نافذة الوهم

عبد الله زيادة – فلسطين


نبضات قلبه تعزف لحن الحياة، تتراقص عيناه على جدار الأمل، مكبل  على فراش الموت، لا شيء حوله سو ى هواجس الذكريات، تختفي ليالي السمر في دمعته اللامعة، آن له ان يستسلم، غير أنّ يقاوم جسده النحيل للوصول للنافذة التي تطل على إنجازاته العظيمة.. فيسقط في منتصف الطريق على أول ثوب يحتفظ به من طفولته البعيدة. كان ثوبا  جميلاً مطرزا  بالورد؛ ذلك الورد الذي استنشق جماله لحظة سقوطه، فنهض من جديد، ثم احتل  المرض قلعة  قلبه، وأخذت بيّارق  الوجّد تعانق  ابتسامته، خلف أبوابه المزخرفة بالذهب الخالص، كان يئن  وحيدا، وكان يحدق  في جدارنه الصامته وينظر لصورّه في مقتبل العم متسائلا: أين أنا ؟! لماذا مكبل  بالوجع؟ لماذا آهاتي تُطرّب المّارة من تحت النافذة ؟! هل أشرّقت الشمس من الغرّب؟ ألهذا الحد كنّت  سيئا..
سأنهض من تحت ركامي ، لا غبار على هويتي الممزقة، كم من مرةٍ حذَرني الغراب حينما كان يرقد  فوق صدري، وكم كان العمر قصيرا  بعد ١٠٠عام من العيّش، طفولتي خمسون عاما، وأنا  مازلتُ أظنني شابا ..! أستطيع أن أكون بنفس رشاقتي .. قوتي.. لم أفكر سوى في نفسي فقط !
علمّت  الآن من أنا، نعم أنا حفنّةٌ من ترّاب شامخ  يذبل على سريره الفخّم، وأقلام جافة، وأقدام مكبّلة بالوهم.
ما ذلك العبّث؟
ما يؤلمني حقا أنني بعد كل هذا الوقت ما زلت  أمضي لتلك النافذة اللعينة لأرى إنجازي المزيّف، كانت نافذة  من الجشع كلما أنظر فيها أرى الكذب واقعاً جميلاً، تماما  كالمرآة التي تآمرت على  بياض الثلج، كنت أرى الصحراء حقلا  من العنّب! والطموح جيشًا من المال! تماما  كالذي عاشَ فقيرا ومات  بمرض  الملّوك؛ فنّال  سيطا  فارغًا.
كعجوز قام فهشّم كل مراياه الزائفة التي فضحت تجاعيده، لكنه عجّز على أن يعود شابا بعد أن غدا كهلا  مثقلا  بالحسّرات كأوطان كثيرة
كأعمى  يحارب ليقنع ذاته بأن الذي ساعده على قطع الطريق هو نفسه الذي كان سببا في فقدانه البصر، بعدما منحه وردة وقبلة ودعاء .. بينما الآخر يبتسم فقط بعد كل هذا الصخّب.. كانت نبضات قلبي ماكرة! ومضى لحن الحياة متسارعا كـ(ثانية)، وكأنني دخلت من الباب، وخرجت من النافذة!.

تعليق عبر الفيس بوك