لمن يهمه الأمر

 

سيف بن سالم المعمري

تفاعل المغردون العُمانيون خلال الأيام الماضية ضد رأي المحلل الرياضي العُماني أحمد الرواس في برنامج "المجلس" بشبكة قنوات الكأس القطرية في الفيديو الذي بث بالبرنامج، والذي أثنى فيه راعي المجلس الإعلامي القطري المتألق خالد جاسم، والمحللون ضيوف البرنامج، على صنيع الجماهير العُمانية في قيامهم بتنظيف أماكن جلوسهم في المدرجات في إستاد جابر الدولي، عقب مباراة منتخبنا الوطني مع شقيقه المنتخب الكويتي في الدور الأول من بطولة كأس الخليج الثالثة والعشرين المقامة حاليًا في دولة الكويت الشقيقة.

بينما جاء رأي الرواس مخالفاً للرأي الذي أجمع عليه راعي المجلس وضيوفه، حيث أبدى الرواس امتعاضه من صنيع الجماهير العُمانية، معللاً ذلك بأن هناك عمال نظافة يقومون بواجبهم، ولا داعي لأن تقوم الجماهير بتنظيف المدرجات عقب المباراة، وقد شهدت مواقع التواصل الاجتماعي تفاعلا غير مسبوق ضد رأي الرواس، وأطلق المغردون على تويتر وسم (هاشتاق): #لا_يمثلني_رأي_أحمد_الرواس، قبل أن يعتذر الرواس في ذات البرنامج في اليوم التالي، ويوضح عن سوء فهم بينه، وبين المحللين في المجلس والمشاهدين، في ذات الموضوع.

وقد انضم إلى المختلفين مع رأي الرواس شخصيات إعلامية ومشاهير على شبكات التواصل الاجتماعي، وقد آثرت الصمت عن التفاعل في حينه، لكن رأيي بلا شك هو مخالف لرأي الرواس، وقد دفعني التفاعل الجماهيري ضد رأي الرواس، إلى التطرق إلى قضية في غاية الأهمية وهي قضية الإحساس بالمسؤولية الذاتية تجاه نظافة الأماكن العامة والاعتناء بها، فهي قضية تؤرق المُجتمع وتضاعف حجم الجهد الذي تبذله الجهات المعنية بقطاع النظافة، رغم المناشدات المستمرة للمواطنين والمقيمين في السلطنة بأهمية الحفاظ على نظافة الأماكن العامة وتركها أفضل مما كانت.

فالأماكن العامة والحدائق والمتنزهات والمواقع السياحية، ورغم الجهود المقدرة من جميع الجهات المسؤولة بواجباتها والاعتناء بها إلا أنها تعاني من التخريب وترك المخلفات والنفايات والأدوات الصلبة ونحوها، ويتم تشويه جمالياتها، ومعظم مرتاديها لديهم قناعة عمياء بأنَّ مسؤولية نظافتها يتحملها عمال النظافة دون غيرهم، وهو نفس الرأي الذي ذهب إليه أحمد الرواس مع الجماهير العُمانية في تنظيف أماكن جلوسهم في المدرجات، والذي أختلف معه المغردون من السلطنة.

وقد وصلت إليَّ عدة نداءات من المواطنين للكتابة حول هذه القضية، وهو مؤشر على إحساسهم بأهمية تكاتف الجميع وتحملهم لمسؤولياتهم تجاه البيئة والأماكن العامة التي يرتادونها، وضرورة إيجاد إجراءات رادعة ضد من  يترك المخلفات في المواقع السياحية والترفيهية، وحتى في الطرقات والشوارع، ومواقف السيارات، وأمام المراكز والمحلات التجارية والمطاعم والمقاهي، والمساجد، والمؤسسات الحكومية والخاصة، وضرورة وجود نصوص قانونية وعقوبات مشددة لتجريم ومُعاقبة تلك السلوكيات غير المسؤولة، مع وجود متابعة لحظية من قبل مأموري الضبط القضائي من المؤسسات ذات العلاقة سواء أكان من وزارات البلدية أو البيئة، أو السياحة، أو الشرطة، ومن يرى وزير العدل منحه صفة الضبطية القضائية؛ وذلك لمتابعة وضبط المخالفين.

لذا نناشد كل من يهمه الأمر في الدولة ضرورة وضع حد للتجاوزات غير المسؤولة في تشويه الأماكن العامة والسياحية، وأن يتم وضع آلية عمل واضحة لبناء ثقافة مجتمعية منسجمة مع القيم الأخلاقية النبيلة للشخصية العُمانية، والمقيدة بضوابط قانونية حازمة، تضمن بيئة صحية نظيفة، تعكس وعي المجتمع الحضاري.  

وبوركت الأيادي المخلصة التي تبني عُمان بصمت...

Saif5900@gmail.com