يعقد في أكتوبر ويستمر 3 أيام

مؤتمر دولي لدراسة تراث عمان البحري وإبراز خصوصيته

 

مسقط - العمانية

يعقد مركز الدراسات العمانية بجامعة السلطان قابوس في 23 أكتوبر القادم المؤتمر الدولي "تراث عمان البحري" تجسيدًا لهذا الإرث الحضاري الكبير الذي لاقى صدى عالميًا وإقليميًا ومحليًا عبر العصور مما جعل العمانيين أسياد البحار في بعض الفترات التاريخية وأصبحوا محط أنظار العالم والباحثين والمهتمين مما يستدعي دراسته دراسة مُعمقة.

وقال المركز في تقديمه للمؤتمر "تتمتع سلطنة عمان بموقع جغرافي متميز جعلها رائدة في عالم البحار، لتسطر عبر تاريخها العريق تراثًا بحريًا ثريًا عكس مدى التقدم والازدهار الذي بلغه العمانيون في صناعة السفن بأنواعها المختلفة وعلوم البحار التي مكنتهم من توسيع دائرة نفوذهم البحري حيث جابوا بسفنهم وأساطيلهم قارات العالم فكانوا بحق أمة بحرية ساهمت مساهمة عظيمة في نشر الإسلام في البقاع التي تواصلوا معها، وتعزيز الروابط التجارية، والتواصل الحضاري مع الحضارات القديمة والحديثة في بلاد الرافدين، وشمال وشرق إفريقيا وحضارات الصين، والهند ودول جنوب شرق آسيا، والولايات المتحدة الأمريكية".

 وأوضح أنه "على الرغم من ثقافة السلام التي حملها العمانيون في أسفارهم إلا أنّهم لم يغفلوا تعزيز قوتهم البحريّة لتصبح قوة ضاربة قادرة على دحر الأعداء الراغبين في النيل منها، فكانت لهم الغلبة في طردهم من البلاد ومطاردتهم في أعالي البحار ليبسطوا نفوذهم البحري في المحيط الهندي، كما ترك العمانيون تراثًا بحريًا ضخمًا يبعث على الفخر والاعتزاز، ويتطلب العناية به بالدراسة لاكتشاف مكنوناته وحفظه للأجيال القادمة".

وأكد "أنّ الحفاظ على التراث البحري العماني يعد مسؤولية وطنية لما له من قيمة سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية ودور كبير في تعزيز الهويّة الوطنية لدى الأفراد، وتعزيز اهتمامهم بالسير على خطى الأجداد لاستعادة مجد عمان البحري، وهذا يتطلب تعزيز وعي الأفراد به من أجل تنشئة جيل من المهتمين بعلوم البحار وصناعة السفن، وتعريفهم بالتحديات والمخاطر التي تهدد هذا التراث وضرورة مساهمتهم في الحفاظ عليه".

وأوضح مركز الدراسات العمانية أنّ المؤتمر الذي يستمر 3 أيام يهدف إلى "دراسة التراث البحري العماني وإبراز خصوصيته الثقافية والاجتماعية والتحديات التي تواجهه، والتعرّف على التراث البحري العماني المادي واللامادي، وتسليط الضوء على ثقافة البحر وسننه وما يرتبط به من جوانب كصناعة للسفن والفنون البحرية، وأدوات الملاحة والفلك، والعادات والتقاليد، والصيد ودراسة تأثير التغيرات المجتمعية الحديثة على حفظ الثقافة البحرية العمانية وصونها، واستعراض الجهود المحلية والوطنية في إحياء التراث البحري والحفاظ عليه، واستشراف مستقبل تراث عمان البحري، وإتاحة الفرصة للباحثين والدارسين والمهتمين للالتقاء والتعرف على علوم البحر والتراث، إضافة إلى إثراء المكتبة العمانية بمادة علمية تثري مجال التراث البحري العُماني".

ويناقش المحور الأول في برنامج مؤتمر "تراث عمان البحري" الجغرافيا ودورها في صناعة التراث البحري من حيث دور الموقع الجغرافي في تعزيز النشاط البحري العماني، والظروف المناخية وأثرها على النشاط البحري العماني، والفكر الجغرافي عند أحمد بن ماجد. فيما يناقش المحور الثاني التواصل الحضاري العماني عبر البحار في جوانب العلاقات السياسية والاقتصادية والصادرات العمانية والموانئ البحرية العمانية والموانئ الأجنبية التي رست فيها السفن العمانية. وسيتطرق المحور الثالث إلى علوم البحار وتطورها عند العمانيين والمؤلفات العمانية في هذا المجال والمخطوطات والوثائق المتعلقة بعلوم البحار والنشاطات البحرية وأعلام عمان في مجال النشاط البحري (قادة، ربابنة، عمال، تجار، صناع).

وسيتناول المحور الرابع في جلسات المؤتمر صناعة السفن والمراكب (التجارية والعسكرية)، وصناعة الأدوات والآلات البحرية وتطورها، وتطور أجهزة الملاحة البحرية العمانية، وأنواع السفن، ومصادر الأدوات والآلات التي استخدمت في صناعة تلك السفن العمانية (مواطنها، طرق نقلها، أنواعها، استخداماتها). وسيتحدث المحور الخامس عن الأساطيل البحرية العمانية وتاريخها والنشاط العسكري لتلك الأساطيل ودوره في حفظ السلم والأمن في المحيط الهندي وفي طرد الاستعمار. فيما يناقش المحور السادس نشاط الصيد واستخراج اللؤلؤ والصيد البحري، والغوص.

