الاستثمار في الحضارة

تزخر السلطنة بالعديد من المواقع التراثية والأثرية التي تعكس غنى الحضارة العمانية بالشواهد المعبرة عن شموخها على مدار القرون والحقب، ولا شك أنّ مثل هذه المواقع وحتى الفنون التراثية- التي سجلت السلطنة عددًا منها في قائمة التراث العالمي غير المادي في "اليونسكو- تمثل ذخيرة لا تُقدر بثمن يمكن من خلالها الإسهام في تعزيز موارد الدخل وتنمية الإبداع والابتكار، وغيرها من الفوائد الجمة التي تستطيع بلادنا أن تجنيها، إذا ما نجحنا في الاستثمار في الحضارة.

إنّ الاستثمار في الحضارة ليس مجرد مصطلح نصيغه لإضفاء رونق لغوي أو نعزز به مكانة السياحة الثقافية، بل إنّه واقع يتعيّن على الجهات المعنية في وطننا الغالي أن تلتفت إليه وتتبناه وتبني على أساسه العديد من خطط الجذب والترويج. ولعلّ وضع خريطة متكاملة للمواقع التراثية والثقافية التي تنتشر في السلطنة من أقصاها إلى أقصاها، يمثل خطوة أولى نحو إدارة رشيدة لهذا القطاع الفعّال، ومن ثمّ إقامة المنشآت السياحية والخدمات والمرافق على مقربة منها، الأمر الذي من شأنه أن يجذب العديد من الاستثمارات، ويحوّل بلادنا إلى قبلة إقليمية يتوافد عليها عشاق الأصالة ومحبو الاستكشاف والتعرف على الحضارات القديمة، التي أسست للعديد من القيم الإنسانية وأسهمت في بناء منظومة بشرية حضارية، ألقت بثقلها المادي وغير المادي على الإنسان المعاصر.

فكم من فنان وموسيقي ومبدع ومبتكر استلهم من الحضارات القديمة ما يخدم إنسان القرن الحادي والعشرين، وكم من عمل إبداعي حاكى في جوهره أسطورة قديمة تداولتها الأجيال.

الفرصة الآن متاحة أكثر من أي وقت مضى للاستفادة من السياحة الثقافية، في ظل استضافة السلطنة أعمال المؤتمر العالمي الثاني لمنظمة السياحة العالمية ومنظمة اليونسكو حول السياحة والثقافة، خاصة وأنّ هذا الحدث العالمي يجمع تحت مظلة انعقاده في مركز عمان للمؤتمرات والمعارض، 700 مختص من داخل وخارج السلطنة، يمثلون 70 دولة حول العالم، وبحضور 30 وزيرًا للسياحة والثقافة.

ويبقى القول أنّ تنامي الاهتمام بالقطاع السياحي، يدفعنا إلى البحث عن كافة الوسائل والسبل القادرة على إدارته بكفاءة وجدارة، مع التركيز على إيلاء التنمية وتحقيق النمو الاقتصادي أولوية تعيننا على قطف ثمار النجاح والتميز.

تعليق عبر الفيس بوك