نافذة المؤلف الصغير

مكالمة لم يُرد عليها!

 

سماح بنت سعيد الزيدية

الناس.. وما أدراك ما الناس، فمن هُم الناس؛ الناس هُم أنا وأنتَ، عائلتي وعائلتك، جاري وجارك، الناس هم الأشخاص من حولنا.

كما قال الله تعالى في كتابه الطاهر: "قل أعوذ برب الناس"؛ فعلى الإنسان أن يتَّقي شر الناس كما يتَّقي شر الشيطان، فكما الشيطان عدو الإنسان، فقد يكون الإنسان نفسه عدو الإنسان؛ يقتله ويرمي عليه بسيوف ورماح من خلال كلامه؛ فالكلام قد يقتل ويُؤلم الإنسانَ أكثر من الطعن بسكاكين حادة، الكثير والكثير من الأشخاص الذين قد تأذَّوا، ولربما ماتوا أو حاولوا الانتحار، بسبب كلام الناس. كما يقال إن الناس لا يجعلون أي أحد في حاله، وأحياناً البعض منا يحاول جاهداً فقط لإرضاء الناس، حتى يتجنب الكلام منهم، والبعض الآخر منهم لا يهتمون لما يقوله الناس، فرضا الناس بالنسبة لهم غاية لا تُدرك، وكلام الناس مكالمة لم يُرد عليها. ولِمَ عليَّ أن أرد؟! وهل عليَّ أن أضيع وقتي في سماع هذا الكلام، ومحاولة تصحيح ما يقولونه عني؟! بالطبع لا؛ لأنني أثق بنفسي، وأعلم بما أنا عليه، وبما كُنت عليه في السابق، ولا أنتظر أن يحكم عليَّ أحد أو يحاسبني؛ فالحساب عند الله. وإن أردتم أن تنصحوني فانصحوني بما ينفعني، فإنني أتقبل الكلام الطيب، لا الكلام الذي كالسم يقتلني ويُحبطني، ولا تجعلوني أرى الحياة من الجانب المظلم، دعوني أراها من الجانب الوردي والجانب المشرق، لعلِّي أرى حلمي فأمسك به، اجعلوني أشعر بالتفاؤل والإيجابية، فحتى وإن قُلتم لي: "مستحيل، لن تنجح"، "لا تحاول، أنت فاشل"، فتأكدوا أنني سوف أصُم أذنيَّ، ولن أستمع لكم، فلا تُتعبوا أنفسكم بالكلام؛ فبالنسبة لي لا شيء مستحيل، وأنا لا أستقبل الرسائل الهدامة والمحبِطة، فأنا أجعل نفسي أكثر تفاؤلا؛ فالمتفائل يتطلع في الليل للسماء، ويرى القمر، ويتأمل، أما المتشائم فينظر نحو السماء، ولا يرى إلا سواد الليل القاتم، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يعجبه الفأل؛ لأن التشاؤم سوء ظن بالله -عز وجل- والتفاؤل حُسن ظن به.

الناس لا تكُف عن الخوض في أعراض الآخرين، وأمورهم، وحيواتهم الشخصية، وأعمالهم، فتحسد وتحقد وتتحكم فيها، وترسل رسائل لتدميرهم، لتُخزِّن في عقلهم الباطن رسائل قاتلة ومدمرة لتهدم حياتهم التي بنوها بسعادة.

لماذا نجد مُعاقين وأطفالا وفتيات يرتكبون جرائم في حقِّ أنفسهم؟! فالمعاقُ سَئِم من حياته التي لا أحد يشعر بمعاناته فيها وسخرية الناس منه، والطفل ربما واجه تمردا في المدرسة من قِبل بعض الطلاب أو مشاكل عائلية ومشاجرات بين والديه جعلته يسأم الحياة، والفتاة بالطبع أرادت أن ترتاح من العذاب والظلم الذي لحق بها: رُبّما ابتزاز أو مشاكل عائلية؛ فجميعهم هربوا من كلام الناس.. "فالناس لا ترحم".

الكثير من العلماء والشخصيات الناجحة تعرَّضوا لكلام الناس ورسائلهم المحبطة والقاتلة، لكنهم كانوا مُؤمنين بذواتهم وقدراتهم، ولم يهتموا بما يقال لهم فلم يعترفوا بالفشل أبدا، وبعزم وإرادة قوية تقدموا إلى الأمام، ولم ينظروا إلى الوراء؛ فالفشل بالنسبة لهم هو أن تتخلى عن تحقيق حلمك.

كلام الناس لا ينتهي، وإنما يتطرق لعدة أمور مفيدة أو سيئة؛ لذلك لا يستطيع أي أحد أن يفهم الناس، وكما نرى أن ظهور الطائفية والعنصرية وبعض المشاكل بين المجتمعات أو الدول، كل ذلك بسبب الناس؛ فالناس هم من يستطيعون أن يضخموا أو يبسطوا الأمور. إن الناس لا يُدركون أثر الكلمة، فقد يقومون ببث الأخبار الخاطئة، وإثارة الشائعات التي قد تهدم صداقة بين شخصين أو أسرة أو حتى دولة بأكملها؛ فالشائعات كم هدمت أسرا، وأهدرت أموالا، وضيعت أوقاتا، وأحزنت قلوبا، وفرقت بين الأحبة والأصحاب، وكم أثارت فتنا وحروبا.

ما زلت لا أعلم لِمَ علينا أن نستمع إلى كلام الناس، ونضع له قدرا وقيمة، فمن وجهة نظري على الإنسان أن يهتم بما فعل في الدنيا، وبما سيتذكره الناس بعد وفاته، لا أن يعيش حياته فقط على كلام الناس، فكما يقال حياة يقودها عقلك أفضل بكثير من حياة يقودها كلام الناس.

------------------------

رسالة:

إذا صرخ العالم في وجهك قائلين مستحيل، فتذكر أنه لا شيء مستحيل، وأنك أنت من يمكنه أن يحدد مصيره بعد الله عز وجل، وابتعد عن اليأس والتشاؤم والاستسلام للأحكام المسبقة عليك بالفشل.

---------------------

نصيحة:

ركِّز على هدفك، وابنِ مستقبلك، امضِ نحو القمم ولا تستسلم، واستمر في محاربة الناس، ولا تستقبل رسائلهم السلبية.



IMG_8699

تعليق عبر الفيس بوك