وسيتطرق المحور السابع للتراث العماني البحري المادي واللامادي والتراث الأثري، وبيئة العمل في المراكب (القوانين، الطاقم، المهام والأدوار، الأجور وغيرها) والعادات والتقاليد البحرية العمانية والأنماط الأدبية المرتبطة بالبحر والحوادث البحرية والفنون البحرية وممارسات حفر الأخوار وحمايتها. فيما يناقش المحور الثامن تجارب بحرية عُمانية مثل سفينة شباب عمان وسفينة جوهرة مسقط وتجارب أخرى، وسيتناول المحور التاسع والأخير البعد الاقتصادي والترويجي للتراث البحري من خلال المتاحف البحرية والسياحة البحرية والآثار البحرية.

وقال الكاتب والباحث الشيخ حمود بن حمد الغيلاني إنّ "أهميّة المؤتمر تتمثل في إبراز العديد من مفردات ومكنونات التراث البحري العماني وجمعه بأسلوب علمي والعمل على نشره ليستفيد منه الباحثون ومراكز البحوث والدراسات العلمية حيث إن جميع الأبحاث التي سيناقشها المؤتمر هي أبحاث علمية محكمة ذات منهج علمي دقيق"، مشيرا إلى أنّ "مشاركة شخصيات علمية وتاريخية وباحثين من داخل السلطنة وخارجها في أعمال المؤتمر سيثري بلا شك مناقشاته وجلساته وسيرفد القائمين عليه بوجهة النظر الأخرى من خارج السلطنة من المهتمين بالتراث والتاريخ البحري للسلطنة والتعرف بما لديهم من معلومات حول هذا الموضوع، كما سيوفر مادة بحثية مفيدة لإبراز هذا التراث ويوثق بطريقة علمية ممنهجة لتوظيفه مستقبلا بما يخدم كافة القطاعات خاصة القطاع السياحي الذي تتجه السلطنة حاليا لتفعيله بما يخدم أهداف التنمية الاقتصادية حيث إنّ من بين محاور المؤتمر ما يتعلق البعد الاقتصادي والترويجي للتراث البحري من خلال المتاحف البحرية والسياحة البحرية والآثار البحرية".

وأشار إلى أنّ "المؤتمر سيثري جانب البحث العلمي في مجال التراث البحري خاصة في مجال الجمع الميداني، وهناك باحثون بدأوا في اختيار البحوث التي لا تحتاج إلى مراجع علمية وإنّما تبنى بطرق الجمع الميداني التي تعتمد على المقابلات والحصر والتحليل، كما أنّ المؤتمر سيعرف بالكثير من مفردات التراث البحري العماني الضخم الذي تركه الآباء والأجداد وتعزيز اهتمام الناشئة بالسير على خطاهم لاستعادة الأمجاد التليدة إضافة إلى زيادة وعي الأفراد بهذا التراث من أجل تنشئة جيل من المهتمين بعلوم البحار وصناعة السفن والتراث البحري عموما".

وأكد أن حكومة السلطنة ممثلة في وزارة التراث والثقافة تعمل حثيثا في الجوانب الأكاديمية والعلمية والتخطيطية للتعريف بالتاريخ والتراث البحري العماني، مشيرا إلى أن مركز فتح الخير بولاية صور الذي سيتم إنجازه خلال العام الحالي كنواة لمتحف بحري يعزز هذه الجهود. وأعرب عن أمله في أن يتفاعل المؤتمر مع المؤسسات العلمية بالبحوث والدراسات، وأن يشارك في أوراق المؤتمر باحثون من ولايات السلطنة الساحلية لإبراز هذا التراث وتعريف العالم بدور السلطنة التاريخي والحضاري البحري.

جدير بالذكر أنّ مركز الدراسات العُمانية يعدّ أحد الروافد البحثية في جامعة السلطان قابوس، ويُعنى بدراسة المنجزات الحضارية للسلطنة، والحفاظ على الموروث العلمي والثقافي الذي سطرته الأجيال عبر التاريخ، كما يهتم المركز بإجراء الدراسات البحثيّة في موضوعات مختلفة تتعلق بالشأن العُماني بالتعاون مع القطاعين العام والخاص، والمؤسسات الأهلية، من أجل تعزيز الشراكة بين المركز والمجتمع والمساهمة في تحقيق التنمية، كما يحرص المركز على تعزيز ثقافة البحث العلمي في التاريخ العُماني العريق، والقضايا المعاصرة من خلال تنظيم المؤتمرات والندوات، ونشر المؤلفات العلمية. ويمثل مركز الدراسات العُمانية مصدر إشعاع توعوي بكل ما يخص الشأن العُماني من خلال إقامة المحاضرات التي تستهدف كافة شرائح المجتمع. كما يساهم في تنمية مهارات المهتمين بمجال ترميم المخطوطات وتحقيقها. وتعد مكتبة المركز أحد المصادر العلمية التي يستقي منها الباحثون المعارف المتعلقة بالشأن العماني ماضيًا وحاضرًا بما تتضمنه من نفائس المخطوطات، والمصادر والمراجع، والإصدارات الحكومية.

 

تعليق عبر الفيس بوك