مختصون: التحفيز والثقة والنقاش الذكي .. كلمات السر في اكتشاف كوامن الإبداع عند الأطفال

  • المكتومية: معرفة خصائص النمو أساس تربية الإبداع
  • الشيادي: على الأبوين المُحافظة على مهارات الأبناء وتشجيعهم
  • الحجرية: مهارات الطفل وإبداعاته تنمو باللعب والتجارب
  • الأنصاري: التواصل من أهم العوامل لتنمية إبداعات ومواهب الطفل
  • الفارسية: الترغيب من العوامل التي تشجع الطفل على الإبداع

الرؤية – محمد قنات

أكد عدد من المختصين والمهتمين بالشأن الأسري ضرورة أن يكون أفراد الأسرة ومجتمع المدرسة على قدر كبير من إدراك أهمية تنمية الإبداع لدى الطفل، وأن يتعلموا فنون وأساليب التعامل مع هذه الفئة من المجتمع، في وقت مبكر.

مشيرين إلى أنَّ الأسرة الأبوية هي نقطة الانطلاق لكل طفل، وتأتي الأسرة المدرسية لتكون مكملة للدور وحاضنة أخرى للشخصية المبدعة، فلابد أن يكون الدور غير منقوص، حتى يصل الطفل لمعنى الإبداع، وأن التجربة تعمل على توسيع مدارك الطفل ليتعلم، ولابد من تقبل أخطائه وتعليمه بطريقة غير سليمة وتشجيعه بقدر الإمكان على تجاوز الأخطاء، والثناء عليه وتحفيزه بعد كل تجربة يخوضها مهما تضمنت من أخطاء.

وقالت نادية راشد سيف المكتومي إنَّ الأطفال يولدون ولديهم الاستعداد الفطري للإبداع وتكون السنوات الأولى للطفل من أكثر الأعمار خصوبة في القدرة الإبداعية فلديه حب الاستطلاع والاكتشاف وشغف التعلم والتجريب والحركة بحرية، وتلعب البيئة المحيطة دورًا أساسيًا في تنمية هذه القدرة لدى الطفل، فكلما اتسمت الأسرة بالوعي التربوي الإيجابي والأساليب التربوية الصحيحة، كلما ساعدت على نمو هذه القدرة لدى أبنائها.

وأضافت أنَّ من أساسيات تربية الإبداع لدى الطفل معرفة الخصائص النمائية للمراحل العمرية التي يمر بها الطفل ونقصد هنا أنَّ لكل مرحلة عمرية خصائص عقلية ونفسية واجتماعية تميزه يجب أن يدركها الوالدان قبل كل شيء ومن ثم التعاطي مع الطفل وفق هذه الخصائص النفسية حسب مرحلته العمرية وقدراته في تلك المرحلة، بعدها يجب أن يكون لدى الوالدين الوعي الكافي بالمهارات التربوية التي يمكن أن تحفز الإبداع لدى الأبناء ومنها توفير البيئة التعليمية الجاذبة في المنزل بحيث يحاط الطفل بالألعاب المنتقاة تربويًا، والتي تنمي عنده القدرات العقلية ومن ضمنها الألعاب المحفزة على الإبداع واستدركت من بينها ألعاب التركيب والتلوين الحر والرسم الحر وغيرها من الألعاب التعليمية لتنمية القدرة على الإبداع.

 وشددت على أن الألعاب الإلكترونية خاصة في السنوات الست الأولى من شأنها أن تقتل القدرة الإبداعية لأنَّ طبيعتها وما تحمله من قيم سلبية لا تتناسب مع خصائص نمو الطفل وتحرمه من ممارسة المهارات الطبيعية التي تدعم النمو السوي الطبيعي.

 وتابعت: قد يكون لدى الطفل إبداع في مجال بعينه كالرسم أو الكتابة أو الرياضة أو عمل معين يستهويه، ويأتي فيه بأفكار إبداعية لذلك لا ينبغي إرغام الطفل وتوجيهه ليذهب إلى ما لا يتناسب مع ميوله وشغفه، لأنَّ ذلك من شأنه أن يشوه القدرة الإبداعية لديه ويجعلها تخبو فأساس الإبداع الشغف بالمجال الذي يمارسه والاستمتاع بعمله، ثانياً لابد من توافر البيئة التي تشجع على حرية الحركة والتفكير وتقل فيها القيود والقوانين الصارمة من شأنها أن تحفز القدرة الإبداعية لدى الأبناء لأن الحرية عنصر مهم من العناصر المحفزة للإبداع، أيضاً البعد عن النقد واللوم لما يقوم الطفل بعمله وتوجيهه لتطويره بالحوار الهادف والنقاش الذكي من شأنه الارتقاء بالقدرة الإبداعية لدى الطفل، ويلعب التحفيز بكل أنواعه سواء بالكلمة أو النظرة والابتسامة أو اللمسة الحانية مفعول السحر في تشجيع الأبناء لممارسة الإبداع في المُحيط الأسري.

