المجلس يستضيف "البحث العلمي" لإضاءة جوانب الاستراتيجية

أعضاء "الدولة": نتطلع لأن تسهم الاستراتيجية الوطنية للابتكار في تعزيز التنمية المستدامة

...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...

 

الأمين العام: تحفيز المواهب البحثية يسهم في خدمة المجتمع ويعزز الازدهار

 الهنائي: ضرورة تفعيل الترابط بين مختلف عناصر المنظومة الابتكارية وفق رؤية مشتركة

الحارثية: السلطنة حققت "مرتبة جيدة" في تصنيف البيئة التشريعية

 

مسقط - الرؤية

استضاف مجلس الدولة أمس عددًا من المسؤولين بمجلس البحث العلمي والقائمين على تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للابتكار، وذلك لتقديم عرض حول الاستراتيجية، بحضور المكرمين أعضاء المجلس وسعادة الدكتور الأمين العام لمجلس الدولة، وسعادة الدكتور هلال بن علي الهنائي أمين عام مجلس البحث العلمي وصاحب السُّمو السيد الدكتور فهد بن الجلندي آل سعيد الأمين العام المساعد لتنمية الابتكار بمجلس البحث العلمي وعدد من المسؤولين والباحثين بمجلس الدولة.

وألقى سعادة الدكتور خالد بن سالم السعيدي الأمين العام لمجلس الدولة كلمة افتتاحية رحب في مستهلها بمسؤولي مجلس البحث العلمي والقائمين على تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للابتكار.

 وقال سعادته: إن استضافة المجلس اليوم لمسؤولي مجلس البحث العلمي لتقديم عرض حول الاستراتيجية الوطنية للابتكار، يأتي في إطار حرص المجلس على استضافة المعنيين بعدد من المؤسسات والهيئات لتسليط الضوء على أعمال تلك الجهات وإسهاماتها في مختلف ميادين العطاء والإنجاز.

مؤكدًا سعادته أنَّ البحث العلمي تزايدت أهميته في عالم اليوم، وتعاظمت أدواره في تقدم الأمم، وتعزيز مساراتها التنموية القائمة على المنهجية العلمية، والمستندة إلى المعرفة والابتكار.

 ونوه سعادة الدكتور الأمين العام لمجلس الدولة بما توليه السلطنة من اهتمام بالبحث العلمي وذلك ترجمة للتوجيهات السامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم –حفظه الله ورعاه -، مشيرا سعادته إلى أنه كان من ثمار هذا الاهتمام إنشاء مجلس البحث العلمي في عام 2005م ليكون الجهة الحكومية المعنية بتنمية وتعزيز البحث والابتكار في السلطنة، ووضع الاستراتيجيات التي تشجع على الإبداع، وتحفز المواهب البحثية بما يسهم في خدمة المجتمع ويعزز ازدهار الوطن.

وبين سعادته أنَّه وفي ذات السياق؛ تم إقرار الاستراتيجية الوطنية للبحث العلمي لتشكل رافدا للخطط الهادفة إلى الوصول لتنمية شاملة وفق أسس علمية تلبي احتياجات الحاضر وتستشرف متطلبات المستقبل.

مشيرًا إلى أنه وسيرا على هذا النهج الداعم للبحث العلمي والابتكار، يأتي اعتماد الإستراتيجية الوطنية للابتكار والتي سيطلع المكرمون أعضاء المجلس على تفاصيلها وخطط تنفيذها من خلال هذا العرض، آملا في ختام كلمته أن تثري نقاشات المكرمين أعضاء المجلس مختلف جوانب هذه الاستراتيجية الواعدة.

منظومة إبداعية متنامية

عقب ذلك استهل سعادة الدكتور هلال بن علي الهنائي أمين عام مجلس البحث العلمي تقديم العرض بالتأكيد على أهمية البحث العلمي، مشيرا إلى أنه تم إعداد استراتيجية البحث العلمي بالاستفادة من التجارب الدولية الناجحة وذلك بهدف تأسيس منظومة إبداعية تستجيب للمتطلبات المحلية والتوجهات العالمية، وتعزز الانسجام الاجتماعي وتقود إلى الابتكار والتميز العلمي.

