إلى شادي (2)

منال السيد حسن

عزيزي/شادي

تحية غضبى وبعد..

لقد ظننتُ أن الأمرَ سينتهي ببضعةِ كلماتٍ أخطُها فوقَ ورقة.. اعتقدت بأنني سأبكي عدةَ ساعاتٍ ويسكن الوجع.. قلتُ لنفسي رُبما لو أهُب واقفةً وأتجول هنا أو هناك أو أفتح تلك النافذة التي يملؤها الغبارُ منذ زمنٍ وأنظرُ لوجوهِ المارة ربما أتذكر شيئا عداك.. أقنعتُ نفسي بمرارةٍ أن أذهبَ للتسوقِ ربما أشعرُ بأني قادرةً على أن أزيحُكَ من أزقةِ عقلي ولو ثوانٍ.. لكِّنَ الأمرُ ازداد سوءا!! شعرتُ في كلِ خطوةٍ بأنكَ تتوغلُ داخلي بكلِ ما أوتيتَ من قوة.. في داخلي كنتُ أشعرُ برغبةٍ ملحة في الصريخِ الصامتْ لربما تصلك إشارةً مبهمة كعادتنا فتستجيبْ..

أمارِسُكَ كعبادة.. ربما!! أنت القانون.. يجوز!!! حُبُكَ الذي لا أؤمن بأي رادعٍ لأجله أنهكني.. ولكلِ شيء خط أحمر عداه!!

داخلي يثور.. الرحمة يا حبيب!! أين أنت؟! أتمرد على ذاتي في ذاتي.. وجنون صارخ يشعلني.. أنتحب في الخفاء لأظهر أمامهم بكل ثباتٍ وقوة.. ولكن والله يا حبيب سرعان ما تفضحني عيوني!!

من أين تأتي بالخشونةِ لطالما كنت ليِّنا وجميلا؟! من أين جئت بكل هذه القوة؟! والله لا قدرة لي على المقاومة.. منهكة وخائفة ومضطربة ونمت الليلتين في يقظة متمردة!!

لقد طالت غيبتُكَ هذه المرة ولا أدري ماذا أفعل.. أحاول ألا أنغمس في تفكيري بأسباب الغياب لأهرب في تفكيري عن موعد العودة ولا جديد!!

سئمت الغياب.. ولا طاقة لي على البعاد.. خارت قواي منذ زمن.. وبقيت القشة التي ستقسم ظهر البعير.. تجرعت ليلا طويلا تحاملت فيه نفسي على نفسي فبِّتُ قاب قوسين أو أدنى من النهاية وأنت لا وجود.

وسادتي ملَّتْ دموعي.. وسئمتْ أحضانَ وجعي.. حتى أنها لم تعد تريد حديثي البكاء الشكاء.. وكلما وضعت رأسي الحائر حين يدور على صدرها تنفر مني مستاءة.. تنتظر عودتك كي تعود إليها الحياة!!

لا شيء في غيابك كعهده.. أهرب إلى النومِ بشيء من الملل والكسل.. أعبر الأشياء من حولي ببطءٍ كاذب.. تباغتني صورتك فأقرفص في مكاني وسط العتمة وتستبيحني الدهشة أترقبك ريثما تأتي.. أي طريقٍ سلكتُ في حبك.. لا أدري!!

يا حبيب.. مأساتي في غيابك كبيرة.. لم أعد قادرة على شيء.. لتَعُدْ أو تَعُدْ.. لم يعد في جعبتي شيء من الصبر.

أريدك ولم أعد أملك إلا الصمت.. الصمت الصاخب.

تعليق عبر الفيس بوك