حظ وشطارة

مدرين المكتومية

يقول المثل المصري "قيراط حظ ولا فدان شطارة" حيث تعني هذه المقولة أنَّ الكد والاجتهاد مُقابل الحصول على أشياء بالحظ فقط، بحيث إن هناك أناس دائمًا ما يقف الحظ بجانبهم فيحصلون على كل ما يُريدونه دون البذل أو تقديم تضحيات بعينها على عكس الكثير ممن يدفعون ثمنًا باهظًا مُقابل تحقيق القليل من طموحاتهم وأحلامهم التي قد تكون بسيطة، صحيح أن لعبة الحظ جميلة لكنها أيضاً ليست آمنة، فهي لن تظل دائمًا حليفة المواقف بل لربما تخذلنا، وفي بعض الأحيان تتزايد ثقتنا فيها ونصل إلى حد الغرور والثقة بأننا سنكسب أي رهان، وسنتجاوز أي تحديات حينها تكون خساراتنا فادحة ومستعصية قد تجعلنا نعيش حياتنا بكوابيس مزعجة.

هذه الفئة المحظوظة التي لا يمكن أن نتغاضى عنها موجودة وقادرة على فرض نفسها بقوة في ماراثون الحياة وإيقاعها السريع فقط بكلمة واحدة هي من تتحكم بكل مقاييس اللعبة "الحظ" الذي ساهم وبشكل كبير في إحباط الكثير ممن يعملون ليل نهار ويبذلون جهداً جباراً في مختلف المستويات الحياتية، فتجدهم يقضون ساعات يومهم ودقائق راحتهم، وأيضاً لحظات مرضهم لأجل ما يسمى "المسؤولية والاهتمام وعدم خذلان الآخرين" فبعض هؤلاء الأشخاص يصلون لمرحلة من الإحباط حينها لا يستطيعون استكمال طريق حياتهم، حينها يفكرون إما بالرحيل نهائياً وترك أماكنهم أو الاستسلام للتخبط الذي يصيبهم بسبب التراكمات والإحباطات التي تعتري طريق نجاحاتهم.

وفي كثير من الأحيان المسابقات والركون إلى ضربة حظ بدلا عن العمل، يجعل الشخص يصاب بالغرور والعظمة دون التفكير في أنها سحابة صيف وتتبدد سريعاً، حينها لن يبقى شيء وقد يخسر نفسه ومبادئه وقيمه في سبيل حصوله على كل شيء، الأمر الذي لا يدوم أساسًا وإن كان بريقه رائعاً، والحقيقة أن من يملكون الحظ هم أناس أكرمهم الله بذلك لينظر إلى أين سيصل بهم الأمر، لكن أكثرهم اعتادوا على التسويق لأنفسهم بطريقة لا واقع لها لكنها مجدية عند الكثيرين، ويقع في فخها أيضا الكثيرون، ومع الوقت يصبحون هكذا، هم في المقدمة على الرغم من كميات الأخطاء التي يقعون فيها ويوقعون من معهم أيضًا فيها.

وفي ظل تواجد الحظ، هناك غياب واضح للاجتهاد والمجتهدين، الذين هم أقرب إلى المقولة: "لولا أبناء الفقراء لما كانت ثروات الأغنياء "أولئك الذين يدفعون ثمن كل لحظة من حياتهم لأجل الحصول على مرتب ويصنعون لأنفسهم حياة ويصلون لمراتب حياتية عالية إلا أنهم أيضًا يعانون من صنف المحظوظين والمتسلقين الذين يأخذون النصيب الأكثر من الإبهار والنجاح، وبالتالي لنحصل على حل لمثل هذه المشكلة نحن بحاجة إلى العدل والعمل بالمعايير الصحيحة في التقييم لأنها الحل الأمثل وبداية الطريق نحو إبقاء المجتهد في مكانه ومكافأته والتخلص من الزوائد والمرائين في أعمالهم لأجل أهداف شخصية لا تمت للعمل بأيِّ صلة.

 

madreen@alroya.info