فئات الضمان الاجتماعي والدخل المحدود

 

سيف المعمري

في الأسبوع الماضي، تدفقت علي -عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي- تفاعلات عدد من القراء الأعزاء، حول ما تطرقت إليه في مقال "المسؤول والمواطن والغلاء"، والتي طالبت بضرورة الالتفات إلى فئات الضمان الاجتماعي وذوي الدخل المحدود من جراء عاصفة الغلاء التي لم تسلم منها سلعة أو خدمة في أسواقنا المحلية ودول المنطقة.

وسيكون هذا المقال استكمالا لسابقه، ولكن من زوايا مختلفة، فكما هو معلوم أن وزارة التنمية الاجتماعية تعمل بقانون الضمان الاجتماعي الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (87/84) وتعديلاته، والذي بموجبه يتم صرف معاشات شهرية لفئات محددة التي لا يتوافر لديها الدخل الكافي للمعيشة، ولا يوجد لها المعيل الملزم القادر على النفقة ومساعدات وامتيازات آخرى، وتشمل ثماني فئات؛ هي: الأيتام، والأرامل، المطلقات، المهجورات، البنات غير المتزوجات، الشيخوخة، أسر السجناء، العاجزون. وتتفاوت قيمة المعاشات الشهرية حسب تلك الفئات، حيث يصل أقصى قيمة للمعاش الشهري إلى 264 ريالا عُمانيا للأسرة التي يبلغ عدد أفرادها 10 أشخاص فأعلى، مضافاً إليه 5 ريالات عُمانية لكل طالب في المرحلة الدراسية من الصف الأول حتى الصف الثاني عشر، مع امتيازات أخرى تتمثل في إعفاء فئات الضمان الاجتماعي من العديد من الرسوم الحكومية، والعلاوات لبعض الأمراض، ومنحة مالية للذهاب للحج.

أما عن فئات الدخل المحدود، فلا توجد أسس واضحة بين المؤسسات الحكومية لتصنيفها وتقدير حجم الدخل الشهري أو الكافي للمعيشة حسب معيار تصنيف فئات الضمان الاجتماعي، وهي بطبيعة الحال -أي فئات الدخل المحدود- لا تفرِّق بينها وبين فئات الدخل المرتفع، خاصة في رسوم الخدمات الحكومية وفي أحيان كثيرة تجد أن فئات الدخل المحدود دخلها أقل من فئات الضمان الاجتماعي، وسيأتي التفصيل في ذلك.  

فعلى سبيل المثال، كانت وزارة التنمية الاجتماعية تعمل -قبل سنوات- بقاعدة إلزام نفقة الأبناء على آبائهم إذا تجاوز دخل الابن 649 ريالا عُمانيا مضافا إليه 50 ريالا عُمانيا لكل فرد بعد الزوجة؛ وبالتالي يستنتج من ذلك أن من يصنف ضمن فئة الدخل المحدود من يقل راتبه عن 650 ريالا عُمانيا، وهو إلى حد ما معقول جدًّا في مثل هذه الأيام، فيما تضع وزارة القوى العاملة الحد الأدنى لأجور العُمانيين في مؤسسات الخاص بما لا يقل عن 325 ريالا عُمانيا دون تحديد لأي إضافة مع عدد الأبناء.

أما اللجنة المكلفة بتحديد التسعيرة الشهرية لأسعار الوقود، فقد حددت فئات الدخل المحدود التي تستحق الدعم الوطني من الوقود من لا يزيد دخله الشهري على 600 ريال عُماني، فضلا إن فئات المتقاعدين من المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص لا يزيد الدخل الشهر لديهم أكثر من 202 ريال عُماني دون تحديد لعدد أفراد الأسرة الذين يعيلونهم، ولا حتى المديونات البنكية الشخصية والإسكانية التي كبدتهم فيها منغصات الحياة وتدني الدخل الشهري؛ وبالتالي ربما يكون المتقاعدون أحوج ما يكونون للمساعدات الشهرية والإعفاءات من الرسوم الحكومية، بل هم أحوج ما يكونوا للنظر إليهم بعين الرحمة والشفقة للبحث لهم عن آلية رفع دخلهم الشهر إلى 600 ريال.

ومع أنَّ تلك الفئات -الضمان الاجتماعي والدخل المحدود- تعاني الأمرَّين في مواجهة أعباء الحياة الضرورية من مأكل ومشرب وملبس، ومتشبثة بالصبر، واستشراف الغد المشرق، إلا أن الحياة تأخذها إلى تحديات متجددة؛ فارتفاع أسعار السلع والخدمات والرسوم الحكومية في الكثير من الخدمات، فرض عليها أعباء إضافية وإن كانت بطرق غير مباشرة، فمع أن الرسوم الجديدة والضرائب التي فرضتها العديد من المؤسسات الحكومية على القطاعات الاقتصادية في ظاهرها لا تستهدف المواطن، إلا أنه يتأثر بتبعاتها ولو بعد حين، مهما حاولت حماية المستهلك التدخل في كبح تلك الأسعار.

فتحقيق الأمن الاجتماعي يتطلب تضافر الجهود من جميع المؤسسات والقيام بدراسات مستفيضة لوضع جميع الفئات، ولتحقيق مبدأ العدالة الاجتماعية فعلى كل المسؤولين صناع القرار عدم تجاهل حقيقة الوضع المعيشي لجميع الأسر في المجتمع العُماني، وأن هناك واقعا ملحا يفرض معرفة الحد الأدنى للدخل الشهري لكل أسرة بناء على معطيات موضوعية، فلو افترضنا أسرة مكونة من الأبوين وثلاثة أبناء ودخلهم الشهري 325 ريالا أو أقل أو أكثر من ذلك بقليل: هل يستطيعون تسديد فواتير الماء والكهرباء والهاتف وقسط السيارة وقسط السلفية البنكية الإسكانية والسلع الاساسية للمأكل والمشرب ونحوها. وهل يستطيع المسؤول أن يتنازل عن راتبه الشهري ويبقي منه 325 ريالا ليصرف على أسرته!!

وبوركت الأيادي المخلصة التي تبني عُمان بصمت،،،

Saif5900@gmail.com