الضريبة التصاعدية هي الحل

فايزة الكلبانية

زاد الحديث عن الضرائب خلال السنوات القليلة الماضية مع اندلاع أزمة تراجع أسعار النفط، وتبارى الخبراء والمحللون في شرح إيجابيات وسلبيات فرض مزيد من الضرائب على المجتمع، وذهب البعض إلى التأكيد على حتمية إعداد منظومة إصلاح متكاملة ومدروسة قبل فرضها.. وقد أثار موضوع الضرائب مؤخرًا جدلاً موسعاً ليكون أحد أبرز المخارج والحلول التي تعمل الحكومة على دراسة تطبيقها بطرق متعددة وفقًا لاختلاف القطاعات، بما يسهم في زيادة الإيرادات العامة للدولة، وبصفة خاصة الإيرادات غير النفطية.

وكأحد حلول التنويع الاقتصادي لمواجهة تحديات أزمة تراجع أسعار النفط، تأتي الضرائب في صورها المختلفة، ولعل إرجاء تطبيق ضريبة القيمة المضافة حتى عام 2019، خطوة صحيحة على مسار إعداد البنية القانونية والوعي المجتمعي بهذه الضريبة، فيما سيتمَّ إقرار تطبيق الضريبة الانتقائية في منتصف العام الجاري 2018، على بعض السلع المتنتقاة. وهذا النوع الأخير من الضريبة له وجاهة في فرضه، إذ تستهدف الضريبة السلع الضارة بالصحة التي تكبد الدولة مبالغ طائلة لمُعالجة آثارها الصحية والاجتماعية، أو بعض السلع التي تعد سلعاً كمالية غير أساسية؛ كالدخان والكحول والمشروبات الغازية وما شابه.

من الطبيعي أن يجد هكذا قرار عدم قبول مجتمعي، لاسيما من الفئات المقبلة على هذه السلع، لكن هذا يقودنا إلى الأخذ بالجانب الإيجابي من تطبيق هذا النوع من الضرائب، وأن ننظر إلى الأمر من زاوية أخرى، فقد حان الوقت لمؤسسات الدولة المعنية أن تفكر في ضرورة تطبيق الضرائب التصاعدية على أصحاب الدخل المُرتفع أو من نسميهم بـ"الهوامير" وغالبًا ما يُطلق عليها في بعض المجتمعات "ضريبة الأغنياء"، وهم من لا يتأثر دخلهم كثيرًا من جراء هذه الضرائب المفروضة عليهم، مقارنة بغيرهم من شرائح المجتمع ذوي الدخل المتوسط والمحدود أو الضمان الاجتماعي، وخاصة أولئك الذين يمتلكون شركات قامت الحكومة بدعمها لسنوات وكثرت استثماراتهم.. آن الأوان لهم لرد الجميل للوطن، ومساندة الحكومة في تنفيذ مشاريعها من منطلق الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وذلك بهدف استيعاب الأعداد المستهدفة من الباحثين عن عمل ورفد اقتصادنا الوطني بمزيد من الموارد، بحيث يتم تحويل ما يتجمع من الضرائب المفروضة على هذه الفئات من المجتمع إلى الفئات من ذوي الدخل المحدود والضمان الاجتماعي.

الوضع المرتقب لتطبيق هذه الضرائب جاء ثمنًا للتضخم الاقتصادي الذي صنعناه نحن بأنفسنا نتيجة لارتفاع القوة الشرائية والاستهلاكية اليومية، فخلقت للتجار سبباً لرفع أسعار هذه السلع لحاجة الناس لها، وكثرة الإقبال عليها، فما نعيشه من تأثيرات تراجع أسعار النفط والأزمات الاقتصادية يستلزم على الجميع ضرورة إعادة جدولة متطلبات حياتهم الخاصة، ليتمكنوا من معايشة هذه التطورات التي تؤثر سلبًا على مسار حياتهم ودخلهم الشهري، فلابد لنا اليوم من التخلص من الاستهلاك غير الضروري، والصرف في الكماليات من سفر وسيارات ومنازل فخمة وماركات عالمية، وحفلات لا جدوى لها وغيرها من كماليات الحياة الاجتماعية، لابد من تغيير ثقافة الاستهلاك الزائد في مجتمعاتنا الخليجية.

نكاد نجزم اليوم بأنَّ ما ندفعه من زيادة في فواتير الكهرباء والمياه، وارتفاع بعض السلع، والارتفاع الشهري في تسعيرة البترول، وتكثيف المخالفات المرورية بمختلف طرق السلطنة، إلى جانب ما تمَّ فرضه من زيادة في الرسوم سواء استقدام القوى العاملة الوافدة وما يتضمنه هذا الشأن أو ارتفاع أسعار بعض التراخيص لاسيما العقارية أو التجديد وقطاعات الاقتصاد المختلفة، كل هذه التغيرات تؤكد لنا أننا اليوم نعمل على دفع ضريبة (القيمة المضافة) ولكن بشكل تدريجي وبهدوء وبدون إقرارها بشكل مباشر أو فرضها، فهذه مُقبلات والقادم يتبع، ولا زلنا في انتظار نتائج كل هذه الإجراءات التي فرضت وتطبق على المواطن غنياً أو فقيرًا في ظل عجز الميزانية العامة للدولة والذي يصل إلى 32% من جملة الإيرادات المتوقعة هذا العام، وكيف سيُساهم في تغطيته، لنتمكن من التغلب على هذه الأزمة والتحكم في الحد من توسع تأثيراتها.

faiza@alroya.info