مناقشة 7 أوراق عمل في يومين

الكشف عن الكنوز التاريخية والجغرافية في ندوة بدبد عبر التاريخ

 

 

 

  • رفدت التاريخ العماني بعدد من العلماء الأجلاء وتنفرد بموقعها الاستراتيجي
  • أغلب صخورها تنتمي لحقبة الحياة المتوسطة التي انتهت قبل 66 مليون عام

 

مسقط - العمانية

انطلقت أمس تحت رعاية معالي الشيخ محمد بن عبد الله بن زاهر الهنائي مستشار الدولة فعاليات ندوة (بدبد عبر التاريخ) التي ينظمها المنتدى الأدبي بوزارة التراث والثقافة ضمن سلسلة ندوات المدن العمانية التي يدرس الباحثون من خلالها جغرافية الولاية وتاريخها وأعلامها وملامح النهضة العمانية الحديثة فيها.

وقال الشيخ أحمد بن سعود السيابي أمين عام مكتب الافتاء بوزارة الأوقاف والشؤون الدينية إنّ "ملتقى بدبد عبر التاريخ يأتي في إطار مشاركة ولاية بدبد شقيقاتها ولايات السلطنة الأخرى في التكريم من قبل المنتدى الأدبي التابع لوزارة التراث والثقافة لتكون حلقة في سلسلة حلقات ذلك التكريم حيث شاركت تلك الولايات في صنع التاريخ العماني وشهدت الأحداث الكبرى؛ وهي ولاية عريقة النشأة الجغرافية وجاء ذكرها عند تأثرها بالفيضان الكبير الذي اجتاح مناطق واسعة من عمان في عهد الإمام الصلت بن مالك عام 251 للهجرة وهذا التاريخ يدل على عراقة هذه الولاية مدينة وبلدانا".

وأضاف في كلمة له في افتتاح الملتقى أن ولاية بدبد رفدت التاريخ العماني بعدد من العلماء الأجلاء واستمر هذا الرفد المعطاء إلى وقتنا الحاضر، حيث تمتاز الولاية بأنها تشتمل سابقا على أهم معالم أو ضيعات بيت المال الذي كان الرافد الاقتصادي الكبير للدولة العمانية، وحظيت في العهد الزاهر لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ على العديد من المنجزات في كافة المجالات".

من جانبه قال عوض اللويهي مدير المنتدى الأدبي أن الملتقى وقفة علمية ومعرفية غايتها استخراج الكنوز والمكنونات العميقة لهذه الولاية العريقة حيث إن الشخصية الحضارية للولاية لا تكاد تخفى على ذي بصيرة، سواء تمثل ذلك في موقعها الجغرافي الذي يعد ركيزة مهمة ومكونا صلبا في بناء تلك الشخصية، أو الأدوار التاريخية التي لعبها أبناء هذه الولاية على مر الحقب والمآثر الماثلة لعين الناظر من أفلاج وحصون وأبراج وبيوت أثرية، وما خلفه علماء وفقهاء وأدباء بدبد، وهي مكونات وعناصر ثقافية يصعب الإحاطة بها في كلمات موجزة".

وأوضح أن "الندوة تأتي في إطار مشروع ابتدأه المنتدى الأدبي منذ ما يزيد على ربع قرن، فدُرست الكثير من الولايات والمدن والمحافظات. والمنتدى سائر في خطه بمزيد من التعمق ومزيد من الوعي بحضارة هذه الأرض المعطاءة، كما أن النتاج العلمي للجميع الندوات السابقة قد تم طباعته، ويشكل ما طبعه المنتدى الأدبي مرجعا علميا وركنا مهما في المكتبة العمانية لجميع الباحثين والدارسين للشأن الثقافي في عمان سواء كان عن تاريخ المدن والحواضر أو العلماء أو غير ذلك من مواضيع ثقافية".

وتبعد ولاية بدبد عن محافظة مسقط حوالي 70 كلم، وتجاورها ولاية سمائل من الجنوب ودماء والطائيين من الشرق، ومن الشمال محافظة مسقط، كما تحاذيها سلاسل جبال الحجر، ويعد جسر فنجاء شعار الولاية. وتتمتع بطبيعة خلابة باعتبارها واحة خضراء تمتاز بالوديان المتدفقة إليها وسهولها الخصبة، والأفلاج والعيون التي تنبع من أعالي الجبال تسقي المزارع بواسطة السواقي والجداول المائية الغزيرة، كما تمتاز بعدد من الأفلاج كفلج الحمام الشرقي، والحمام الغربي الساخن الذي يتدفق من أعالي الجبال، وفلج الرحى، وفلج الحاكة، وأفلاج أخرى كثيرة.

