عبيدلي العبيدلي
في إطار سعيها المستمر من أجل النهوض صناعة نظمت جمعية البحرين لشركات التقنية "بِتك" بالشراكة مع صندوق العمل البحريني "تمكين" مائدة مستديرة جرى خلالها تسليط الضوء على واقع صناعة المعلومات البحرينية، ومحاولة رسم معالم خطة وطنية لتطوير قطاع تنقية المعلومات والاتصالات في مملكة البحرين، في إطار تكاملها مع سوق تقنية المعلومات والاتصالات الإقليمية، وعلى وجه الخصوص الخليجية منها. شاركت في اللقاء كوكبة متميزة من ذوي العلاقة بهذه السوق من القطاعين العام والخاص، بمن فيهم ممن ينتمون للسلك التعليمي.
تأتي هذه المائدة المستديرة في وقت تتنامى فيه أهميّة هذا القطاع في الاقتصاد الوطني، على المستويين الخليجي والبحريني، بفضل العوامل المفصلية التالية:
· تراجع الناتج الإجمالي المحلي، بفضل تراجع أسعار النفط، دون أن يكون في الأفق ما يبشر باحتمال استعادة تلك الأسعار عافيتها، في المدى القريب، أو حتى المتوسط بفضل المنافسة الشديدة التي بات يعرفها النفط كمولد للطاقة من مصادر أخرى من جانب، والتطورات التي يمكن أن تشهدها اكتشافات النفط الصخري، وخاصة في الولايات المتحد الأمريكية، وهي المستورد الأكبر للنفط الخام في السوق العالمية، من جانب آخر.
· اتساع نطاق الدعوات الخليجية المنادية بضرورة تقليص نسبة مساهمة النفط، كسلعة استراتيجية في الدخل الوطني، على أن تصاحب ذلك مساع جادة وحثيثة لتنويع مصادر الدخل، ومن بينها تلك التي يمكن أن توفرها صناعة تقنية المعلومات والاتصالات.
· تنامي انتشار استخدامات تقنية المعلومات والاتصالات في صفوف المواطن الخليجي، حتى فاقت نسبة استخدام الهاتف النقال، على سبيل المثال، 105%، الأمر الذي رفع من فاتورة الاستيراد الوطنية، التي باتت تشكل عبئا حقيقيا يرزح على كاهل القطاعين العام والخاص على حد سواء، وانتقل ذلك إلى المواطن الذي بات هو الآخر يعاني من ارتفاع كلفة اقتناء المنتجات والاستفادة من الخدمات التي توفرها هذه الصناعة.
· وجود مؤسسات وهيئات حكومية متخصصة، مثل الحكومة الإلكترونية، واللجنة العليا لتقنية المعلومات، في البحرين، بات في حوزتها تجربة غنية بوسعها أن تضعها بين يدي المسؤولين حين توضع استراتيجيات النهوض بهذه الصناعة، أو عند الرغبة في تحويلها إلى ركيزة أساسية من ركائز الاقتصاد الوطني.
ولتوضيح صورة الحيز الذي باتت تشكله هذه الصناعة في الاقتصاد الوطني الخليجي، سواء من حيث الإنفاق، أو فرص الاستثمار، كما تتحدث عنها دراسات موثوقة مثل تلك التي تنشرها "مؤسسة البيانات الدولية"، (IDC)، التي تتخذ من بوسطن بالولايات المتحدة مقرا لها، والتي شاركت في تلك المائدة المستديرة.
