في الاحتفال باليوم العالمي للشعر في 21 آذار (مارس):

"عن العـمل" إلى صديقي إبراهيم


وليد أزمانو - المغرب


..
العمل ؛ حرّيةٌ
قالها : فيلسوفٌ عابرٌ
لم يبصرِ الجيادَ
تنفقُ
وهي تنقلُ الفحمَ
على ظهورها
لتتوهَّجَ ، عبارته
...................
ماذا بامكانِ المتشبِّتِ بالأرضِ
أن يعملَ ؟
سوى،
تنظيفِ الأرضيَّةِ
من دمه !
.................
لي رفيقٌ، يُخلصُ في استلابِ العملِ
يعملُ بقوَّةِ ثورٍ، و بوفاء كلبٍ، و بتدلُّلِ قطَّةٍ
و كذئبٍ،
يلعقُ في المساءِ جرحهُ
لي رفيقٌ،
يظلُّ عرقهُ
معلَّقا في قميصٍ
لم يلتفت له التاريخ!
...................
القانونُ واضحٌ:
أنجز عملكَ، لتنالَ أُجرتكَ
وكلَّما عملنا، فقدَ الحقلُ القريبُ؛ شجرةً
وفقدنا رفيقا ،سقطتْ ذراعهُ
في أنيابِ البِئر
...................
في المعاملِ، يتنفَّسُ رفاقٌ الوزنَ الزائدَ من التَّعبِ ،يكتشفون الطريقةَ المثلى لعجنِ الموتِ في الخُبزِ الرسمي، لا أحدَ يشاركهم نصفَ الحُلمِ ، لا أحدَ يشاركهم الكوابيسَ كاملةً ، يدخلونَ في الأسودِ المعقوفِ على أكتافهم، و يخرجونَ في زهرةٍ تنكسِرُ في أسودٍ كأنَّهُ الجسدُ
..................
الرياضيات: هذه المادَّةُ المعقَّدة
لا يفهمها، غير الأغبياءِ من الأنبياء و الفلاسفة.
وأربابُ العمل !
.................
لو كان "التريكو" يتكلَّمُ
لخبَّرتني أعضاءٌ، بشُكرٍ دافئٍ كابتسامةِ يتيمٍ
لو كانَ الخيطُ، يملكُ شيئا من إرداتهِ
لاحترقَ في أصابعي
أنا البردانُ من كلِّ شيءٍ
..................
الأيادي التي كانت خلفَ "الماكينات"
صارت،
خلفَ البحرِ
تلوِّحُ لي،
من غرقٍ
.................
ما العمل؟
سؤالكَ، صار ناجعا يا رفيقي
فكلَّ يومٍ، نطرحُ عاملا
في سلَّةِ المهملات
والعالم الذي اشتهيتهُ؛ جنَّةً للعمَّالِ
صار جحيما،
من الصَّقيعِ الأملسِ
نتزحلقُ،
في جوابه!
.................
"دعه يعمل، دعه يمر"
دعهُ يعمل
دعهُ يُستعبد
و بعد ذلكَ،
يمرُّ إلى المَذبح !
..................
ولمَّا كان الثَّراءُ وسيلةً من وسائلِ الخلودِ، كان العملُ وسيلةَ الفاني نحو فنائهِ، الخلودُ احتمالُ آلهةٍ في الأرض والسَّماءِ ينزعونَ إلى التعاليمِ والحسابات ، والعملُ ضرورة الكائناتِ المعتوهةِ وهي تسقطُ ؛
في فخِّ الطَّاعة
.....................
العملُ؛ هذه القيمةُ القصوى
لا تنسخها،
غير العطالة
.................
العملُ؛ امتيازُ الإنسان
فالحيواناتُ لا تعملُ
إنها تستجيبُ للصَّوتِ الخفيِّ للغريزة
يا إلاهي، يا دورة الطبيعة، يا قانون الانتخاب، يا هذا العدم
