د. صالح الفهدي
أكُنْـتَ تَنْعَـتُهُ "بيـتُ الأكـاذيـبِ"
لـو اسـتكانَ لِظُلْـمٍ دُونَ تَثْـرِيِبِ؟!
أَوِ استجابَ لأمرٍ منكَ في هَلَـعٍ
لمَّا هَمَـزْتَ ظَهُــوراً بالكـلاليبِ!
أَمَّا وقد نَصَرَ المظلومَ في وطنٍ
سَلَبْـتَهُ قـد غدا "بيـتُ الأكاذيبِ"!
يا رمزَ كُلَّ كَذوبٍ سَافِـرٍ، بَشِـعٍ
يحشـو خُـرافتَهُ من تُهمةِ الذِّيبِ!
أُسطورةٌ لم تَزَلْ تروي حكايتُها
سُمَّـاً تقيِّحُــهُ سُــودُ العَـنَـاكيـبِ!
يا آلَ صِهْيُونَ يا أُكذوبةً غَمَرَتْ
مَرَادِمَ العُفْنِ من رِجْسِ المزاريبِ
أُكْذُوبةٌ لحَمُها طِفْــــلٌ ومـأْذَنَةٌ
وشحمُها الغَثِّ مِنْ سَفْكٍ وتعذيبِ!
أكذوبةٌ لم يُطِقْها الدَّهْرُ مُذْ فُقِستْ
فُقاعةٌ فــوق أَقْدَاسِ المحــاريبِ
فلوَّثتهــا بما فــــاحت عفــونُتُها
ودَنَّسْتهـا بأَرْجَــاسٍ وتخــريبِ
وكل ما ابتدعت أوهامُها خَبَلٌ
من أورشليمَ إلى إِفكِ السراديبِ
تُطِـلُّ من حـائــطِ المبكى رزيئتُها
شنيعةُ النَّشرِ من سُودِ الجلابيبِ
فأَشْبَعَتْ نَهْمَها ذَبْحاً وسَفْـكَ دَمٍ
وقَهْرَ مُعْتَقَلٍ، أو جَبــْرَ تَغْــرِيـبِ
يا للبراءةِ.. إن أُكذوبـةً نُسجتْ
زَيْفاً ِبحِبْرِ دَمٍ، أَوْ نَـــزْعِ تَرْهِيْـبِ
تمدَّدَتْ عِلَّـةً في كلِّ ضاحيـةٍ
فلـيس يُلْجِمُـها (إخـطارُ تأنيـبِ)!
وما فلسطينُ إلاَّ موطنٌ طُمِرتْ
حقـوقه بين تضلـيلٍ وتألـيـبِ!
يَئـِـنُّ زيتـونُهُ من قَهْرِ مُغْتَصِبٍ
والأرضُ نازفةٌ من طــولِ تصليبِ!
بيتُ الأكاذيبِ إسرائيلُ ليس سوى
هـذي البليَّةُ، لم تُرزأْ بتنكيـــبِ
إلاَّ بشبَّـانِ أَهْلِ القُدْسِ إِنَّ لَهُمْ
وقعُ الأَبابِيلِ من ذُعرٍ وترعيبِ
هُمُ الأَشَاوِسُ إِنْ قامت قيامتُهم
فِدىً لمسجدِها الزَّاكي المحاريبِ
من كل زيتونةٍ هبُّـوا وشاعرُهم
يتلو القصــائدَ في بِشْـــرٍ وتشبيبِ
ترمي المقاليعُ نيرانَ الرَّدى حِمَماً
وللحياةِ لحـونٌ في النَّشــاشيبِ
وللشَّراراتِ مثوىً في عدُّوِهِـــــمِ
تذيقُهُ الويلَ من حَــرْقٍ وتَـــذويبِ
هذي فلسطينُ عَهْدُ اللهِ في وطنٍ
أن يُستــردَّ إِلى حُضـنِ المسَاليبِ
فتركعُ الأرضُ عرفــاناً لخالقهـا
وتحمُدُ القُدْسُ عَـوداً بَعْدَ تغريبِ
ويصدَحُ المسجـدُ الأقصى بعزَّتهِ
"الله أكــبرُ" يجـلو كلَّ تكـذيبِ
صبراً فلسطينُ وَعْدُ اللهِ مرتَقَـبٌ
يأتِ به اللهُ في شتَّى الأعاجيــبِ
وعندها تشهــدُ الدُّنيـا بأَعْيُنِها
أَنَّ الرَّقِيْعَـةَ بَيْــــتٌ للأكاذيبِ!
