الضرائب.. وتغييب الإعلام

فايزة الكلبانية

حالة من الاستياء وعدم الرضا تتسع تدريجياً بين أصحاب وصاحبات الأعمال بسبب ارتفاع في تعديلات رسوم التراخيص البلدية، وتعديلات رسوم التراخيص السياحية والصناعية والتجارية الصادرة عن وزارة التجارة والصناعة، إضافة إلى تعديلات وزارة القوى العاملة الأخيرة، وما يتبعها من تعديلات قانون ضريبة الدخل على الشركات، ثم تطبيق ما يسمى بـ"الضريبة الانتقائية" المرتقبة، وإن كانت كل هذه الضرائب تصب في صالح الخزانة العامة للدولة، لكنها أيضا ينبغي أن تراعي الفئات المختلفة، لاسيما رواد الأعمال.

فقد طالت الشكاوى أصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، الذين أبدوا تخوفهم من فرض مزيد الرسوم والضرائب مستقبلا. كل هذه المستجدات وفي فترة دراسة تطبيقها كان من الواجب على الجهات المختصة أن تضع في أولوياتها أن تصاحبها أو تسبقها حملات إعلامية وشراكات مع المؤسسات الإعلامية المختلفة، بهدف التوعية والتثقيف، وتهيئة الفئات المستهدفة بمثل هذه المتغيرات؛ التي ستفرض عليهم قبل فترة من تطبيق القرار، وآليات التنفيذ وكل ما يهم الصالح العام.

لكن للأسف لم يحدث ذلك.. ونقول بوضوح إن تغييب الإعلام قائم، فلا أحد يفكر في الاستفادة من إمكانيات وتأثير الإعلام على المجتمع، ومشاركته من أجل تنوير وتثقيف الناس؛ لاسيما المعنيين في القطاعات المختلفة في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وإقناعهم بالضرائب في وقت مبكر، وآليات تطبيقها، والدوافع التي تسببت في إقرارها، حتى لا تكون النتيجة عدم تقبلهم لهذه المتغيرات. فالجميع فوجئ برفع رسوم الخدمات؛ ويتخوفون من أن تؤدي إلى إغلاق عدد من المشاريع تفاديا للوصول إلى الإفلاس، ويعتبرون أنّ كل جهة حكومية وجهت نحوهم سهامها ورفعت الرسوم، فكيف يمكن للحكومة اليوم أن تعول على القطاع الخاص بأن يعزز ثقافة العمل الحر، وكيف يمكن أن يعمل هذا القطاع على تنفيذ 121 مبادرة وتوصية من "تنفيذ"، والمساهمة في توظيف الباحثين عن عمل، في ظل هذا الضغط بالرسوم والقوانين والضرائب!!

وفي الوقت الذي يقوم فيه فريق العمل المشرف على تعديلات قانون ضريبة الدخل على الشركات بتنظيم عدد محدود من الندوات والمحاضرات التعريفية بمستجدات القانون، بالتعاون مع فروع غرف التجارة والصناعة بمختلف المحافظات، لكن يشارك فيها أعداد قليلة من الجمهور المستهدف، ونجد في المقابل فريق مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عمان يواكب ذلك بتنظيم جلسات أخرى نقاشية بفروع الغرفة تهدف إلى الوقوف على مرئيات وتبعات تأثير تطبيق تعديلات قانون ضريبة الدخل على الشركات، إلى جانب ما سيليه من تطبيق الضريبة الانتقائية وغيرها من الرسوم التي تم رفعها من قبل الجهات الحكومية المختصة كمؤسسات القطاع البلدي والتجارة والصناعة، واستحداث رسوم جديدة على عدد من التراخيص والخدمات التي تقدمها لمؤسسات وشركات القطاع الخاص، وإجراء تعديلات عليها.

النقطة الأبرز هنا التي أود التأكيد عليها، أن التغييب الواضح من قبل الجهات المعنية لدور الإعلام في التوعية بأهمية الضرائب وكيفية تقديمها، من شأنه أن يسبب ارتباكا وحالة من عدم الاستقرار لأصحاب الأعمال، لاسيما وأن المهلة المتاحة لتقديم الإقرارات الضريبية أوشكت على الانتهاء، وكان من الأولى على الجهات المعنية أن تطلق حملات توعية واسعة في الصحف ووسائل الإعلام، وعدم الاكتفاء بتغريدة هنا ومنشور هناك. فالدعم الإعلامي في هذه الحالات يحقق النجاح، فالإعلام شريك أصيل في التنمية، وتغييبه بهذه الصورة ليس في صالح أي طرف، لا المجتمع ولا الحكومة.

إن الخوف كل الخوف من أن ينعكس كل ما سبق سلبًا على القطاع الخاص، فيدفع شبابنا الطموح إلى إغلاق مشروعاته، ويتحول رائد العمل الذي بدأ بداية جيدة، إلى باحث عن عمل مجددا، والسبب.. الضرائب!!

faiza@alroya.info