 ولفت إلى نجاح بعض الدول في توظيف البحث العلمي للتنمية ورفع مستوى المعيشة من خلال تطوير منظومة فعالة للعلم والتقنية تكفل لها مقدرة تنافسية أكبر للإنتاج والخدمات، وتسهم في توفير فرص عمل جديدة، وتضمن إنتاجية أعلى للفرد.

 وبين أنه ولكي يحقق مجلس البحث العلمي الهدف المنشود من إنشائه كان لابد من إيجاد نظام ابتكار وطني فاعل ومنظومة متناغمة للابتكار، موضحاً أنَّ الاستراتيجية الوطنية للابتكار تهدف إلى إيجاد منظومة وطنية للابتكار تحكمها رؤية موحدة وسياسة واضحة المعالم لتحقيق أهداف محددة وأولويات معلنة يتم تنفيذها من خلال خطة تنفيذية مدروسة.

وأبرز الهنائي ضرورة تفعيل الترابط والتنسيق بين مختلف عناصر المنظومة الابتكارية وفق رؤية مشتركة تكفل نجاحها.

نظام ابتكار وطني فعال

إثر ذلك استعرضت الدكتورة شريفة بنت حمود الحارثية اختصاصية أولى تخطيط ودراسات في مجلس البحث العلمي ومديرة مشروع الإستراتيجية الوطنية للابتكار، عددا من الجوانب المتعلقة بالإستراتيجية، موضحة أن رؤيتها ترتكز على تحقيق اقتصاد وطني قائم على الابتكار والتحول من الاقتصاد الريعي إلى اقتصاد يقوده الابتكار من خلال نظام ابتكار وطني فعال لتنمية مستدامة، بحيث تكون السلطنة ضمن أعلى 20 دولة قائدة للابتكار بحلول عام 2040م، وتكون ضمن أعلى 40 دولة قائدة للابتكار بحلول عام 2020م.

وأشارت إلى أن الإستراتيجية تؤسس لمنظومة ابتكار وطنية فاعلة تلبي تطلعات التنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة، وتتلاءم مع التوجهات العالمية، يدعمها في ذلك أهداف حقيقية تتمثل في تأسيس بيئة محفزة للابتكار، وإيجاد فرص عمل للشباب العماني، والإسهام في تنويع مصادر الدخل، والمساهمة في تعزيز المستوى المعيشي للأفراد عبر المواءمة بين الخطط الخمسية وبرامج ومبادرات الاستراتيجية.

وبينت الحارثية أن من الموجهات التي تقود الابتكار وجود نظام تعليمي ريادي، وتوافر قدرات بحثية وابتكارية، وقوى عاملة ذات كفاءة، والقدرة على نقل وتوطين المعرفة والتقانة، ووجود الاستثمار الأجنبي المباشر وريادة مؤسسات القطاع الخاص.. مشيرة إلى أن من أهم عوامل المناخ المحفز وجود الخدمات الرقمية الذكية، والتمويل المناسب للبحث والتطوير والابتكار والأداء الحكومي الفاعل والسياسات المتناغمة.

واستعرضت الهيكل الإداري لمشروع الاستراتيجية والذي يتكون من اللجنة التوجيهية واللجنة الإشرافية وفريق ضمان الجودة بالإضافة إلى أربعة فرق فنية، كما تطرقت إلى مهام كل من هذه اللجان والفرق، شارحة خطوات العمل والجهود المبذولة من فرق العمل المختلفة بمشاركة مختلف الجهات الحكومية والخاصة والأهلية.

وأفادت الحارثية أنه سيتم تفعيل المنظومة الوطنية للابتكار من خلال ثلاث مراحل هي: مرحلة قطف الثمار القريبة وذلك بتفعيل المبادرات الحالية والتي من شأنها أن تحقق تأثيرا سريعا ومؤثرا نحو تنمية مستدامة ومن ضمنها تطوير الخدمات الرقمية وشبكة الإنترنت، وإزالة العقبات التنظيمية وتطوير سياسات تعزيز المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، لافتة إلى أنَّ من المبادرات الاستراتيجية لمرحلة قطف الثمار القريبة، التوسع في شبكة النطاق العريض، وخفض أسعار خدمات الانترنت، وتحديد كيان وطني من أجل دعم الابتكار بصورة تكاملية، والاستمرار في تعزيز السعة البحثية والابتكارية للسلطنة، وتدعيم برامج ومشاريع نقل العلوم والتقانة في المجالات ذات الأولوية الوطنية، وتطوير السياسات العامة نحو الابتكار وإزالة العقبات التنظيمية والإجرائية التي تواجه المشاريع الناشئة.

