دعا لاقتصاد قائم على الدبلوماسية الحكيمة والقيم

الغزالي يكتب عن "قضايا معاصرة" تلامس الهم الإنساني وحاجات المجتمع

 

الرؤية - محمد علي العوض

صدر مؤخراً كتاب "قضايا معاصرة" للكاتب العماني عمار بن حامد الغزالي عن مؤسسة الرؤيا للصحافة والنشر- مسقط. ويتضمن الإصدار الذي يقع في 154 صفحة من القطع المتوسط مجموعة من المقالات التي نشرها الكاتب على مدار ثلاث سنوات على صدر صفحات الصحف المحلية، حوت أكثر من 70 مقالة ناقشت قضايا متجددة تلامس الهم الإنساني وحاجات المجتمع في مختلف المجالات الحياتية.

الكتاب جاء مقسما إلى ثلاثة فصول، وكانت الثيمة الأبرز فيه الاقتصاد الإنمائي وحاجتنا لاقتران الاقتصاد بالقيم ومنظومة الأخلاق. واختار الكاتب للفصل الأول عنوان "من قلب الحدث" سرد فيه أحداثا عايشها وكان شاهدا عليها لاسيما في المجال الاقتصادي والاجتماعي، وضم الفصل عددا من الموضوعات أبرزها: تساؤلات على مائدة تأسيس/ إشكالية التوظيف وشفافية المعالجة/ ترامب يقرع طبول الحرب التجارية/ تنفيذ بعد 100 يوم/ لكي لا نقع في الهاوية، وغيرها من المقالات الأخرى.

أمّا الفصل الثاني فعنونه الكاتب بـ"قصة نهوض" واستحضرت مقالاته وجه عمان النضير بعنفوانها وشبابها، رخائها وتقدمها، تنميتها وتنمية أبنائها، وتروي حكاية أرض وشعب وقيادة ليبقى اسم عمان عاليا خفاقا يفخر به العمانيون ويفاخرون. وفي هذا الفصل يحث الغزالي أبناء الوطن والاقتصاديين على تطوير سوق المال، ودعا في واحدة من مقالاته إلى انتهاج مبدأ "الاقتصاد السياسي" كآلية للخروج من عمق الأزمة الاقتصادية الخانقة، موضحا أنّ العامل الأهم في هذا الجانب هو قدرة السياسة الخارجية على تمهيد الطريق أمام اندماجات اقتصادية تضبط إيقاع الشراكة وفق علاقات ثنائية أو متعددة الأطراف، وأنّ هذه الشراكات الدولية والتحالفات "الاقتصادية/السياسية" الحكيمة من شأنها أن تكون مصدات أمان ومحفزات نهوض تُعلي من سقف الطموح، وتعزز فرص التنافس، وتستثمر الخبرات والطاقات لإنجاز المشروعات.

ونقرأ في هذا الفصل أيضا عددًا من المقالات مثل: مشاريع مسقط الساحرة، مجلس عمان الاقتصادي، فوطنكم يستحق، كيف تقيم برامجنا الوطنية؟ بجانب مقال "جنة في قلب الخليج" بأجزائه الثلاثة؛ والذي سلط فيه الكاتب الضوء على خريف صلالة برذاذه الرائع وعبق اللبان الذي يضوع في أرجاء محافظة ظفار.. تلك المنطقة الساحرة بكل المقاييس، بما تجمعه من متناقضات؛ فبصحرائها التي تلامس الجبال تحتضن شواطئ بيضاء وبحارا زاخرة بمختلف أنواع الحيوانات البحرية. ومشيرا فيها إلى أنّ محافظة ظفار تحتكم على مقومات كفيلة بأن تضعها في مقدمة قاطرة التنمية والرفاه، ورفد الخزينة العامة بمداخيل جيّدة إذا ما أحسنت الحكومة الرشيدة توظيف تلك المقومات.

الفصل الثالث الذي سماه المؤلف "أخلاقيات ونظم" يمكن وصفه بأنّه عبارة عن قيم ومثل صاغها الكاتب في أسلوب سلس، واستلهم مقالات هذا الفصل كما يقول من موجهات يقوم أساسها على ما تلعبه الأخلاقيات والقيم من دور فاعل في منظومة التنمية الشاملة بأوسع ما تعنيه الكلمة من معانٍ، باعتبارها شيفرة تشكل المشترك الإنساني على وجه العموم والهوية الحضارية على وجه الخصوص، كما يفرد فيه مساحة خاصة للمسألة الأخلاقية، وخصّها بمقالة من ثلاثة أجزاء عنونها بـ "الأخلاق كرموسوم الإدارة الناجحة"، أسس فيها الغزالي لضرورة الإدارة بأخلاق؛ إذ إن الأخلاق واحدة من أهم الركائز ومتطلبات التعامل الإنساني كالصدق والوفاء والإخلاص، ليصل الكاتب إلى خلاصة مهمة؛ وهي أنّ الاحتكام لمثل هذه الأخلاق والقيم يؤدي إلى تجويد الأداء ومن ثم تحقيق الإنجاز والتميز، علاوة على إسهام ذلك في دعم وتعزيز حركة الإصلاح الإداري، وإعداد وتهيئة أسس سلوكية ترصد أفعال الناس في حياتهم وفي أماكن العمل. وحثت المقالة الموظفين على ضرورة التحلي بالسلوك الوظيفي الجيّد المرتكز على السلوك الإيجابي والأمانة وتغليب المصلحة العامة على المصلحة الشخصية. وتقابلنا في هذا الفصل عناوين أخرى تصب في ذات المنحى الأخلاقي مثل: مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية، وسائل تعزيز الشفافية، يوسف أيها الصديق أفتنا، تجار بمعية الأنبياء، أخلاقيات العوالم الافتراضية، أهم شي النية، إضافة إلى مقالة "كنتم خير أمة" بحلقاتها الست، والتي جال فيها الكاتب في كنوز شريعتنا الغراء المتعلقة بالاقتصاد الإسلامي بمعاييرها الأخلاقية ومقاصدها السامية الكفيلة بسعادة الإنسانية.

الكتاب مادة علمية وثقافية جامعة تستحق القراءة والاقتناء لما ضمه بين دفتيه من مواضيع شيقة، طرحها الكاتب بطريقة عرض المشكلة والحل بأسلوب جذاب وسلس..

يذكر أنّ الكتاب متوفر بجناح مؤسسة الرؤيا للصحافة والنشر والتوزيع بمعرض مسقط الدولي للكتاب في دورته الـ23 وذلك في القاعة رقم 3، الجناج رقم "12-H".

تعليق عبر الفيس بوك