خالد الخوالدي
فرحة الفوز بكأس الخليج العربي الثالثة والعشرين عبَّر عنها الكُتاب والشعراء والفنانين والإعلاميين والمثقفين، كل في مجاله وتعبيره، فصدح المطربون بأصواتهم، والشعراء بقصائدهم، والكتاب بمقالاتهم، والمغردون بتغريداتهم، والمشجعون بصيحاتهم وأهازيجهم، الجميع عبر بطريقته التي تناسبه، وما إن أطلق محسن جوهر مدفعيته بإعلان عمان بطلا لخليجي 23 حتى كان هناك تعبير آخر لجماهير الأحمر؛ حيث خرجت المسيرات في السلطنة من أقصاها إلى أقصاها.
وقد تجلى في هذه المسيرات حب الوطن في وجوه وقلوب كل العمانيين، صغيرهم قبل كبيرهم، نساءهم قبل رجالهم، وكانت السعادة والفرح والسرور عنوانهم، وعمان وقابوس على رؤوسهم، ولاعبو الأحمر دم قلوبهم وشرايينهم، وكانت المسيرات هذه المرة وحسب متابعتي المتواضعة مسيرات فرح وتناغم وتمازج بين شرطة عمان السلطانية وبين المعبرين عن فرحتهم.
واستطاعت شرطة عمان السلطانية -التي احتفلت في نفس يوم فوز المنتخب بكأس الخليج 23 بيومها السنوي، الذي يصادف 5 يناير من كل عام- ضبط إيقاع الفرحة، لتخرج بصورة منظمة ومتميزة، دون أن نسمع حوادث مرورية هنا وهناك، أو أحداث مأساوية بسبب تهور بعض الشباب ومبالغتهم في الاحتفال من خلال التفحيط والتخميس...وغيرها من الأشكال التي تشكل خطرا كبيرا عليهم وعلى مستخدمي الطريق، وتفسد علينا الفرح والابتهاج، وإن حدث مثل هذه التصرفات إلا أنها بعدد أقل وفي زوايا بعيدة عن أعين رجال الأمن.
وما قام به رجال شرطة عمان السلطانية بعد إعلان فوز المنتخب بكأس خليجي 23 من انتشار مكثف في الشوارع والطرق والسكك، أمر يُحسب لهم؛ فهم من جانب لم يتركوا الحبل على الغارب، ولم نرَ منهم التشدد الذي أفسد على المواطنين فرحتهم؛ حيث رأينا ذلك التلاحم والتعاون والتشارك الجميل بين رجال الشرطة وبين أبناء المجتمع لخروج المسيرات إلى بر الأمان، حفاظا على الأرواح والممتلكات، وليكون فرحنا منظما ومتناسبا مع الثقافة العالية التي وصل إليها الجمهور العماني؛ فالمسيرات التي تعود المواطن عليها في المناسبات الوطنية والمناسبات الفرحية المختلفة، لابد أن تكون مقننة ومنظمة وتسير وفق خط سير يتناسب ومبادئ السلامة المرورية، ولابد أن لا يطغى الفرح على أخذ الحيطة والحذر؛ فخسارة أي روح نتيجة تهور متهوِّر تفسد علينا مسيرة الفرح ونندب الحسرات، ونخرج خاسرين بدلًا من أن تكون المسيرة فرحية حتى النهاية.
إن ثقافة المسيرات لابد أن تترسخ في أذهاننا جميعا؛ بحيث يحافظ كل واحد على الآخر في ماله ونفسه ودمه، وهذا نهج رباني ونبوي شريف؛ حيث يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانا، المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره، التقوى ههنا -ويشير إلى صدره ثلاث مرات- بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه) صدق رسول الله.
إننا تعلمنا من هذه المسيرات نهجا جميلا، وهو أن رجال الشرطة والمجتمع لُحمة واحدة؛ فالكل يمضي في قارب واحد لمصلحة واحدة هي عمان وسلطانها وشعبها، وبهذه المناسبة نبارك لشرطة عمان السلطانية احتفالها بيومها السنوي، ونقول لهم أنتم العين الساهرة دائما وأبداً للحفاظ على ممتلكات ومقدرات هذا الوطن الغالي، والجميع يعقد عليكم الأمل لتحقيق المزيد من الإنجازات، تحت ظل قيادتنا الرشيدة لمولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم حفظه الله ورعاه.
ونبارك لأبطال الأحمر الإنجاز التاريخي، وحصولهم على الكأس للمرة الثانية، ونبارك لوزارة الشؤون الرياضية والاتحاد العماني لكرة القدم وكافة المؤسسات الداعمة والشعب العماني الذي يستحق الفرح والبهجة... ودمتم ودامت عمان بخير.
Khalid1330@hotmail.com