يشير تقرير نقلته جريدة الشرق الأوسط التي تصدر من لندن، أنّ قطاع تقنية المعلومات والاتصالات السعودي هو الأكبر في منطقة الشرق الأوسط، إذ يشكل ما يزيد على 70 في المائة من قطاع تقنية المعلومات والاتصالات الخليجي، فيما تتهيّأ المملكة للنمو بقطاعها التقني بنسبة 47 في المائة من 94 مليار ريال (25 مليار دولار) في 2012 إلى 138 مليارًا (37.3 مليار دولار) في عام 2017. ومن المنتظر أن تلعب استثمارات القطاع الحكومي في تقنية المعلومات والاتصالات دورًا حيويًا في التحوّل الرقمي الذي تشهده أنحاء المملكة، في ضوء توقعات وردت في تقرير حديث صادر عن شركة "آي دي سي" البحثية وشركة (موبايلي) بنمو الإنفاق التقني للقطاع الحكومي بنسبة 44 في المائة بين العامين 2014 و2017".
على نحو مواز تنقل الصحفية فهد البقمي عن تقارير مختلفة أن "حجم الفرص الاستثمارية في سوق تقنية المعلومات بدول الخليج العربي، تتجاوز 10 مليارات دولار، تتمثل في معالجة البيانات الضخمة التي تعتمد على الحزم السحابية لنقل الملفات الإلكتروني، (مضيفة أنّه)، وفقًا لتقرير متخصص أصدرته IDC، فإنّ حجم قطاع الإنترنت في المنطقة سيصل إلى 10.9 مليار دولار عام 2019، مقارنة بقيمة 5.1 مليار دولار العام الماضي، مدفوعًا باستثمارات القطاعين العام والخاص في مجالات السلامة العامة، والأمن، والاتصالات، والخدمات المصرفية، والطاقة، والنقل، والتصنيع، والمستهلكين، والمدن الذكية في منطقة الشرق الأوسط".
ووفقا لتوقعات شركة IDC، ذاتها، وكما جاء على لسان نائب رئيس المجموعة جويتي لاشانداني، فإنّ "قطاع الاتصالات والهواتف الخلوية يتوقع أن يستأثر بحصة كبيرة من الإنفاق خلال 2016، وستمثل الحلول الرقمية العهد الجديد لاستراتيجيات الشركات والمؤسسات الإقليمية والعالمية، (مضيفا أنّه) في العام 2017 ستكون ما نسبته 50% من المؤسسات والمنظمات، منصات تكنولوجية ورقمية، وستزداد النسبة لأكثر من 60% خلال العام 2020، فيما سيظل الاهتمام بحماية أمن المعلومات على سلم أولويات واهتمام الشركات العالمية، حيث يتوقع أن يتعرض أكثر من مليار ونصف شخص إلى هجمات إلكترونية بحلول العام 2020".
كما توقعت تقارير أخرى أن يصل "الإنفاق على قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في دول مجلس التعاون الخليجي إلى نحو 200 مليار دولار خلال الأعوام 2014 – 2016، مما يتوقع معه توليد عشرات الآلاف من الوظائف الموجّهة للعمالة الوطنية".
وعلى صعيد دولة الإمارات، وهي الأسرع نموًا في هذا المجال، تشير توقعات "غرفة تجارة وصناعة دبي إلى اقتراب سوق تكنولوجيا المعلومات بدولة الإمارات وحدها من قيمة 17 مليار درهم في عام 2015 – بارتفاع عن 12 ملياراً التي شهدها السوق في عام 2010. وتتوقع الغرفة إمكانية ازدياد هذه القيمة لتصل إلى 22 ملياراً بحلول عام 2019، مع احتمال أن يتخطى نصيب الفرد من الانفاق على تكنولوجيا المعلومات عتبة 2000 درهم بحلول عام 2018."وإذا انتقلنا من النمو الأفقي العام إلى العمودي المتخصص في هذه الصناعة، وتوقفنا عند الحوسبة السحابية وحدها، فسوف نكتشف كما تقول "توقعات شركة الأبحاث التقنية (فروست آند سوليڤان)، أن تسجّل سوق الحوسبة السحابية في منطقة الخليج نموًا قدره سبعة أضعاف، بنمو سنوي مركب نسبته 32.8 بالمئة لتصل إلى 668.5 مليون دولار بحلول العام 2020".