 وتعد بدبد من الولايات التي يقصدها السياح لتوفر المقومات السياحية فيها، كالحصون، والأبراج المنتشرة في مختلف قرى الولاية، وأبرزها حصن بدبد العريق الذي يحكي الماضي التليد. وتمتاز الولاية بالعديد من الفنون التقليدية التي اشتهرت بها، كالرزحه، والعازي، والميدان، وغيرها من الفنون العمانية الأصيلة.

وتناقش الندوة التي تعقد بقاعة الجوهرة ببدبد على مدى يومين 7 أوراق عمل حيث حملت الورقة الأولى عنوان (جغرافية ولاية بدبد وجولوجيتها) قدمها الدكتور محمد بن هلال الكندي رئيس مركز الاستشارات الجيولوجية ورئيس الجمعية الجيولوجية العمانية حيث أشار إلى تفرد موقع بدبد الاستراتيجي كونها تمثل منفذا جغرافيا بين محافظات عمان الداخلية ومحافظاتها الساحلية الشمالية، عوضا عن احتوائها على ثروات طبيعية معدنية ومائية نشأ على قوامها تاريخ إنساني فريد.

وأضاف أن صخور ولاية بدبد يعود أغلبها إلى ما يعرف بحقبة الحياة المتوسطة التي انتهت قبل نحو 66 مليون عام، وتنقسم إلى نوعين، الأول ترسب في بحار ضحلة، فهو يحتوي على أحافير بحرية متنوعة كالمرجان والأصداف والمحار، في حين تكون النوع الثاني في قيعان المحيطات، قبل أن تحمله عوامل الأرض الحركية فوق شمال السلطنة.

وأشارت ورقة العمل الثانية التي قدمها الدكتور سعيد بن محمد الهاشمي المحاضر في جامعة السلطان قابوس إلى أن بدبد لها موقع استراتيجي مهم فهي تربط بين داخلية عمان وساحلها وتقع على ضفتي وادي سمائل فيقع جزء من الولاية في الحجر الشرقي والجزء الآخر في الحجر الغربي.

ورقة العمل الثالثة كانت بعنوان (الحياة العلمية والأدبية لولاية بدبد) وقدمها الدكتور خالد بن سليمان الكندي المحاضر في جامعة السلطان قابوس وسعود بن عبد الله الفارسي، وتضمنت مبحثين أحدهما ملامح الحركة العلمية والأدبية وعرضت فيه المدارس والمساجد التي أدّت دور مراكز المعرفة والتعليم في الولاية عبر التاريخ، وأهم مميزات هذه الحركة وظرفها التاريخي وعلاقتها بغيرها من مراكز النشاط العلمي والأدبي في عُمان، بينما شمل المبحث الثاني أعلام ولاية بدبد في العلم والثقافة والدين، مثل الفقهاء والقضاة والزهاد والشعراء، أو أعلام السياسة مثل الأئمة والولاة والقادة العسكريين وشيوخ القبائل، أو أعلام الاقتصاد مثل التجار والحرفيين.

وسعت الدراسة إلى جمع ما أمكن من وثائق عن الدور العلمي والأدبي للولاية ليكون مرجعا أول لمن أراد دراستها دراسة مفصلة.

وتناقش الندوة اليوم الثلاثاء 4 أوراق عمل تشمل الأولى (الموروث الثقافي لولاية بدبد يقدمها الدكتور سليم بن محمد الهنائي المحاضر بقسم التاريخ بجامعة السلطان قابوس، بينما تحمل الورقة الثانية عنوان (المقومات الاستثمارية الكامنة في ولاية بدبد والوقف في الولاية) ويستعرض خلالها الدكتور أحمد بن حمود القاسمي "المقومات الاستثمارية الكامنة في ولاية بدبد" بينما يقدم الأستاذ خالد بن محمد الرحبي من وزارة التربية والتعليم دراسة حول "الوقف في ولاية بدبد". 

وفي الورقة الثالثة يناقش الدكتور سيف بن محمد الرحبي والدكتور سيف بن عبدالله الهدابي موضوع (بدبد في عصر النهضة) ويختتم الجلسة الدكتور سمير محمد محمود عبر تقديم دراسته حول (بدبد في الصحافة العمانية).

 

تعليق عبر الفيس بوك