(تَـمْـ)ــ(تَـمَـ)ــ(اَتٌ)

وفاء سالم – سلطنة عُمان


(1)
‏حسنًا دعني اُخبرك فِيم كنتُ أُفكر وأنا أطرد الخمول عن جسدي هذا الصباح..
‏اُفكّر كيف سنكون لو أنْ عالمك عالمي وملامح صبحك تشبه ملامح صبحي..
وصمتك، أفكارك، أحلامك، فرحتك، قلبك وشغبك كلها تشكلت على مقاسي تمامًا..
‏أنا لا زلت أمشي محاذية لك
أكره أن أمشي خلفك وأن تمشي أمامي،
والمسافة التي تشكلت سابقًا بيننا طويت حين تلاقت كتافانا،
هل لك أن تتخيل حقًّا "نبقى معًا هكذا ما بقي لنا مِن العمر"..
(٢)
متى ستعرف أن الحياة احتياج واجتياح..
وتخلع الحزن من معصميك..
يا رجلاً يقتل سنواته فيه
كفاك من دور الجلاد والسجان..
اخلع قيود الحزن واكسر جماجمها..
(٣)
وكأني الرسول المنسي
وكأنك مهبط رسالتي الصعب
أجوب بقلبي في طرقات مدينتك
مدد مدد مدد
فيارب السماوات والأرض
ورب القلوب الحائرة
هب لي قوة الزاهدين في محرابك
كي لا يرتجف كلي حين لقاه
ولا يرتطم فم قلبي بأنيابه
فيسقط مغشيًا عليه من سُكرة النظر..
(4)
‏كل ما حولي بكر عدا قلبي يا صديقي
 إنه نضج حتى التشبع وأخشى عليه من هذا النضج الذي يجعل منه شيخا كبيرا يُلقي تمتماته على أحبته..
أما عن شفاهي التي التقت ببعضها في سجدة طويلة فهي الأخرى لم تختبر من الحياة سوى لفظ الأدعية وضم الرجفة التي تعتلي الروح..
لم أكن يومًا كما صورتني مخليتك المتمردة ولا حروفك الجامحة ولا ثقتك الحنونة
هي أشبه بالزاهد في محراب خلوته، خلوة خلقها لنفسه لأنه يخشى على روحه من روحه..
لقد إلتفت الشفة بالشفة.
وسقطت ذراع القلب على عضلة الروح دون رحمة
وهذا أمر جلي وليس بالهين أن يحدث وأنا في اعتكافي
هذا بعيد عن كل شيء عدا أحلام اليقظة..
لقد ارتكبت الجريمة في حق نفسي حين "غلَّقت الأبواب على مع أحلامي"
(5)
متى ستعبر فم الحكاية؟
لتكتب المجهول فيها
متى ستسبق صوتها..
وتسير في خطاها كنبي..
...
كن حرًّا للحظةِ يا صديقي
لتقول حين تلقاني
أنا أنا
وأنتِ أنتِ
ونحن نحن

(6)
لست وحدك يا صديقي
أنت تُرى ولا ترى..
كم أنت غارق فيك
تنسى أنك مرئي
لتصير منسيًا في خيالك..
...
لا ترى شيئًا سواك
كم أنت حرٌ
تصنع لنفسك عالمًا من ذكريات..
فلماذا لم تمت مع حزنك المرئي
...
كم أنت مرئيٌ وحيدٌ في غيابك..
(7)
‏الفقد يطوف بين رئتي وقلبي
وأنا مسجاة هنا كسجادة صلاة أمي الزرقاء العتيقة..
اُنظر جيدًا لأنك ستفهم حينها أن له ملامح حادة...
وطعم أشبه بطعم الخيبة..
تظن حقًا بأنك الوحيد الذي ذقت الفقد ومن هوائه تنفست..
لا يا صديقي كون المرء صامتًا لا يعني بأنه بخير
العالم الذي يحتويك بكل أحزانك يحتوي مَنْ هم أسوأ حزنًا منك..

تعليق عبر الفيس بوك