الانعكاسات السلبية للضرائب

 

حمود الطوقي

خلال الأسبوع الماضي شهدت منصّات التواصل الاجتماعي تجاذبا ونقاشات حول توجه بعض الأجهزة الحكومية إلى فرض ضرائب جديدة في خطوة لتعزيز خزينة الدولة بإيرادات تساعدها على تكملة أجندتها، في الوقت نفسه اعتبرها البعض بادرة غير موفقة وستنعكس سلبا على المواطن وعلى صاحب المؤسسة التجارية سواء كانت صغيرة أو متوسطة أو تلكم الشركات الكبيرة.

هذا القرار غير المدروس حمل قراءات على المشهد الاقتصادي الذي تعاني منه الحكومة منذ بداية الأزمة الاقتصادية مع تذبذب في أسعار النفط، الأمر الذي حمل مدلولات على أن المنظومة الاقتصادية غير قادرة على مواكبة التحديات التي تواجه الاقتصاد فالتمست الحكومة الطريق الأسهل بفرض الضرائب لكي تخرج من عنق الزجاجة وتضييق الفجوة على المواطنين والمستثمرين، الذين يرون أن القرار أرهقهم وجعل البعض ممن لم يستطع الصمود يعلنون الاستسلام والرحيل.

كنت أتمنى ألا تلجأ الحكومة إلى مثل هذه القرارات بل كانت لديها مساحة واسعة للبحث عن الحلول الكفيلة للخروج من هذه الأزمة وذلك بتقديم تسهيلات أكبر للقطاع الخاص ودعوة الاستثمارات الأجنبية الجادة بان تكون السلطنة موطئ قدم لها.

شخصيا أرى أن هناك قطاعا قد يكون البديل الأمثل للخروج من هذه الأزمة لو أعطينا هذا القطاع مزيدًا من الاهتمام وأعني هنا قطاع سوق رأس المال، فمنذ صدور المرسوم السلطاني بإنشاء سوق مسقط للأوراق المالية عام ١٩٨٨والعديد من التطلعات تلامس القائمين لتطوير هذا الجهاز وخلال مرور عقد من الزمن صدر مرسوم آخر بإنشاء الهيئة العامة لسوق المال، وبمقتضى المرسوم تمّ فصل سوق مسقط لتتحول السوق كجهة لتداول الأوراق المالية مع وجود جهاز رقابي وتشريعي وتنفيذي وهي الهيئة العامة لسوق المال.

في اعتقادي أنّ هذا القطاع يمكن أن يلعب دورًا مهما في تعزيز القطاع الاستثماري وذلك بتخصيص عدد من الشركات الحكوميّة التي رسّخت أقدامها وهذا مما لا شك سوف يعزز العجلة الاقتصادية ويفتح مجالات للاستثمار وتدوير رأسمال المحلي، من الأمور الإيجابية التي واكبت تطور هذا القطاع فقد صدر مؤخرا قرار من قبل مجلس إدارة الهيئة العامة لسوق المال بالموافقة لتحويل سوق مسقط للأوراق المالية إلى شركة حكومية. شخصيا كنت متابعا عن قرب كل الجهود التي بذلت وتبذل لتطوير هذا الكيان الاقتصادي الهام.

كوني كنت أحد العاملين في السوق ومن بعد في الهيئة وكانت الأفكار والمبادرات لا تتوقف من أجل رفد قطاع الأوراق المالية ليكون عاملا مهما في تدوير عجلة التنمية. أقول إنه لا شك أنّ هذا القرار (المبادرة) بتحويل سوق مسقط إلى شركة حكومية كمرحلة أولى تتمتع باستقلالية وتكون لها المرونة لتطوير سوق المال في السلطنة قرار مهم، ويأتي ليواكب المستجدات، حيث إنّ معظم أسواق المال في العالم قد تحوّلت وتخصخصت وأصبحت كيانات اقتصادية هامة لأنها تدار بعقلية القطاع الخاص.

ولكن لابد أن نطرح مجموعة من الاستفسارات حول هذا التحول مربط الفرس هنا، والنقطة الأساسية والجوهرية تكمن في الآتي: كيف يمكننا أن نجعل من سوق مسقط للأوراق المالية عاملا نشيطا مهما يسهم في التوسّع الاقتصادي والتوسع بصورة مباشرة يساعد على إيجاد الحلول والتحديات التي تواجهها في مجال خلق فرص العمل.

في اعتقادي أنّ هذه المبادرة يمكن أن تكون مهمة وإيجابية في خلق المزيد من فرص العمل وتحسين المستوى المعيشي للمواطن ومن جهة أخرى التقليل من الاعتماد على موارد النفط والبحث عن بدائل جديدة لتعزيز عجلة الاقتصاد. كما أنّ تحويل السوق إلى شركة حكوميّة سوف يساهم في تعزيز دور القطاع الخاص من حيث زيادة عدد الشركات في مختلف الفئات الصغيرة منها والمتوسطة، وهذا الأمر يتطلب القناعة الى إن شركات المساهمة العامة المدرجة في السوق إذا توفرت لها البنية الاقتصادية الممكنة والإطار التشريعي والقانوني اللازم من شأنها أن تُحقق فارقًا في هيكلة القطاع الخاص ورفد الاقتصاد العماني بشركات ذات أحجام تداول كبيرة.

وعليه فإن المرحلة القادمة ستكشف أن السوق ستكون أكثر جاذبية لخلق فرص العمل، ودعوة الاستثمارات الأجنبية إلى سوق مسقط للأوراق المالية كجهة منفذ جاذبة لتوسيع أعمالهم ونموها.

ومن نافلة القول أنّه كلما زاد حجم الشركات وعددها زادت مساهمتها في رفع الرسوم والضرائب المباشرة وغير المباشرة للحكومة، ومن تنشيط الدورة الاقتصادية وتقصيد الاستهلاك من ناحية أخرى، لهذا من المهم أن يتزامن قرار تحويل سوق مسقط للأوراق المالية إلى شركة مع وضع استراتيجية جديدة

لدور السوق في تحقيق استراتيجية الاقتصاد الوطني ٢٠٤٠..

اقتصادنا يحتاج إلى أفكار خلاقة وليس فرض رسوم وضرائب لا تسمن ولا تغني من جوع.