هلا بالأحد

 

فايزة الكلبانية

"هلا بالخميس" و"الشردة" كانت أحد ألمع العبارات التي حظيت بأصداء واسعة بين جمهور الحاضرين في منتدى عمان للموارد البشرية الذي نظمته جريدة "الرؤية" قبل أيام، ونال اهتمامًا واسعًا من قبل المتابعين عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي والأجهزة الإعلامية.

في مستهل المنتدى، ألقى المُكرم حاتم الطائي رئيس تحرير جريدة "الرؤية" المشرف العام على المنتدى كلمة افتتاحية، قدّم خلالها عرضًا مرئيا، حاز على إعجاب الحضور والمتابعين؛ إذ انتقد بقوة ضعف ثقافة العمل لدى بعض الموظفين والعاملين، في القطاعين الحكومي والخاص على السواء، عندما أشار بوضوح إلى استخدام مصطلحات سلبيّة تعيق بيئة العمل وتطورها، منها "هلا بالخميس" و"الشردة"، مؤكدا أنّ هذه النظرة السلبية المتقاعسة تهدد أي تحديث في مناخ العمل، وانعكاسات ذلك على المستوى العام، وأداء سوق العمل.

ولذا يتعين أن يكون البديل أن نرفع جميعا شعار "هلا بالأحد"، لما يحمله من عناصر بالغة الإيجابية، ينبغي علينا أن نتحلى بها، وأن نغرسها في نفوس جميع الموظفين والعاملين، انطلاقا من الحرص على نشر ثقافة العمل، وحب العمل، والتعاون بين العاملين في بيئة العمل. وفي المقابل، يجب أن تتحول المنشورات التي تتفجر صباح الخميس في مواقع التواصل الاجتماعي من السلبي المُحرِّض على ترك العمل والتقاعس عنه إلى الإيجابي المُحفِّز على البذل والعطاء.

ولعلّ من المميز في هذا المنتدى أنّه لم يكن استعراضًا لأوراق عمل متنوعة فحسب بل شهد مناقشات مستفيضة في جلسات متعددة، شارك فيها الخبراء والمختصون، ورسموا خريطة طريق مستقبلية للنهوض بالكوادر الوطنية. لذا كان من الضروري أن يطرح هذا المنتدى آليات واضحة لتغيير العقلية الاتكاليّة والمتخاذلة لدى البعض لتكون مبدعة ومبتكرة ومنتجة وقادرة على فهم التغيّرات المُتسارعة في العالم، وتحمّل مسؤولية الأعمال المعتمد عليهم فيها.

يجب أن نتحوّل جميعًا كموظفين وعاملين إلى منتجين لا نتوقف عن العمل، منذ اللحظة التي نصل فيها إلى مقار عملنا وحتى الثانية الأخيرة، وأن ننزع من أفكارنا وهم الحضور الإجباري خشية التأخر عن دق بصمة الحضور، وأن يكون هدفنا في الذهاب إلى العمل الإنتاج وليس أمرًا غيره.

أصحاب الأعمال والمديرون منوط بهم مسؤولية كبرى أيضا، لا تقل عن تلك الخاصة بالعامل والموظف، تتمثل في تغيير نظرتهم إلى الموظف العامل، ووضع خطط تحفيز وتشجيع لكل من يساهم في العطاء بإخلاص وتفانٍ وجدية، حتى يتحقق شعار "لكل مجتهد نصيب"، وأن تسعى المؤسسات أو الشركات لمساعدة الموظف على الموازنة بين الحقوق والواجبات وأسلوب الحياة الشخصية؛ لكن باتزان، وذلك كله سيسهم في نهاية المطاف في تنمية الموارد البشرية بحق وصدق.

التوصيات التي خرج بها منتدى عمان للموارد البشرية وما تخللته من جلسات وأوراق عمل ومناقشات جعلتني أوقن تمامًا بأننا بحاجة إلى وعي جديد يتواءم مع المرحلة الجديدة التي نعيشها، والتي لابد وأن تقوم على الوعي بأهمية ثقافة العمل والمسؤولية، بحيث لابد أن نعي جميعنا بأننا نعمل ليس من أجل الراتب فقط ولكن لابد أن تكون لدينا الرغبة الأكيدة في أن نطور ذواتنا، ونضيف لرصيدنا مهارات وخبرات وعلاقات مجتمعية متجددة، وأن نحب عملنا حتى لا يأتي وقت ما نشعر فيه وكأنه عبء علينا، فالأجدى أن يكون مسؤولية حتى لو لم توجد رقابة إدارية علينا.

رغم كل التحديّات التي قد تواجهنا في سوق العمل وبيئة الأعمال قد تختلف الجنسيات والثقافات والأفكار بيننا، لكن لا بد من نشر ثقافة حب العمل بين الموظفين وأرباب العمل على السواء، من خلال خلق بيئة عمل محفزة على ذلك، حتى نستيقظ صباح كل يوم ويملأنا الحماس للتوجه للعمل، وأن نلقي وراء ظهرنا أي تقاعس وكسل وخمول قد يعكر صفو أذهاننا وأفكارنا أو قد يدفع البعض للبحث عن أعذار للغياب عن الدوام، وأن نرفع دومًا شعار "هلا بالأحد" ونحذف من قاموس حياتنا "هلا بالخميس"!

Faiza@alroya.info

الأكثر قراءة