ورأت أنه من المهم حماية الطفل أيضًا من النقد الخارجي حتى لا يتعرض لخيبة أمل ويتوقف عن ممارسة الإبداع فيما يحب، بسبب كلمة أو سلوك سلبي بدر من طرف مُعين غريب عن الأسرة، وهنا يجب الجلوس معه ومحاورته ومناقشته لتفنيد ما سمعه وتعريفه بشكل عملي كيفية التعامل مع هذه السلوكيات السلبية من الخارج لكي لا تؤثر على نفسيته وكيف يعزز نفسه ذاتياً ولا يعتمد فقط على التعزيز الخارجي ويتم ذلك بالتدريج لأن الطفل يولد معتمدا على تعزيز البيئة الخارجية وهذا هو الأصل في بداية نموه لكن مع مرور الوقت يجب أن تنتبه الأسرة لأن تنقله من التعزيز الخارجي للتعزيز الذاتي الداخلي وتعلمه أن التعزيز الخارجي من الآخرين مهم وشيء جيد لكن لو لم يجد ذلك فيجب عليه أن يعزز نفسه بنفسه ولا يحزن، وبذلك يكتسب محفزات الإبداع الخارجية والداخلية.

وقال المهندس علي بن طالب بن زايد الشيادي: الأسرة هي المنطلق الأول لاحتواء أفرادها وتنشئتهم بصورة سليمة، ويتعين أن تقوم بالدور الأبرز في تكوين شخصية الطفل من جميع النواحي الاجتماعية والعلمية والتربوية.

وأضاف أن الطفل في مراحله الأولى تظهر لديه بعض الجوانب الإبداعية، مما يتطلب وعياً تاماً من الآباء بأهمية احتواء هذه الإبداعات، من خلال توفير جوٍ أسري يتلاءم مع احتياجات الطفل، وتهيئة المناخ من حوله لتتحقق العناية التي تتكون بها الشخصية الإبداعية السوية له.

وتابع أن الشخصية الإبداعية هي تلك التي تستطيع ابتكار وإيجاد الأشياء الجديدة في كل مناحي الحياة من علاقات وأدوات ومواد وغيرها، وعادة ما تحتاج هذه الشخصية للرعاية منذ الوهلة الأولى لبروزها وهي مرحلة الطفولة، وأن الصناعة الحقيقية لهذه الشخصية، وصقل مواهبها واحتواء قدراتها تكون عن طريق الأبوين أولاً، ثم بقية أفراد الأسرة ثم تخرج لتتأثر بالمجتمع المحيط، فتكون الأسرة الصغيرة هي من يضع أولى لبنات الإبداع لدى طفلها، وهي من تغرس نبتته وتسقيها وتغذيها وترعاها حتى تكبر.

ويتوجب على الأبوين وبقية أفراد الأسرة المحافظة على مهارات ابنهم، والمضي قدمًا لمواصلة إبداعه، وقد يكون ذلك عن طريق تحفيز الطفل وتشجيعه مع كل عمل إبداعي يقوم به، ومتابعته عن قرب، إذ إنَّ لهذا التشجيع أثر إيجابي في نفسه، فهو يساعد على صنع القابلية لديه للابتكار أكثر فأكثر، ولإيجاد حلول إبداعية في كل جوانب حياته، ويحببه في مجاله بصورة أكبر، وأن الطفل السليم الذي يتمتع بالذكاء والفطنة، لا بد له من محاولة إثبات شخصيته وفرض رأيه حتى على الكبار، مما قد يتسبب في ظهور عناده أحياناً، ومشاغبته في أحيان أخرى، ومقاطعته لحديث الأكبر منه سناً، بل حتى تداخله مع أحاديث الآباء والأجداد ومحاولة الدخول معهم في سؤال وجواب، وهذه ظاهرة صحية جدًا حسب ما يراه المختصون في الجانب النفسي.

