أمريكا.. انحياز سافر

من جديد تعلن الولايات المتحدة الأمريكية تحديها للعالم، وانحيازها السافر للاحتلال الإسرائيلي، بعد أن استخدمت حق النقض "الفيتو"، أمس، لإسقاط مشروع قرار لمجلس الأمن الدولي يدعو لسحب قرار الرئيس دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال.

وقفت أمريكا بذلك وحيدة منحازة على الجانب الآخر، بينما باقي الدول الأعضاء بمجلس الأمن (14 دولة) وافقت على مشروع القرار المصري، والغريب أن التصويت، أمس، تصادف مع الذكرى السنوية الأولى لقرار مجلس الأمن رقم 2334 الذي امتنعت الولايات المتحدة عن استخدام الفيتو ضده، والذي أدان الاستيطان في الأراضي المحتلة، وطالب الاحتلال بالكف عن المشاريع الاستيطانية، فيا لمفارقات التاريخ!

الصلف الأمريكي غير عابئ بردود الأفعال التي أشعلت عواصم العالم منذ قرار ترامب المشؤوم، كما أنه غير مكترث بعدد الشهداء الفلسطينيين الذين سقطوا برصاص الاحتلال خلال الأيام الماضية، إضافة للمصابين الذين يتزايد عددهم يوماً بعد يوم.

بهذا الفيتو تغلق الولايات المتحدة الأمريكية الباب أمام أية محاولات للحل والسلام، وكأنها وضعت حجراً ضخما في منتصف الطريق يمنع مرور أي فرصة لتخفيف الضغط العربي والعالمي، وعليها في هذه الحالة مواجهة ردود الأفعال المتقدة غضبا للشعب الفلسطيني البطل، الذي يمكنه أن يدهش العالم بمقاومته وغضبه الساطع.

فليس مُتوقعاً أن يعود الفلسطينيون إلى نفس الرحلة الطويلة في أروقة الأمم المتحدة وزقاقات مفاوضات السلام، بحثاً عن قرارات لا جدوى لها، فما أكثر القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة، بل ومجلس الأمن، ولم تطبق أي منها!! وما أكثر جولات التفاوض والمباحثات العقيمة التي لم تسفر إلا عن تسرطن الاستيطان، وتمادي العنف والجرائم التي يرتكبها الاحتلال بحق الفلسطينيين العزل، علاوة على نهر دماء الشهداء، والجرحى والأسرى، والمزيد من التشدد الذي تحميه أكبر دولة في العالم، رغم زعمها بأنها حامية الحرية وحقوق الشعوب، فأي حرية وأي حقوق تلك!

إنه التناقض مُتجسداً وواضحاً، لا يفارق النظر ولا يغيب لحظة، يزيد الإحساس بالظلم البين لدى الشعوب، ويدفعها للبحث عن الحلول بنفسها، بينما الشارع الفلسطيني يغلي، وعندما يبلغ مرحلة الانفجار الأخير فلن يقف أمامه أحد.

تعليق عبر الفيس بوك