هجمات "المجانين".. والإجراءات الأمنية

مسعود الحمداني

قبل أيام قتل "مجنونٌ" رجلَ أمنٍ في مجمعٍ تجاريّ بمسقط، وقبل سنوات أطلق (مختل عقليا) النار على موظفين في ديوان عام وزارة التربية والتعليم، وفي أحداث عام 2011م صارت الوزارات مرتعا للمظاهرات، والتجاوزات من قبل مجموعة من الناس الذين استغلوا الفرصة لهتك حرمة المؤسسات الحكومية، لإطلاق أيديهم، وأفكارهم، ومطالبهم، وجعلوا من المؤسسات الحكومية مرتعا لا هيبة لها، ولا وقار.

وحين قامت بعض المؤسسات الحكومية بتنظيم عملية الدخول والخروج إلى أروقتها، ومكاتب موظفيها، وإغلاق أبوابها لغير ذوي الحاجة، احتج الكثير من المواطنين على ذلك، واتهموا مسؤولي تلك الجهات بالوقوف في وجه المراجعين، وطالبوا بفتح الأبواب كالسابق دون رقيب ولا حسيب.. غير أنّ مثل تلك الأحداث التي صارت في الماضي، والتي قد تحدث في المستقبل، تجبر السلطات الأمنية في البلاد على إعادة النظر في سياسة (الأبواب المفتوحة) في الوزارات، والأماكن العامة، وحتى في الفنادق والمجمعات التجارية الكبيرة والمكتظة بالناس، حفاظا على سلامة المجتمع، وأمنه وأمانه.

وأصبح لزاما على تلك السلطات أن تضع ضوابط لدخول الأماكن التي يرتادها الناس، والتي قد تشكّل هدفا سهلا وواضحا للإرهابيين وذوي النفوس السيئة، فالعالم لم يعد آمنا، والنوايا الطيبة لم تعد تنفع في هذا العصر الذي كثر هرجه، ومرجه، حتى بات الواحد لا يأمن على نفسه وماله وأهله من (المجانين)، ولم تعد الأماكن المغلقة آمنة بما فيه الكفاية، رغم أن الأحداث التي شهدتها السلطنة أحداث (شاذة) واستثنائية، إلا أنه كما يقال "النار تأتي من مستصغر الشرر". لذا يجب مراجعة السلطات المسؤولة لاستراتيجيتها وإجراءات حمايتها لهذه الأماكن قبل وقوع كوارث لا يحمد عقباها، مع كل التقدير على الجهود التي تبذلها السلطات الأمنية لفرض النظام والسلام الاجتماعي والأمان في السلطنة، ولكن لا بد من التأكيد على ضرورة الإبقاء على رتم الأمن في أعلى مستوياته دائما.

في دول أخرى لا يُسمح بدخول الأماكن العامة دون تفتيش دقيق، ويلزم المسؤولون المجمعات التجارية حتى الصغيرة منها بوضع (جهاز كشف المعادن) تحسبّا لأي حادث أو تخريب، بينما يمكن لأي شخص في السلطنة دخول وارتياد كل الأماكن دون أن يمنعه أحد، ودون أن يتم تفتشيه، وبإمكانه بهذا التهاون أن يفعل ما شاء دون أن يردعه رادع.. فلا رقابة أمنية في معظم الوزارات وأجهزة الدولة، ولا توجد أجهزة للكشف عن المعادن في معظم الأماكن العامة كالفنادق، والمجمعات، والمحاكم، وغير ذلك.. وهذا يشكل ثغرة يمكن استغلالها بسهولة من قبل أصحاب النوايا الخبيثة، ثم نبدأ في التباكي على اللبن المسكوب من جديد.

إن ضرورة تسليح رجال الأمن الذين يقومون بحراسة الأماكن العامة والحكومية بالرصاص الحيّ للدفاع عن أنفسهم، وعن الآخرين، أصبح ضرورة ملحة، كما أن التدريب البدني العالي لمن يقومون بمثل هذه المهمات يساعد كثيرا في التعامل مع حالات الشغب، إضافة إلى السمات الجسدية والنفسية التي تعين رجال الأمن على أداء عملهم بكفاءة واقتدار، وتقدير المواقف التي يجب التدخل فيها دون تردد أو تلكؤ.

 لا تنسوا أن مهرجان مسقط بات على الأبواب، وهو يحتاج إلى جهد مقدر من شرطة عمان السلطانية، ومن بقية الأجهزة الأمنية، ورغم أننا على ثقة بالجهود المخلصة لكل هؤلاء واحترازاتهم، إلا أن (المجانين) يملأون العالم، ولذا يجب ردعهم قبل أن يتجاوز عددهم الحد الذي لا يمكن معه وقفهم.

حفظ الله البلاد والعباد من كل شر وكيد، وأنعم علينا بالسلام.

Samawat2004@live.com