 وفي هذا تقول سارة بنت محمد حسن في بحثٍ حول الطفل العنيد: "إنَّ الحديث عن الطفل العنيد يجمع بين اللذة وبين المشقة، في مزيج عجيب غريب، فالعناد عند الأطفال يعد مرحلة طبيعية وتعبيرا عن الذات والاستقلال وصرخة حرية، ولكنه في نفس الوقت مشكلة لو تعاملنا معها بأسلوب غير لائق قد يتسبب هذا في استمرار هذه الفترة أو اتصاف الطفلـ/ـة، فالشابـ/ ـة، فالرجل والمرأة بالعناد في جميع المراحل مما يؤثر على نجاحه أو يؤثر على المجتمع كله في المستقبل. "

من جانبها رأت بشرى المقبالي أن دور الأسرة الأساسي يتمثل في تنمية إبداعات الطفل وذلك عن طريق التشجيع المعنوي والدعم المادي لمواهبه وهناك أثر طيب يتركه التحفيز والتشجيع في نفس الطفل ويجب على الأسرة في المنزل والمدرسة أن يعملوا على تحفيز الأطفال حتى تخرج إبداعاتهم ومواهبهم.

ومن جانبها قالت نوال الحجري، إعلامية: يجب على الأم أولا أن تكتشف الروح المبدعة بداخل طفلها، وتبادر في اكتشاف الجوانب الإبداعية لدى أطفالها وأن تستبق في ذلك قبل أن تكتشف المدرسة تلك المواهب من خلال المناشط المتوفرة، فالأجمل أن تكون الأم مصدر إلهام لطفلها وملاذا آمنا تتفجر عنده الإبداعات.

وأضافت أن مهارات الطفل وإبداعاته تنمو من خلال اللعب والتجربة، لذا لابد من ترك الطفل يلعب بأريحية في غرفته (مثلا) دون فرض النظام المكثف عليه وترتيب ألعاب في زاوية واحدة، سيساهم في إعطائه مساحة أكبر لتنمية الخيال عنده وسيجد طرقاً أكثر للتعبير عن آرائه، فغرفة اللعب شديدة النظافة والنظام يمكن أن تؤثر سلبًا عليه وتقوم بكبت الطاقة الإبداعية لديه.

وتابعت أن التجربة توسع مدارك الطفل ليتعلم، لذا لابد من تقبل أخطائه وتعليمه بطريقة غير مباشرة كيف يتجاوز تلك الأخطاء، والثناء عليه بعد كل تجربة يخوضها مهما تضمنت من أخطاء، لأن ذلك من شأنه أن يُعزز من سعيه للتعلم والاستفادة مما يفعل، أيضاً لابد من تشجيعه على التحدث بمواضيع مختلفة، فطرح المواضيع وعمل الجلسات النقاشية لا يستهدف الكبار فقط، بل بمجرد طرح مواضيع مختلفة وتأطير أسلوب طرحها بمستوى فكر الطفل سيساهم في تحفيزه على التحدث أكثر ونمو تفكيره.

وأشار عبد الحميد بن علي بن أحمد الأنصاري مستشار قانوني وأخصائي إرشاد أسري إلى أن الجو الأسري من أهم العوامل لتنمية إبداعات ومواهب الطفل عن طريق التواصل الدائم مع الطفل والإجابة على الاستفسارات التي تحمل فضول الطفل ومحاولته لاستكشاف ما حوله من مواد وربما تكون بعض الأسئلة لا تخطر على بال الأب ورغم ذلك يجب أن ننظر لها بعين الاعتبار وأضاف لا يوجد عمر معين لظهور إبداعات الطفل ولكن تقريباً في سن السادسة من الممكن أن تكتشف حس الإبداع عند الطفل، كما أن التحفيز يترك أثرا طيباً حيث يصبح مليئاً بالثقة في نفسه ويكون ناجحا وجريئاً ويشارك في الأنشطة.

واستدرك أن للوالدين رأيا في اختيار اتجاه الطفل ولكن ليس بفرض الرأي وفي حالات الفشل يجب تغيير نفسية الطفل فورا لكي لا تسيطر تجربة الطفل على تفكيره وتهدم إبداعه وتشجيعه على الاستمرار الدائم.

