عيسى الخروصي خلف الضباب في معرض الكتاب

كتاب جديد في (أدب الرحلات) بعنوان: "خلف الضباب" صدر عن دجلة ناشرون وموزعون.. والكتاب يجمع بين النص والصورة وجاء في لغة أدبية صافية وبسيطة يمزج فيها بين السرد والقصة والحكاية وبصوت هاديء يتجول عيسى بن حمد الخروصي في الزمان والمكان الأوروبي عابرا بالطائرة تارةً وبالقطارات تارةً أخرى.
الكتاب يضم مجموعة من الرحلات في القارة الأوربية ولكن بعيون عُمانية ويعد دليلا أدبيا ومرشدا سياحيا للقاريء العربي في التعرّف على أماكن عديدة في القارة العجوز..
يبدأ عيسى الخروص كتابه / رحلته إلى بلاد أوروبا بتحية وداع لسلطنة عمان وطنه الأم وجذوره الضاربة في عمق التاريخ التي مازالت بين جنبيه يحملها أينما ولّى وجهه شطر أي ركن من أركان الكرة الأرضية .. يصافح المحبوبة عُمان قائلا: (إلى لقاء يا طبيعة ألفتها كل حين تبادلنا فيها مشاعر ووجدان.. كم أنت رائعة في حركتك وسكونك، كل شيء ينبض فيك بحياة هادئة.. أتعلمين سوف أعود إليك بعد أيام قلائل، لا شيء هناك سوى أن من عرفك عن حقيقة سوف تسكن له ذكريات لا تمحيها الأيام وحتى الرمال..)          
يبدأ الخروصي رحلاته إلى بلاد الضباب من محطة القطارات الرئيسة في مدينة ميونخ، فسيحة. واصفا إياها: (مرتبة. حركة دؤوبة، من هنا تنطلق الرحلات للمدن البعيدة ومنها سوف اعرف طريقي إلى النمسا، مقاهي. مكاتب وخدمات سياحية وأغراض أخرى متنوعة. التذكرة في يدي رحت أسال عن عنوان القطار.. حتى وصلت إلى مركز المعلومات وقفت انتظر حتى ينتهي من سبقني. عرفت أن الموعد لم يأتي بعد ، إذا ما زال الوقت يسمح لي بتناول الفطور وكوب من الكافييه طبعا .. لقد وصلت مبكرا ولم أتناول شيئا والجوع والإرهاق.. ربما المجهول عن أيام قادمة بدأ يلقي بظلاله على نفسي حتى رأيت بعض العائلات من الخليج العربي وهم عدد لا بأس بهم هنا).
ثم يعاود المزج بين السرد والحكي مرة أخرى بعد مرة ولكنه لا يفتأ تذكُّر عُمان بلده المحبوب وواصفا إيها بـ(الوردة وسط الرمال) قائلا: "لقد كتبت انطباعي لزيارة سويسرا وانا في القطار والطائرة والبيت، على الهاتف وقصاصة ورقة مناسبة.. لم اتردد لحظة في نسج كلمات متواضعة ودون تكلف، علها تصل الى القلوب قبل العيون... بها حياة أيام وتجربة السنين، رجعت بكل ود حاملا وساما لا ريب فيه بأنك الاجمل والأروع إلى حيث يسكن جمال الروح.. ابتعدت عنك أياما قلائل كأنها الدهر، لك مني عذرا يا وردة وسط الرمال - الغالية عُمان"
وكأنه يصحو من غفوته ويوقظ معه القاريء فيبدأ رحلته الجديدة بقوله: "مطار ميونخ .. الساعة الثامنة صباحا، حوالي أربع ساعات أنتظر، لا بأس ببعض الصبر، لهفة وترقب.. وكان اللقاء لأول مرة... قبلات يمنة ويسرة وكلمات.. استفهام حتى عرفنا طريقنا إلى المدينة الصغيرة التي سوف نعيش فيها أيام"ثم يواصل الحكي "ركبنا القطار وعيون حائرات عن أيام قادمة ، كيف سوف نمضيها معا .. وبدأت قطرات المطر"
نحن في القطار والمطر ينهمر، وفجأة تألمت وحزنت ، بعد أن عرف رفيقي بفقد إحدى الحقائب في المحطة... وبعد نقاش قصير رجعنا، رغم أنني كنت مرهقا من رحلة السفر وعناء الانتظار.. وبحثنا عبثا دون جدوى، أهات وأسف وركبنا قطارنا بلهفة وتعب سائرين. حيث توجد أروع بحيرة في المانيا بأسرها وصلنا.. ابتسامات ومطر وأشياء أخرى.. نهر جرنون يجري بقسوة اليوم، صوته يكاد يسمع من خلف النوافذ المغلقة. ربما أراد أن يوصل رسالة إلى فتاة تولوز. أوراق مبعثرة على طاولة الطعام، تختلس بعض النظرات،  وكأن قلبها الصافي بدأ يتدفق من جديد..  حتى طيور النورس ترقص اليوم فرحا على غير عادتها  من على ضفاف النهر. ها ذا أمل جديد أشرقت شمسه، بعد طول الظلام وقسوة البرد خلال خمسة أيام .أرجوك لا تقفي حيث أنت الآن، أمامك حياة ومستقبل رائع ينتظرك.. نعم أنت جميلة ولديك صفات رائعة، نادرة هذه الأيام، وهناك حتما من سوف يعرف قدرك ويشاركك أيام حياتك القادمة. أما أنا.. سوف أرجع من حيث أتيت في هدوء، ولن تبقى سوى الذكريات الطيبة ربما سوف نلتقي ! ولكن العمر ليس له ضمان أن يبقى.. فالعيون اختصرت المسافات وفهمت كل شئ..
عزيزي القاريء هذا الكتاب أنصحك باقتناء هذا الكتاب واتخاذه دليلا لمعرفة أوروبا ولكن بعيون عُمانية .

تعليق عبر الفيس بوك