنك تمكّن من إصدار إطار رقابي لمتطلبات الأمن السيبراني للقطاع المصرفي والمالي، ومن أجل مزيد من التعزيز لتدابير الأمن السيبراني الحالية، يعمل البنك المركزي على عدة مُبادرات منها تنفيذ إطار أمن الأطراف الثالثة/الخارجية "أمن سلسلة التوريد"، وتنفيذ استراتيجية المرونة السيبرانية وتطبيق بيئة اختبار آمنه معزولة وإطلاق منصة تبادل معلومات الأمن السيبراني والتي يسعى من خلالها إلى تعزيز مرونة النظام المالي وقدرة القطاع المالي على إيجاد آليات لمواجهة الهجمات السيبرانية والتعافي منها".
أهمية تقارير الاستقرار المالي
وأوضح سعادة الرئيس التنفيذي للبنك المركزي العُماني أن تقارير الاستقرار المالي تعد أدوات حيوية للبنوك المركزية للتواصل بشأن تقييمها لاستقرار النظام المالي وتحديد المخاطر الناشئة ووضع استراتيجيات للتخفيف منها، ويأتي إعداد هذه التقارير في ضوء جهود البنك المركزي العُماني لتعزيز الشفافية، كما أنها تزيد من ثقة الأطراف المعنية، وتوجه صانعي القرار في صياغة استجابات تنظيمية فعالة لحماية النظام المالي.
وأكد سعادته أن إعداد هذه التقارير يتطلّب درجة عالية من المعرفة العلمية والمهارات التحليلية ومتابعة التطورات المحلية والإقليمية والدولية والدراية الكافية بالتشابكات والارتباطات بين مختلف القضايا وانعكاساتها على الاستقرار المالي، ويعكف البنك المركزي العُماني بشكل مستمر على تدريب وتعزيز وتأهيل الكفاءات المتخصصة في مجال التحليل وإعداد التقارير والدراسات والنشرات الصادرة عنه.
وشدد العمري على أن تقرير الاستقرار المالي يمثل أداة ضرورية للمستثمرين والمُقرِضين ومؤسسات التقييم الدولية؛ حيث تستند على قراءة دقيقة لعناصر ومؤشرات النظام المالي ومختلف التطورات الإقليمية والدولية، وعلى تقييم واقعي ومُمَنهَج لتلك المتغيرات وانعكاساتها على واقع وآفاق الوضع المالي، كما يوفر تحليلًا واقعيًا يساعد مُتخذي القرار في عملية اتخاذ السياسات والإجراءات المناسبة التي من شأنها أن تساعد في التخفيف واحتواء أي خطر محتمل الحدوث، لافتا إلى أن نشر تقرير الاستقرار المالي في سلطنة عُمان منذ عام 2013 أصبح جزءًا من إطار مراقبة المخاطر الكلية في النظام المالي الكلي.