الدعم الوطني للوقود واستدامة التنمية

حمود الطوقي

جميل أن نرى هذا التجاذب وتبادل الآراء من قبل شبابنا، وتفاعلهم مع كل ما يصدر في هذا البلد من قرارات ذات علاقة بحياة الوطن، هذا التجاذب بين مُؤيد ومُتحفظ، وبين راضٍ ورافض، لا شك أنه يدل على نمو الفكر، واتساع المدارك بين شبابنا المتابع عن قرب لكل التطورات التي تحدث في الساحة الوطنية.

آخر هذا التجاذب في الآراء، وانقسام مجموعة من المغردين والذين أشعلوا شبكات التواصل الاجتماعي من آراء، واختلاف وجهات النظر، كان خلال هذا الأسبوع عقب إعلان الحكومة الرشيدة عن التوجه لدعم المحروقات، وتخصيص دعم وقود 91 لشريحة ذوي الدخل المحدود.

قرار الحكومة الذي تصدر حديث الناس في منصات التواصل الاجتماعي، وقام المغردون بتخصيص وسم خاص، تحت هذا الوسم ناقشوا بكل شفافية الدعم الوطني للوقود وآلية الدعم المعلن من قبل الحكومة، وأفرزت آراء وجدل ومقترحات متباينة، كلها تصب في صالح المواطن، وتعكس في الوقت نفسه وعي المواطن في فهم ما يدور حوله من قرارات ذات علاقة بحياته ورفاهيته.

حقيقة.. عندما نتحدث عن الدعم الحكومي، فإنه دعمٌ سخيٌّ وملموسٌ ليس مقصورًا على الوقود محل الحديث، بل دعم حقق للمواطن العيش السعيد، فقد تحقق الدعم في مجالات كثيرة لا يمكن حصرها في هذه الزاوية.

ولكن نتحدث هنا عن فهم المواطن لدعم الوقود، وأعتقد أن هنا لبسا وقع لدى البعض وعدد من الأقلام تناولت الموضوع بالتحليل، وهناك مع ذهب إلى أن الاستفادة متواضعة وبسيطة كون الدعم سيبدأ من بعد 180 بيسة للتر الوقود.

الصديق الدكتور ناصر المعولي الأستاذ بجامعة السلطان قابوس، استطاع أن يقرب آلية ومنطلقات وأهداف وجدوى دعم الفئات المستحقة بأسلوب سلس، أزاح الغموض عن العديد من التساؤلات المبهمة التي تتعلق بآليات الدعم: "القرار الحكومي كان واضحا أن الدعم سيكون على سعر "وقود نوعية 91 العادي"، وكنا نتمنى أن يشمل أيضا "وقود ٩٥ الممتاز".. لأن هناك من يرى الأحقية في الاستفادة من الوقود، ويكون حسب الاختيار وعمر المركبة.

الدعم سيبدأ مع مطلع العام 2018، ويجب أن نوضح أنه سيدأ من أية بيسة تزيد على 180، رغم أنني كنت أتمنى أن يبدأ الدعم من 150 بيسة، ولكن قد تبدو حسابات الحكومة مختلفة من مبدأ لا ضرر ولا ضرار. فأن يأتي الدعم خير من أن لا يأتي؛ فالدعم حاليا بسعر سيكون مثبت بسعر 180 بيسة/لتر؛ وأتمنى أن يكون هناك تقييم مستقبلا للنظر حول إمكانية خفض السعر إلى ما دون 180 بيسة، ودون 150 بيسة، ويعود إلى الرقم السابق 120 بيسة الذي أصبح الآن من الذاكرة".

آلية الدعم الحالي أن تتحمل الحكومة كحد أقصى 200 لتر، وهذه الجزئية تحتاج مزيدًا من التوضيح، وحسب ما فهمت أثناء قراءتي لمقالٍ مُختصر للدكتور ناصر المعولي، فقد أوضح أن الدعم سيكون في حالة تجاوز سعر البنزين 180 بيسة/لتر، وليس صحيحا أن الحكومة تقدم 200 لتر شهريا مجانا للمستحقين. فقد يكون هناك حالات في بعض الأوقات لا يستخدم المواطن المستحق للدعم كامل 200 لتر في الشهر.

فهناك علاقة طردية بين حجم الدعم الحكومي للوقود وسعر وقود 91؛ فكلما ارتفع سعر الوقود ارتفع معه حجم الدعم (والعكس صحيح). للتوضيح مثلا: لو كان سعر لتر البنزين، اليوم، 186 بيسة، فإن المواطن المستحق للدعم يدفع فقط 180 بيسة للتر، وتتحمل الحكومة 6 بيسات بحد أقصى 200 في الشهر، ولكن إذا وصل سعر اللتر إلى 200 بيسة مثلا، فإن الحكومة تتحمل 20 بيسة للتر بحد أقصى 200 في الشهر...وهكذا.

حقيقة الدعم سوف يُحدث فارقا، وسيعزز ميزانية المواطن، وحتما سيشعر بقيمة الدعم بعد مرور فترة من الزمن، وشخصيا أعتبر من يتقاضى سقف 600 ريال إجمالي، يكون مستحقا.. فالراتب أمر في غاية الأهمية حيث سيحدد مستوى دخل المواطن، رغم أنني كنت أتمنى أن يرفع سقف الدعم إلى 750 ريالا؛ لأن الراتب الذي يتقاضاه المواطن يُصرف في بنود مختلفة؛ لهذا كانت زيادة سقف الراتب مهمة، ونأمل أن يُنظر كمقترح في المستقبل.

هنا.. أود أيضا أن أقترح على الحكومة تقليص الفجوات بين المواطنين بأن يتم وقف دعم الوقود الذي يُصرف للمواطنين الذين يستخدمون السيارات الحكومية بعد فترة الدوام، فمازال المئات من السيارات الحكومية تجوب الشوارع في أوقات غير الدوام الرسمي، ويجب أن تلقص هذه السيارات، وتعطى للضرورة، وليس كما نراها حاليا.

فكلنا يجب أن نعمل من أجل أن نكون شركاء من أجل التنمية، ونسهم في المسيرة التنموية، ونقف مع الحكومة في تطبيق قراراتها، وأن لا نبخل في أفكارنا وآرائنا التي قد تسهم في عمليات تنويع مصادر الدخل، وضمان استدامة الموارد المالية العامة للدولة، وتوسيع القاعدة الإنتاجية للاقتصاد الوطني.