اتركني هانئا،
كجروٍ كسولٍ أبله!
.................
العملُ؛ إبداعٌ
تفنَّنَ في خلقِ أشكالٍ وصنوفٍ كثيرةٍ
من تماثيل
تضجُّ بتحجُّرِ ملامحٍ
وتصلُّبِ أعضاءٍ
لأجسادِ عبيدٍ
عبروا من هنا!
..................
العملُ؛ إكراهٌ حيويٌّ
كهذي الولادة
ولكني، لستُ عدميا
لأكره الحياة
أنا مجرَّدُ محتجٍّ من الدرجةِ القُصوى للجحيم
لهذا،
أرى العمل؛ نارا هادئة
و الولادة؛ طبخةً ذات رائحةٍ كريهة
...................
في الماضي البعيد
البعيد جدا عن التصديق
كانتِ الحياةُ مشاعية
لم يكن هناك عملٌ ولا فائضُ إنتاج
ومع ذلك،
كان هناك إنسانٌ
يموتُ من جوع ومن بردٍ
ولهذا،
فموتُ إنسانٍ في إعصارٍ و زلزالٍ
أو في حادثةِ سيرٍ سريعة
خيرٌ لهُ
من إصابةٍ في العمل!
........................
أعيشُ فوق كوكبٍ غريبٍ ، يعجزُ
عن تلبيةِ حاجاتي الأساسية
الأطعمةَ أستوردها من محاصيلِ الجنة
الأسلحةَ وصنوف الحربِ من حقولِ جهنَّم
أطفالي من كوكبِ الزُّهرة
و لا عملَ لي هنا،
سوى إحصاءِ الجثثِ كما النُّجوم
لا رغبات لي،
غير تعطُّلِ شمسِ الصباح
والنومِ طويلا
دون عمل
......................
ماذا لو توقَّف العبيدُ عن العمل،
عن حفرِ آبارٍ و تصفيةِ مياهٍ، عن بناءِ سُدودٍ وتوليد كهرباءٍ و نورِ أبناءٍ
ماذا لو استمرّتِ الطبيعةُ في وحشيتها الآسرة
فلا حبَّةُ قمحٍ تسقطُ من رموشِ سنبلةٍ، لا تبكي أمام الرٍّيح
لا ثمار تنضجُ، فترتفعَ فاكهةُ العينِ
لا ثور يخورُ، فتصدأ السكينُ في دمٍ من حديد
ماذا لو توقفنا لدقيقةٍ
لتخسر البورصات
ماذا لو توقفنا ليوم
ليسقط الطغاة
ماذا لو توقفنا عن ولادةٍ
لتعود إلينا الآلهةُ ، ناصعةً
كظلامٍ أصيل ؟!
...................
كلّما روَّض الإنسانُ الطبيعةَ
أخضعتهُ
وكلّما ظهر مخترعٌ جديدٌ
صحتُ ؛ هذا دجَّالٌ تعبَ من نهايتهِ
فاخترعها لنا
في شكلِ عملٍ جديد
...................
اتصل بي "أفلاطون" قبلَ قليلٍ على الهاتف
كنتُ أعرفُ مُرادهُ عن العمل
فلم أجِب.
وتركَ لي "أرسطو" رسالةً في "الإيميل"
فلم أفتحها
أعلمُ أنَّ كلاهما سيحدثني:
عن تقسيم الطبقاتِ وعن وثنيةِ الجنسِ وتفوقِ العرق،
عن تفاوتِ الأوطانِ
وعن طبيعةِ العبيدِ في جيناتنا الشرقية
عن كلِّ تلكَ السيرةِ الشعبيةِ لمخيالِ الفلاسفةِ الغابرين
لذلكَ،
فتحتُ الهاتف من جديدٍ، واتصلتُ بأفلاطون
لأسمعهُ صرخاتِ العبيد الجددِ
في أثينا
وفتحتُ "الإيميل"
لأرسلَ لأرسطو صور الهرواتِ أمامَ البرلمانِ اليوناني
بينما أنا مشغولٌ
بتجميعِ العطرِ
من عَرقِ فلاَّحةٍ، تحرثني!

 

 

تعليق عبر الفيس بوك