وذهبت هند بنت سالم الفارسية إلى أن الجو الأسري يعتبر من أهم العوامل لتنمية إبداعات ومواهب الطفل عن طريق التواصل الدائم مع الطفل والإجابة عن الاستفسارات التي تحمل فضول الطفل ومحاولته لاكتشاف ما حوله من مواد، ولابد من تنويع الأفكار واكتشاف إبداعات جديدة فنحن قادرون على تنشئة جيل متميز ومبدع.

وأضافت أن الإبداع لدى الأطفال في كثير من الأحيان بالفطرة وهنالك إبداع يمكن أن يكتسبه من خلال الأشياء التي تحيط به ومثل هذا الإبداع تكون ركائزه مبنية على الأسرة والأنشطة المدرسية عن طريق الترغيب والتحفيز والتشجيع

وقالت مارية بنت عبد الله العوادية إن المواهب هبة ربانية تحتاج إلى من يرعاها ويحافظ عليها؛ حتى تجلب للإنسان والمجتمع الذي يعيش فيه الخير، وهو الدور الأساسي المنوط بالأسرة منذ اكتشاف الموهبة عند أحد أبنائها.

وأضافت أن السنوات الخمس الأولى ذات أهمية كبرى في حياة الطفل حيث تصقل شخصيته في شتى أنواع المعارف والعلوم، ويتعلم في هذه المرحلة مجموعة كبيرة من العادات والتقاليد، وأن تنمية مواهب وهوايات الطفل تقع بالأساس على الأسرة بالدرجة الأولى في متابعة الأطفال وتشجيعهم على الاستمرار في ممارسة هواياتهم، كما أن التحفيز يعتبر احتياجا أساسيا‪ في حياة الطفل فهو يؤثر على سلوكه، ويشعره بالرضا، وينمي الحركة في حياة الطفل سواء كانت بالصورة النظرية أو العملية، بعكس الإحباط الذي يسبب السكون والحياة فالطفل يُحفز عندما يصيب ويُعاقب عندما يخطئ وأبسط أشكال التحفيز ممكن أن تكون بالكلمات الحانية والثناء عليه أو إعطائه هدية محببة إليه.

وتابعت: يجب أن نتعامل بحكمة مع العناد وعدم الطاعة، وأن تكون لدينا مرونة، ومخاطبة الطفل بالحب والحنان والاحتواء. والصبر في التعامل مع الطفل العنيد، لأنَّ الأمر ليس سهلا ويتطلب الالتزام بالحكمة في التعامل وعدم اللجوء بأي حال من الأحوال للضرب، وعلى الأهل مناقشة الطفل العنيد بالعقل كإنسان كبير ويوضح له النتائج السلبية التي تنتج من أفعاله بسبب عناده، وفي حالة عدم الفائدة معه بطريقة العقل وطريقة العاطفة، فيجب حرمانه من أي شيء محبب له ويكون الحرمان بعد سلوك الطفل العنيد مباشرة.

وقال أحمد الشبلي أخصائي أنشطة الأسرة يجب على الأسرة أن تكون واعية ومهتمة بمواهب طفلها في مرحلة مبكرة ومحاولة تشجيع الطفل على تطوير هذه المواهب من خلال ربط الهدايا التي تقدم له بهذه المواهب والإبداعات وأيضا يفضل أن يتم تكريم الطفل على أبسط الإنجازات في هذه المواهب وتشجيعه على إبراز مواهبه في المدرسة وفي المنطقة وحتى المنزل

وأضاف أن بداية ظهور المواهب ربما تكون في عمر مبكر جدا حتى لو كان من العامين أو أكبر قليلا والمسؤول الأول عن تكون هذه الإبداعات هما الوالدان وعليهما زرع الثقة في قلب طفلهما بمواهبه أو قتلها مبكرا، كما أن التحفيز هو السلاح السري الذي يستطيع أن يطور موهبة الطفل وجعلها مثل الشعلة

ربما احتضان الطفل وتعليمه فنون الحوار والنقاش ويفضل عدم الدخول في جدال معه أو معاندته لأن الطفل بطبعه يحب العناد ويفضل أن ينزل الوالدان وحتى المعلم إلى عقلية الطفل المبدع ليفهموا احتياجاته والبدء بحوارات تتناسب مع سنه وعدم إظهار الفشل والسخط من مواهبه.

تعليق عبر الفيس بوك