 وتتمثل المرحلة الثانية في التمكين وتسعى الاستراتيجية خلال هذه المرحلة إلى تعزيز الأوساط الابتكارية باتخاذ مبادرات من شأنها تحقيق الاستدامة، من ضمنها تطوير السياسات العامة والتشريعات، وتأسيس حاضنات الابتكار، وتأسيس مراكز البحث والتطوير، ونقل وتوطين التقانة، وتأسيس جسور التعاون الدولي، وتحفيز القدرات الإبداعية والابتكارية وريادة الأعمال بين الشباب العماني،ومضاعفة أعداد حاضنات الأعمال والابتكار في جميع الجامعات والكليات، وتطوير المناهج الدراسية في التعليم المدرسي نحو التجريب والاستكشاف من أجل تطوير مهارات العلوم والرياضيات والقراءة، وتعزيز استدامة البحث والتطوير والابتكار من خلال توفير الدعم المالي المناسب بتأسيس شراكة بين الحكومة والقطاع الخاص، وتأسيس مراكز دعم الابتكار في كافة مناطق السلطنة من أجل تقديم الدعم والتدريب المناسب في الابتكار وريادة الأعمال، وتطوير برامج ومشاريع نقل العلوم والتقانة المحلية، وتطوير السوق العمانية والاستفادة من السوق الخليجية المشتركة والاتفاقيات الثنائية والدولية للتجارة الحرة لتمكين تنويع مصادر الدخل الوطني، ومتابعة أنشطة الابتكار من خلال جمع وتسجيل ومتابعة مؤشرات الابتكار بصفة دورية، وتطوير آليات رصد وإيجاد فرص العمل والتنبؤ بها وربطها بأنشطة الابتكار والتقانات البازغة، وتأسيس برنامج وطني للحفاظ على استدامة القضايا البيئية في السلطنة بالتوازي مع التنمية الاجتماعية والاقتصادية .

أما المرحلة الثالثة فتتمثل في حصاد المنظومة الشاملة والتي تتكامل وتتناغم فيها كافة السياسات بشكل نسيجي أفقيا وعموديا لتشكل منظومة وطنية فاعلة لتنمية مستدامة تكون فيها السلطنة في مصاف الدول القائدة في الابتكار.

مرتبة جيدة

 وبينت الحارثية أن السلطنة صنفت في المرتبة 39 في مؤشر المؤسسات وفق المؤشر الدولي للابتكار لعام 2017م والذي يتضمن عددا من المؤشرات الفرعية منها كفاءة الأداء الحكومي، والبيئة التشريعية وبيئة الأعمال.

وفصلت أنه تم تصنيف السلطنة في المرتبة 67 في مؤشر كفاءة الأداء الحكومي، أما في البيئة التشريعية فقد حققت السلطنة مرتبة جيدة وهي الـ 31 ضمن 141 دولة، فيما صنفت بيئة الأعمال في المرتبة الـ 46، مشيرة إلى أن هناك عددا من المؤشرات التي صنفت فيها السلطنة في مراتب متأخرة منها الإنفاق على البحث والتطوير، والإنتاج العلمي، تشريعات حماية المستثمرين والأداء البيئي .

تمكين الابتكار

واعتبرت أن التحول نحو الحكومة الذكية، وتطوير السياسات القائمة، وتأصيل ثقافة الابتكار، وتبسيط الإجراءات الحكومية من أهم مرتكزات التكامل المؤسسي والمجتمعي لتمكين الابتكار، مشيرة إلى أنَّ المرتكزات الاستراتيجية للتكامل المؤسسي والمجتمعي تشمل تغيير النمط الإداري الحكومي إلى نموذج الإدارة الريادية الابتكارية، وتوجيه الابتكار إلى رفع القدرات التنافسية للمؤسسات، ومراجعة وتطوير التشريعات والكيانات التنظيمية القائمة والمرتبطة بالتكامل المؤسسي والمجتمعي لتفادي الازدواجية وتسريع العمليات، وتذليل العقبات للحصول على البيانات والمعلومات والدراسات والأبحاث، وتسريع إجراءات الحصول على الخدمات التي تخدم أصحاب المصلحة، وصناعة هوية واضحة للابتكار وتأصيل ثقافته، وتأهيل ورفع كفاءة القائمين على التواصل بين المؤسسات، ووضع واعتماد مؤشر وطني لقياس مدى فاعلية التكامل المؤسسي والمجتمعي وضمان استمرارية وجودة تنفيذ الأهداف الاستراتيجية للابتكار.

وبينت الحارثية أن من أهم تحديات البيئة المحفزة للابتكار، هو أن نظام الابتكار في السلطنة موزع على عدد من الجهات التي يتباين التعاون بينها، إضافة إلى غياب شبكة التواصل والتحاور الفعال، ورأت أن التغلب على هذا التحدي يكمن في تأسيس قنوات ومنصات التواصل والحوار على كافة المستويات الوطنية والمؤسسية والمجتمعية، وتطوير سياسات الترابط والتعاون المؤسسي والمجتمعي، وتوفير الحوافز التشريعية والمادية للمبتكرين والمستثمرين في مجال البحث، وتطوير خدمات المحطة الواحدة في مجال ريادة الأعمال بكافة أنواعها، وتحديد الخدمات المقدمة من الجهات الداعمة للابتكار، وإعادة هندسة إجراءات الخدمات المقدمة لضمان تسهيل تقديم الخدمات وعدم الازدواجية بطريقة شمولية بالتعاون مع المؤسسات الداعمة للابتكار، وتعزيز الشفافية فيما يتعلق بتوفير البيانات والحقائق والمعلومات ذات الصلة بالأداء المؤسسي وتعزيز كفاءة الأداء الحكومي من خلال تبني المبادرات الذكية لتبسيط الإجراءات وتسريع الخدمات المقدمة.

وأشارت الحارثية إلى أنَّ من التحديات أيضًا أن السياسات الرامية إلى تحسين بيئة ونظام الابتكار هي سياسات في بداية طورها وتتسم بالتبعثر والشتات، مما يستلزم تحسين مستوى التعاون والتنسيق، من خلال منظور استراتيجي لتعزيز الطموحات الابتكارية ونشر الوعي وبناء القدرات المرتبطة بالابتكار، وتأسيس قنوات ومنصات التواصل والحوار على كافة المستويات الوطنية والمؤسسية والمجتمعية، وتنظيم "قوافل الابتكار" لزيارة المدارس والجامعات وعرض أهداف المشروع ومجالاته وتوزيع المطبوعات وعرض أفلام متخصصة وتصميم مسابقات متخصصة، إضافة إلى إصدار نشرة الابتكار لاستعراض أهم ما تمَّ من الابتكارات العالمية، وتبني الحوارات المجتمعية حول الابتكار، علاوة على إدارة الخطاب الإعلامي لتطوير قنوات التواصل بهدف زيادة الوعي المجتمعي بالابتكار وأهميته.

وبينت الدكتورة شريفة الحارثية في ختام العرض أنَّ هناك ثلاثة مسارات متوازية في خطة التعريف والترويج للاستراتيجية الوطنية للابتكار تشمل الإعلام، والتعريف بها في جميع القطاعات إضافة إلى متابعة التقدم في مؤشرات الأداء للاستراتيجية الوطنية للابتكار في مختلف القطاعات، بما يسهم في التعريف بالاستراتيجية وتبيان أهدافها الطموحة.

 إثر ذلك ناقش المكرمون أعضاء مجلس الدولة مختلف جوانب الإستراتيجية، مشيدين بالجهود التي بذلت في إعدادها، ومتطلعين إلى أن تسهم الاستراتيجية في إرساء قواعد منظومة ابتكار فاعلة تعزز خطط التنمية المستدامة.

 

تعليق عبر الفيس بوك